صورة: رشيد تنيوني
في الجزء الثاني لحوار "تيلكيل عربي" و"Telquel" مع الأمين العام السابق لحزب الاستقلال حميد شباط، يكشف لأول مرة كواليس اجتماعه مع الأمين العام الحالي نزر بركة، وما دار بينهما من نقاش، وما تم الاتفاق عليه.
ويثير الحوار مع شباط ملف "بلانات الشينوا" الذي يطارده كلما أثار رغبته في العودة للترشح في فاس، وهل فعلا سبق وتم التحقيق معه في هذا الملف؟
الشعبوية، وضريبة تقربه من بن كيران في زمن ما سمي ب"البلوكاج الحكومي"، وموقفه اليوم من حزب العدالة والتنمية، وتوقعاته بخصوص نتائج الانتخابات التشريعية القادمة، وكواليس اللقاءات التي عقدها منذ عودته إلى المغرب، مواضيع وأخرى يجيب عن أسئلتها، شباط الذي اختار أن يطلق رصاص كلماته بدون كاتم للصوت.
*توقفنا في الجزء الأول من الحوار عند رأيك من دور حمدي ولد الرشيد داخل قيادة حزب الاستقلال. لماذا في رأيك ترفض اللجنة التنفيذية ترشحك خلال الانتخابات القادمة؟
كما قلت لك في السابق، القيادة الحالية للحزب تدبر الانتخابات من منطلق التدبير للمؤتمر الوطني القادم.
أعتقد أنهم يتوقعون إن فاز شباط في الانتخابات القادمة، سوف يأتي للمؤتمر، ويفوز مرة أخرى بمقعد في قيادة الحزب، أظن هذا هو الحساب الذي يدور بينهم.
*هل تعتبر أن الأمين العام لحزب الاستقلال نزار بركة مخطئ في تدبير هذه المرحلة؟
اللجنة التنفيذية أي قرار تتخذه بالتضمان، وإن ارتكبت أخطاء، فهي مسؤولية الجميع.
*لكن يبقى هو الأمين العام.
عندما انتهى المؤتمر الأخير كما قلت لكم في السابق، تناولت الكلمة وطلبت من الاخوان، أن لا يكون رد فعلهم كما وقع عندما استلمت أنا الأمانة العامة للحزب.
اليوم إن كانت هناك أخطاء فإن اللجنة التنفيذية هي من تتحمل المسؤولية، وأن مقتنع أن مساهمة الأمين العام فيها ضئيلة جداً.
هناك ضغط، وليس أمام الأمين العام الكثير من الحلول. إما أن يحافظ على وحدة الجهاز القيادي مجتمعاً، أو سوف يتشتت الحزب، وأي خيار آخر مكلف جداً.
ما أتمناه، أنه إن كان هناك حكماء للحزب مازالوا على قيد الحياة، يمكن أن يتدخلوا لوقف العواقب الخطيرة.
*أمام الوضعية التي سردتها من وجهة نظرك حول الوضعية التي يعشيها حزب الاستقلال. هل فكرت في خوض الانتخابات القادمة بلون حزب آخر؟
ما يهم اليوم هو العودة من أجل ساكنة فاس. الترشح فقط من أجل الترشح لشق حزب الاستقلال، هذا غير ممكن، لأن هذه الخطوة سوف يتبعها العديد من الأعضاء على المستوى الوطني.
أنا أقدم الحساب أمام الجميع، إذا كان 34 عضو من اللجنة التنفيذية ضد حميد شباط، يجب أن يعودوا للأرقام التي حصلوا عليها، ويقارنوها مع ما أحصده من أصوات.
النتائج التي أحصل عليها، تخيفهم، بل وصولوا حد حرمان مجموعة من البرلمانيين الذين كانوا خلال مرحلة قيادتي للحزب من التزكية، وهذا خطر على الحزب.
*هل هناك أمثلة عن برلمانيين تمت ازاحتهم كما قلت؟
نعم. تم حرمان برلماني تازة من التزكية رغم أنه ناجح بنسبة 100 في المائة خلال الانتخابات القادمة، وتمت تزكية آخر من حزب الأحرار.
في قلعة سراغنة عندنا برلماني من أحسن الكفاءات البرلمانية في المغرب، وهو خبير مالي كبير، تمت ازاحته بدوره، وتزكية رئيس جماعة قروية مكانه.
