في هذا الحوار يدعو المهدي ورضمي الأمين، وزير العمل والتأهيل الليبي، الذي يقوم بزيارة للمغرب إلى عودة المهاجرين المغاربة الذين غادروا ليبيا بعد اندلاع الثورة الليبية سنة 2011 هربا من جحيم الحرب.
ويعتبر وزير العمل الليبي أن مغادرة المغاربة لليبيا كانت متفهمة بسبب اضطراب الأوضاع الأمنية، لكن هذه الأسباب قد زالت، ولا بد من عودتهم.
ويدعو الوزير الليبي الحكومة المغربية إلى إعادة فتح سفارتها بليبيا، قائلا "ليبيا تعيش الآن استقرارا، ونتطلع لإعادة التمثيلية الديبلوماسية المغربية في ليبيا في مطلع 2018".
وتطرق الحوار إلى وضعية المغاربة المحتجزين في مراكز الهجرة غير الشرعية بليبيا، فضلا عن الأوضاع السياسية التي تعيشها ليبيا في الآونة الأخيرة.
في أي سياق تأتي زيارتكم للمغرب؟
أولا، أشكرك كإعلامي على هذا اللقاء، ثانيا الدولة المغربية هي دولة صديقة، ودولة جارة شقيقة لعبت دورا كبيرا في استقرار ليبيا، واستضافت الحوار الليبي، الذي انبثق عنه اتفاق الصخيرات، والذي كان من نتائجه تشكيل حكومة الوفاق الوطني، التي أتشرف بتقلد منصب وزير العمل والتأهيل فيها، لذلك فتوطيد العلاقات السياسية يبقى واحدا من ضمن أهداف هذه الزيارة، لكن زيارتي لوزارة الشغل والادماج المهني تأتي أساسا في إطار التعاون في مجال الاستخدام والعمالة المغربية الموجودة في ليبيا، وكذا العمالة الليبية الموجودة في المغرب.
تأتي هذه الزيارة كذلك من أجل التنسيق والبحث عن كيفية الاستفادة من الخبرات المغربية في عدد من المهن الفنية بالذات كالكهرباء والبناء والفندقة، هناك كثير من المهن التي تحتاج لمهارات يدوية كالصناعة التقليدية، إذن فهدف الزيارة هو تفعيل الاتفاقيات الموجودة بين ليبيا والمغرب من أجل الاستفادة من اليد العاملة المغربية في ليبيا، خاصة بعدما غادر عدد كبير منها البلد بسبب الظروف الأمنية بعد اندلاع الثورة.
إننا اليوم وبعد تحسن الوضع الأمني نرى أنه من الضروري عودة اليد العاملة المغربية إلى ليبيا، كما أننا نتعهد بالحفاظ على كامل حقوقهم.
أزيد من 16 ألف مغربي غادروا ليبيا بعد اندلاع الثورة سنة 2011 هل من ضمانات تقدمونها لهم من أجل هذه العودة؟
نحن نتفهم سبب خروجهم من ليبيا، لأن الظروف الأمنية كانت غير ملائمة، لكن الآن الظروف الأمنية أصبحت مستقرة، وسبب مغادرتهم قد زال، لذلك نحن حريصون على عودتهم، نحن في أمس الحاجة إلى العمالة المغربية، خاصة فيما يتعلق بالفندقة والكهرباء والصناعات التقليدية، لذلك نحن اليوم من أجل تفعيل الاتفاقيات التي تجمعنا بالمغرب في هذا الشأن.
إغلاق السفارة المغربية في ليبيا بسبب اضطراب الأوضاع الأمنية زاد من معاناة المهاجرين المغاربة لديكم هل هناك مساع لتجاوز هذا المشكل؟
نحن كوزارة العمل والتأهيل نبحث أولا عن آليات وسبل تفعيل الاتفاقيات التي تهم العمالة، لكن كحكومة بصفة عامة هناك مباحثات مستمرة تقوم بها وزارة الخارجية الليبية مع الجانب المغربي لإيجاد آلية سلسة لعودة الديبلوماسية المغربية إلى ليبيا، وهذا سيأتي في حينه لا محالة، خاصة أن سبب المغادرة قد زال.
