أوضحت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، أن "المشهد الحقوقي بشكل عام ببلادنا خلال سنة 2022، التي هي موضوع هذا التقرير، ظل على حاله دون أن يطاله أي تغيير أو تطور إيجابي حقيقي يذكر، تجلّله الانتهاكات المتواترة والاعتداءات المتوالية على مختلف الحقوق والحريات".
وأضاف تصريح صحفي، تلاه رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، صباح اليوم الخميس، أنه "للتغطية على هذا الوضع برز لدى الدولة توجه نحو تنصيب بعض المؤسسات ناطقة باسم الحكومة في مجال حقوق الإنسان؛ كما هو الحال بالنسبة للمندوبية الوزارية لحقوق الإنسان والمندوبية العامة لإدارة السجون، اللتين انبريتا، بشكل ملحوظ ومكشوف، للرد على أي تقرير وطني أو دولي حول الانتهاكات التي تطال حقوق الإنسان ببلادنا ببلاغات تجتر نفس الخطاب المغلوط وتكيل للحركة الحقوقية المستقلة الوطنية والدولية الاتهامات المجانية وغير المسؤولة".
وتابعت: "يبدو من خلال ذلك، أن الدولة تسعى إلى جعل خطابها واحدا ووحيدا لا يقبل النقد، ويحاول محو أي خطاب يناقضه. وهو ما يؤكد أن الوضعية السيئة لحقوق الإنسان ببلادنا ليست مرتبطة بظرفية ما عابرة، بل هي ناتجة عن خيار سياسي مرتكز إلى تضخم الهاجس الأمني والسلطوية، يحاول نفي الدور الحمائي للمؤسسات والمنظمات العاملة في مجال حقوق الإنسان، التي لم يعد صدر الدولة يتسع لها ولعملها".
وأشار إلى أنه "إذا كان جزء من الخروقات التي جرى رصدها خلال السنتين الماضيتين 2020 و2021، يمكن أن ينسب إلى حالة الطوارئ الصحية واعتماد المعالجة الأمنية كأسلوب لتدبيرها؛ فإن الخروقات المسجلة خلال سنة 2022 لا يمكن تفسيرها وربطها سوى بخيار الدولة الهجوم السافر والمتواصل، منذ على الأقل سنة 2014، على ممارسة الحريات العامة الضرورية والمميزة لكل مجتمع ديمقراطي، وسعيها الذي لا يفتر نحو الإجهاز المبرم على مجمل ما راكمته بلادنا، بفضل نضالات وتضحيات شعبية غالية ومكلفة، من مكتسبات في مجال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية؛ وذلك لفائدة ليبرالية متوحشة هجينة متراكبة مع اقتصاد الريع، ومتداخلة مع الفساد والنهب المنفلت من كل رقابة للثروات والخيرات الوطنية".
وأبرزت الجمعية أن "الوضع الحقوقي ما انفك يطالعنا، سنة بعد سنة، بمشاهد قلما تخلو من المتابعات والاعتقالات والمحاكمات المنصوبة لقص الألسن الناقدة والمنددة بالسلطوية وأذرعها الأمنية، وتحجيم أي نزوع احتجاجي يروم المطالبة بالكرامة والحرية والحق في العيش الكريم، أو وقف نزيف التراجعات التي باتت تقوّض مجمل المكتسبات الاجتماعية، وتسلّع الخدمات العمومية الأساسية وتخوصصها. كل هذا على خلفية سمتها العامة الاستهداف الممنهج والصارخ لحرية الرأي والتعبير وحرية الصحافة والتدوين، وتشديد الخناق على الحق في التنظيم والتجمع والتظاهر السلميين، وإغلاق الفضاءات العمومية أمام الهيئات المدنية والديمقراطية، وإطلاق العنان للسلطات لخرق سيادة القانون بشكل فاضح ومعلن، في إفلات تام من المساءلة والعقاب".
وأشارت إلى أنه ّيوجد بالسجون المغربية العديد من المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي، الذين علمت وتابعت الجمعية حالات الكثيرين منهم. ومنهم معتقلو حراك الريف وعددهم 9 (ثلاثة منهم محكومون بعشرين سنة، واثنان بحمسة عشر سنة، وواحد بعشر سنوات، وواحد بست سنوات)؛ ومن تبقى ممن يطلق عليهم "معتقلو السلفية الجهادية"، الذين ما فتئت الجمعية تعتبر أن الكثير منهم اعتقل على خلفية آرائه وقناعاته الدينية، وتعرض لانتهاكات بليغة تمثلت في الاختطاف والتعذيب والمحاكمات غير العادلة، وعددهم 6 من مجموعة بلعيرج (منهم واحد محكوم بالمؤبد وحمسة بثلاثين سنة)؛ ثم الحالات الحديثة من الذين اعتقلوا على خلفيات تدوينات أو منشورات أو فيديوهات عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو تحقيقات صحفية، أو بسبب مشاركتهم في احتجاجات سلمية خلال السنتين المضيتين، وعددهم حوالي 140 معتقلا/ة، تتراوح الأحكام في قضاياهم ما بين ست سنوات وثلاث سنوات وسنتين وسنة وبضعة أشهر أو البراءة بالنسبة لخمسة منهم؛ إضافة إلى العشرات من الاستدعاءات والتوقيفات والمتابعات القضائية التي بقيت مفتوحة كسيف مسلط على رقاب المواطنين المعنيين بها. ليصل العدد الإجمالي للمعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي 175 معتقلا/ة خلال سنة 2022".