هذه مقاعد كل المؤشرات تدل على أن حزب الاستقلال سوف يفوز بها، ويتم التضحية بها هكذا.
هناك أيضاً برلماني من خيرة أطر حزب الاستقلال نواحي الراشيدية تحديدا أرفود، بين عشية وضحاها جرد من انتمائه، وتعرض للهجوم كي لا يترشح باسم الحزب، والآن قرر دخول الانتخابات التشريعية باسم حزب الاتحاد الاشتراكي.
*بروفايل مثل شباط في فاس، ويقول إن قناعته الترشح فقط للانتخابات المحلية، ومتأكد من صلابة قاعدته الانتخابية. كل هذه العوامل ألم تغري قيادات أحزاب أخرى لاستقطابك والترشح باسمها؟
ليس لديها ما تفاتحني فيه. كل القيادات الحزبية إلى اليوم أصدقاء، ونتبادل الآراء في مجموعة من الأمور، يمكن كانت هناك إشارات في الجلسات التي تجمعنا، ولكن نقاش مباشر وصريح حول الموضوع، لم يكن.
*يعني لم تتلقى أي عرض بشكل مباشر ورسمي للترشح باسم حزب آخر؟
لا. بالنسبة لي هذا ليس هو الموضوع، ولا أريد أن أعطي صورة سيئة عن عودتي، بمغادرة حزبي إلى حزب آخر من أجل مقعد.
يجب أن تفكر قيادة الاستقلال قبل غيرها في من له القدرة على دخول غمار الانتخابات في فاس.
*ولكن إذا تمسكت بموقفها ورفضت بشكل قاطع تزكيتك لخوض الانتخابات؟
من يحسم الترشيح على المستوى المحلي هي قواعد الحزب.
*قواعد الحزب تم حلها؟
"هديك هضرة خاوية".. كل ما تم القيام به هو خارج القانون، والمسؤول الذي عينوه على رأس الحزب محلياً، رغم كل المحاولات لم يستطع تجميعه محليا، ولن يستطيع.
الناس "تقهرت" في فاس، وهناك طموح للتغيير، أنا إلى زوال، ولكن يجب أن تقتنع القيادة بأن المدينة لا تتحمل المزيد من التحالفات "المخربقة".
*ارتباطاً بمدينة فاس وبعد اعطائك لإشارات بأنك تطمح للترشح مجدداً. عاد ملف "بلانات الشينوا" للظهور. هل أنت متورط في هذا الملف؟ وهل تم التحقيق معك بشأنه؟
شباط لم يسبق له أن توبع في ملف قضائي. منذ أن عدت إلى المغرب هناك من نشر خبر موتي.
"بلانات الشينوا" والحديث عن هذا الملف، أحمل مسؤوليته للعمدة الحالي للمدينة، بعدما بعث بقرار إلى المحافظة بتوقيف جميع الملفات التي مرت في عهد العمدة شباط.
ماذا كانت نتيجة هذا القرار؟ جميع المقاولات الكبرى التي ساهمت بنهوض التعمير في فاس غادرتها.
*لكن قرار العمدة الأزمي جاء بناء على رصد مخالفات في تصاميم التعمير. أي أنه يتم اعتماد تصميم خلال البناء مخالف للتصميم الأصلي الذي تم الترخيص له، وهذا الملف موضوع تحقيق ومتابعات قضائية. وهنا أريد جوابا مباشراً. لم يسبق التحقيق أو استدعاء حميد شباط بخصوص هذا الملف؟
نهائياً، نهائياً.
هذا ملف فيه الكلام الزائد أكثر من الوقائع الحقيقية. المشكل اليوم هو المشاريع التي توقفت في فاس، وحسب آخر المعطيات التي أتوفر عليها أعدادها بالمئات.
عندما فاز العمدة الحالي كنا صوتنا عليه، تعرفون لماذا؟ لأنهم يتقنون فن المظلومية.
قلت للاخوان يجب أن نتركهم يشتغلون كما يشاؤون، وطلبنا منهم فقط، اتمام المشاريع التي بدأنها، ولكن ما صدر عن الأزمي بعد ذلك، يظهر لك أنه كان إنسانا حاقدا علينا لا غير.