ليبيا الآن تتطلع لانتخابات حرة والاستفتاء على الدستور وتفعيل المصالحة بين كافة أبنائها دون إقصاء، وتشكيل حكومة موسعة تستطيع توفير الأمن والاستقرار، وتتعاون مع الدول المغاربية التي تبقى أهميتها كبيرة جدا في أي استقرار، نحن متفائلون ونتطلع إلى عودة الديبلوماسية المغربية في مطلع 2018.
في الوقت الذي تتحدثون عن أهمية اتفاق الصخيرات تأتي تصريحات الجنرال خليفة حفتر لتعلن نهاية هذا الاتفاق، ما انعكاسات هذا التصريح على الوضع الليبي؟
نحن كليبيين بعد الثورة، وكسياسيين وحقوقيين نتطلع إلى بناء دولة مدنية ديمقراطية تسع كل الليبيين بمختلف فئاتهم وتنوعهم الثقافي والسياسي والعرقي، نحن نتطلع إلى دولة مستقرة جامعة لكافة الليبيين، وقائمة على الحوار، واليوم ما يعرف بالحوار المجتمعي الليبي حقق تقدما كبيرا، وهناك مصالحات وطنية، ونحن نتطلع إلى مصالحة وطنية شاملة في الجنوب والشرق والغرب، مصالحة شعارها "لا إقصاء لأحد".
لكن ماذا عن الأصوات التي تقول بانتهاء اتفاق الصخيرات؟
بالنسبة إلينا اتفاق الصخيرات لازال قائما، وهو المرجعية الوحيدة التي يعمل الليبيون من خلالها للوصول إلى استقرار شامل.
أين وصل موضوع استرداد أموال الليبيين التي كانت تابعة للقذافي في عدد من الدول من بينها المغرب؟
هناك لجان قانونية مختصة لاسترداد أموال الليبيين بالخارج، نحن نعتبر أن كل أموال الليبيين الموجودة في الخارج "لازم ترجع" لليبيا، ولهذا فاللجان المختصة التابعة لحكومة الوفاق الوطني تقوم بجهود حثيثة مع الدول التي تتواجد فيها هذه الأموال من أجل إعادتها، خاصة أن ليبيا تعاني من أزمة اقتصادية خانقة .
كيف تنظرون إلى عودة المغرب لمنظمة الاتحاد الإفريقي؟
ننظر إليها نظرة إيجابية جدا، نحن نحيي جهود المملكة المغربية، وبالدرجة الأولى جهود جلالة الملك محمد السادس الذي قرر العودة إلى الصف الإفريقي، هذه العودة مهمة جدا وتعود بالنفع على كافة الأفارقة، نحن نتطلع إلى توافق إفريقي فالعصر اليوم هو عصر التكتلات.
وما موقفكم من قضية الوحدة الترابية للمغرب؟
الوحدة الترابية للمغرب جد مهمة بالنسبة لنا، لكن لا بد من حوارات بين المكونات المغاربية، الحوار على أسس صحيحة هو المخرج الوحيد، الحوار بالحكمة هو الذي يغلب وليس السلاح، وعندما تجلس الأطراف المتنازعة أو الفرقاء إلى طاولة الحوار نستطيع الوصول إلى حلول واقعية ويمكن تطبيقها، الحل الأمثل يكمن في الحوار ولا شيء غيره.
المئات من المغاربة محتجزين في مراكز الهجرة غير الشرعية بليبيا نريد منكم أن تقدموا لنا بداية لمحة عن هؤلاء، وعن الظروف التي يعيشونها؟
في مرحلة اللااستقرار والنزاع التي عرفتها ليبيا حصلت الكثير من المشاكل، هناك الكثير من المهاجرين والمهجرين احتجزوا بطريقة فيها تعسف، والآن هناك لجان ليبية مختصة تعمل بشكل حثيث مع السلطات المغربية من أجل إنجاح عملية الترحيل والعودة بطريقة سلسة
هل هناك أرقام محددة لعدد المحتجزين؟
ليست هناك أرقام محددة ودقيقة، لكن ما أريد التأكيد عليه هو طمأنة العائلات المغربية بخصوص عودة أبنائها، فحكومة الوفاق الوطني تعمل مع السلطات المغربية من أجل هذا الغرض، وكل شيء يتم بطريقة سلسة.