*نود العودة معك إلى موضوع الحزب. خلال تواجدك بالخارج هل كانت لك اتصالات مباشرة مع اللجنة التنفيذية؟ وهل عقدت لقاءات مع الأمين العام أو قيادات بعد عودتك؟
طبيعي. عندما عدت عقدت لقاءين أساسيين.
اللقاء الأول مع الاخوة في الاتحاد العام للشغالين، وتناولنا وجبة الغذاء عند الأخت خديجة زومي، وكان معنا الأخ ميار.
وطرحت عليهم لم شمل النقابة، وفتح قنوات التواصل مع من غادرنا إلى نقابة أخرى من أجل عودتهم، الجواب كان دائماً تكرار أنه مجموعة من الأشخاص غير صالحين لنا.
لم يتم تنفيذ ما اتفقنا عليه، وقالوا إننا سنجتمع مرة أخرى بعد 15 يوماً من تاريخ لقاءنا، لكن لم نعقد اللقاء المتفق عليه.
بالنسبة للسيد الأمين العام وهذه أول مرة أقولها، نعم بعد عودتي جلسنا، وناقشنا، لذلك لا أحمله المسؤولية.
*ماذا ناقشتم؟
جلسنا لقرابة ساعة، من الساعة الخامسة إلى السادسة مساء رأساً لرأس.
وبعد تبادل التحية والكلام الرسمي، خضنا في مواضيع كثيرة، خاصة حول مدينة فاس، وكيف يجب أن نسترجعها.
كما طرحت عليه هيكلة أجهزة الحزب في المدينة، وعدد الفروع الجاهزة، وأيضا ناقشنا حيث لا يمكن التوصل إلى توافق، وقلنا إننا على أبواب الانتخابات، لنتركها كذلك، ونؤجل كل الخلافات إلى ما بعد موعدها.
كما عرضت أمامه طريقة العمل وتدبير الأمور. أكرر أنه بحكم ما جمعني به من نقاش واتفاقات، لا أحمله مسؤولية ما يقع، هناك أناس خلقوا مشاكل للحزب أتمنى "يهديهم الله".
لا يمكن أن نستمر في الخلافات ونحن على بعد أيام من تاريخ الانتخابات. ولا نريد أن نسلك طرقا أخرى، لأنه هناك اخوة يطالبون بالاحتجاج أمام المقر المركزي للحزب في الرباط، وأطالبهم أنا بأنه ليس هذا الوقت المناسب للقيام بهذه الخطوة.
*هل يؤدي حميد شباط ضريبة التقرب من عبد الإله بن كيران حين كان يشكل ما سمي بـ"حكومة البلوكاج"؟
هذا خطأ. ما هو الخطأ في هذا الموضوع؟ هو أن شباط كان مع الدستور.
اللجنة التنفيذية للحزب حينها، بما فيها أعضاؤها الذين يتكلمون اليوم، بالاجماع رفقة المجلس الوطني وافقت على المشاركة في حكومة عبد الإله بن كيران.
عندما أذهب إلى الدستور أجد أن الفصل 47 واضح، وهو أن الملك يعين رئيس الحكومة من الحزب الذي حصل على الرتبة الأولى في الانتخابات، وليس الحزب الثاني، هنا وقع المشكل.
لم يكن ممكنا من الناحية الدستورية تعيين رئيس حكومة آخر من خارج الحزب الذي حصل على الرتبة الأولى في الانتخابات التشريعية.
*من خلال جوابك يظهر أنه كان هناك من حاول اقناع حزب الاستقلال بهذا الطرح.
نعم هذا الأمر طرح علينا. وأجبت أننا لا يجب أن نحرج الملك.
*من طرح عليكم هذا الخيار؟
لندع هذه الأمور أصبحت من الماضي. المهم أننا رفضنا، وأخبرتهم أننا اقترحنا خلال مشاورات تعديل الدستور، إضافة فقرة تتحدث صراحة عن الخيار الثاني أمام الملك، أي أنه إذا تعذر على رئيس الحكومة من الحزب الأول، تشكيل حكومته، نمر إلى الحزب الثاني، لكن تم رفض هذا المقترح.
دستور 2011 جعلنا متحكمين في ما يسمى بـ"الربيع العربي"، وقررنا أن نبقى على نفس النهج "باش نسلو الشوكة بلا دم".