عدد من الشهادات تحدثت عن سقوط مغاربة في يد عصابات الاتجار بالبشر في ليبيا، هل هناك مجهودات لمنع حدوث مثل هذا الأمر؟
أثناء القتال وغياب الاستقرار تحدث تجاوزات وتعسفات ويحدث ظلم، لكن نحن في حكومة الوفاق الوطني نقف على هذه الإشكاليات ونحاول البحث لها عن حلول يمكن تطبيقها، لكن مشكلة الهجرة غير الشرعية هي مشكلة عالمية وليست مشكلة ليبيا.
إن ليبيا تحتاج إلى دعم من العالم لمكافحة الهجرة غير الشرعية، ليبيا دولة عبور، وليست دولة مصدرة، ولذلك فمعالجة مشكلة الهجرة غير الشرعية تقتضي معالجة الفقر والنزاعات والحروب، والبحث عن حلول للتغيرات المناخية.إذن فالجميع يجب أن يتحمل مسؤوليته من دول الجوار وأمريكا والاتحاد الأوروبي.
أين وصلت جهود حكومة الوفاق الوطني في مكافحة الإرهاب والجماعات المسلحة؟
جميع الليبيين يتحدون ضد مكافحة الإرهاب، ونتعاون مع العالم لمكافحته، الإرهاب لا دين له، لا مكان له، لا وطن له، الإرهاب عدو الجميع، والليبيون يتحدون شرقا وغربا لمحاربته، نحن استطعنا القضاء على الإرهاب وعلى داعش في سرت، وفي صبراتة.
واليوم نتطلع إلى الاستقرار والقضاء نهائيا على الإرهاب، العالم أيضا يقف مع الليبيين ضد مكافحة الإرهاب.
هل هناك تنسيق مع الجانب المغربي في مكافحة الإرهاب؟
المغرب دولة قوية، وتضم مؤسسات قوية جدا في مكافحة الإرهاب وإرساء السلم الاجتماعي والاستقرار، وبالفعل نحن نستفيد من الخبرة المغربية في مكافحة الارهاب.
إن المغرب مخزون في كافة المجالات، وأؤكد لك أن هذه الزيارة أتاحت لنا الاستفادة من المغرب في مجالات أخرى كتمكين المرأة وذوي الاحتياجات الخاصة، ونحن في حاجة ماسة إلى خبرته، خاصة أن الثورة خلفت عددا كبيرا من المصابين والمعطوبين ومبتوري الأطراف
هل يوجد لديكم سجناء مغاربة متورطين في الإرهاب؟
أي متورط ينال جزاءه، لا أستطيع أن أخص بالذكر المغاربة، لكن هناك أناس كثيرين تورطوا في هذه الأعمال المجرمة عالميا، وهم يعاقبون الآن.
هؤلاء الذين أصيبوا خلال الثورة هل فكرتم في تعويضهم وعدم تركهم؟
هناك تعويضات جمة لكل المصابين ومبتوري الأطراف، وهناك وزارة خاصة بالجرحى والمعطوبين، كما أننا في وزارة العمل والتأهيل قررنا منح 5 في المائة من مناصب الشغل الخاصة بكل قطاع لذوي الاحتياجات الخاصة، فضلا عن تدريبهم وتأهيلهم لإيجاد فرص الشغل.
كلمة أخيرة للمغاربة الذين غادروا ليبيا بعد اندلاع الثورة؟
نقول لهم إن سبب مغادرتكم لليبيا قد زال، وأنتم الآن مرحب بكم، ليبيا تعرف الآن استقرارا وتحتاج لخبرتكم.