*مع ذلك يطرح السؤال حول كيف تغير موقفك من عبد الإله بن كيران حينها. قبل نتائج الانتخابات كنت توجه له ولحزبه سيلاً من التهم، وصلت حد ارتباطهم بتنظيمات متطرفة، وبعدها تغير كل شيء !
لم أكن معارضا لبن كيران "الله يهديكم"، هو شخص فقط، حينها كان التحدي هو احترام الدستور.
دخلت مع عبد الإله بن كيران في المعارك، لأنه لم يوفر ظروف نجاح البرنامج الحكومي الذي اتفقنا عليه.
عندما جاء عندنا وقال لنا إنه التقى كريستين لاغارد مديرة صندوق النقد الدولي، وأخبرتني بأننا يجب أن نقوم بمجموعة من الاصلاحات تمس الوظيفة العمومية والتوظيف بالتعاقد والرفع من سن التقاعد واصلاح صندوق المقاصة وعدم احترام محضر 20 يوليوز.
كل هذه الترجعات هي التي قادتنا لمغادرة الحكومة والمواجهة مع رئيس الحكومة وليس شخص عبد الإله بن كيران.
وبذكر محضر 20 يوليوز الذي وقع في عهد حكومة السيد عباس الفاسي، حزب العدالة والتنمية هو من قاد عملية احتلال المقر المركزي لحزب الاستقلال، وحين أمسك برئاسة الحكومة تراجع عن المحضر.
ويجب أن يتذكر المغاربة، أننا قبل مغادرة الحكومة التي كان يرأسها بن كيران، رفعنا إليه المذكرة الأولى ثم الثانية، ومع ذلك الرجل لم يتفاعل معنا.
بن كيران اقترح علي حينها أن أشارك في الحكومة كوزير، وقال لي بالحرف: "الآن عندنا ثلاثة أمناء عامين وزراء، يجب أن تلتحق بدورك"، ورفضت هذا الاقتراح، لأن الظروف كانت تشير إلى أنه الشعب سوف يتسول بسبب الإجراءات التي اتخذتها حكومته، بتزكية ودعم من حزبه.
لا يجب أن تكون ذاكرة المغاربة قصيرة، بن كيران وعد خلال 2011 برفع دخل المواطن المغربي بـ40 في المائة، وحصل العكس، وخلال نقاش الانسحاب من الحكومة، كنت أمازحه بالقول: "بغينا غير ربعة من ديك الربعين لي وعدت بيها المغاربة".
كوارث مرت في عهد حكومة بن كيران لا يمكن معها الاستمرار معه، وحين طرح علينا التعديل الحكومي، قلت له عدد الوزراء يجب أن يكون من 11 إلى 15، ونحن سوف نتخلى عن ثلاثة وزراء من أصل ستة كانوا معه في الحكومة.
ومع ذلك، ورغم كل ما وقع، خلال العام 2016 حين جاؤوا في الرتبة الأولى من حقهم دستوريا أن يتحملوا مسؤولية رئاسة الحكومة، ولا يمكن أن نقبل بخيار آخر غير هذا، خاصة أنه الأوضاع إقليميا ودوليا كانت لاتزال مضطربة.
*أكثر من مرة اتهم شباط بممارسة الشعوبية، وتم التخلي عنه هو ومجموعة من الأسماء عندما انتهت مهامها.
أنا شعبوي، وأعرفها هكذا "أن تجعل الشعب واع". بالتواصل معه والتقرب منه والتحدث بلغته.
التواصل ليس شعبوية، ومنذ دخولي إلى المغرب ألا يرى مجموعة من الفاعلين أن المغاربة في حاجة لما يصفونه بالشعبوية.
كم من لقاء عقدت وكم من حلقات للتواصل، ومن بقوا في قيادة حزب الاستقلال، ليضعوا لقاءتهم مقابل لقاءات شباط في مواقع التواصل الاجتماعي وسوف نرى كم يتابعونهم وكم يتابعني.
أنا مع شعار "هبط عند الناس، ماشي بخنشة تاع الطحين ولا قفة"، بل النزول عند الناس بشكل يومي.
إذا أرادوا نزع هذا الحق عنا بوصفهم لما نقوم به بالشعبوية فتلك مشكلتهم، أن أقول لهم إن الملاحظ أنه الانتخابات بالنسبة لحزب الاستقلال على الأقل، وكأنها موجودة في فاس فقط.
*هل يمكن أن نراك مستقبلا في حزب آخر؟
هذا الأمر محسوم، سبق وقلت سوف أترشح باسم حزب الاستقلال، وسوف أبقى فيه، وإذا أرادوا حتى تنظيم استفتاء في فاس مرحباً.
أو يأتوا بشخصية أخرى يمكن أن تعيد المدينة للحزب، ويجمع حوله الثلث فقط من الاستقلاليين، سوف أدعمه وأقود الحملة الانتخابية لصالحه، هذه ليست شعبوية (يضحك) هذا تحدي، وأنا أريدكم أن تبقوا تصفونني بالشعبوي.
*في كل مرة تتحدث عن فاس وكأنك راض تماماً عن ما قدمته للمدينة طيلة ولايتين. هناك مجموعة من الاختلالات خاصة المجالية التي لا يمكن القفز عليها، بالإضافة إلى الفوارق ما بين الأحياء في ما يتعلق بالبنى التحتية. هل تملك الشجاعة للقول أخطأت هنا؟
الخطأ يقع وهو إنساني.
*لكن حتى النقد الذاتي مهم، وأنت تنتمي لمدرسة أسسها من ألفوا كتاب "النقد الذاتي" (علال الفاسي)
النقد الذاتي نعم مطلوب. ولكن ما قدمناه لفاس كثير جداً، وأنا أقولها دائماً، ولدي الحق في ذلك.
قمنا بإنجازات على مستوى البنية التحتية وعلى مستوى تثمين العقارات وجعلنا منها هي قاطرة التنمية في المدينة. لم نعول على الدعم العمومي، بل على المداخيل الخاصة للمجلس.
أتحدث عن إنجازاتنا في فاس، لأنني ضد من يقول عندما صعدت لم يتركوني أشغل ويبدأ في تكرار أسطوانة العراقيل والسلطة، وهذا كلام مرجوع على أصحابه.
عندما تكون على رأس الجماعات لديك اختصاصات تمكنك من تنزيل مجموعة من الإنجازات وذلك في تعاون تام مع السلطة، ومحاولة الابتعاد ما أمكن عن التشنج من اليوم الأول، لأنه السياسة هكذا.
وقبل أن تبحث عن الصعود للقيادة يجب أن تملك خارطة طريق، وتكون مائدة تحليلك البسيطة واضحة أمامك.
يوم أمسكت بعمودية فاس عام 2003، ركزنا على ثلاثة مرتكزات هي: إيقاف نزيف الديون، ثانياً اتمام المشاريع الموقوفة، وثالثا تأهيل مدينة فاس.
وأنهينا مجموعة من المشاريع الكبرى من بينها المركب الثقافي والملعب الكبير، رغم أننا كنا نحتاج لـ11 مليار سنتيم لهذا الأخير، وأطلقنا المشاريع الموقوفة للخواص.
عندما أمسكنا فاس كانت قاعة واحدة مغطاة فقط لكرة السلة، وتركنا لهم اليوم 12 قاعة مغطاة، كانت مكتبة واحدة في فاس شيدنا خلال ولايتنا 12 مكتبة جديدة، وبقيت المكتبة الكبرى التي يجب أن تكون في العاصمة العلمية مشروعاً متأخراً يجب البدء فيه، مع العلم أن ميزانيتها كانت مرصودة.
*لكن هذا لا يخفي أن أحياء في فاس كانت ولاتزال تعيش التهميش، مثلا حي الـ45.
كان يجب أن ترى أحياء الـ45 وبن سودة ووولد الحاجة ولافيل بنفسها، قبل شباط وما بعده، ولكن باق المشاريع لم تكتمل لأنه تمت فرملتها بعد العام 2016، وبسبب التوقف لست سنوات، ما تم إصلاحه تدمر.
حي الـ45 لم يكن لهم الحق حتى في ادخال الماء والكهرباء، ولا طرق، ولا مساجد، وقلة المدارس، ومنحوا الترخيص لإضافة طوابق. حي بالـ45 سمي هكذا نسبة إلى مساحته بالمتر مربع، ولا يعقل أن لا تمنح لملاك هذه المنازل الصغيرة رخص إضافة طابق.
*لنمر إلى توقعاتك بالنسبة لنتائج الانتخابات التشريعية القادمة.
الأمور تتغير من وقت إلى آخر. كنت أقول إن حزب الاستقلال يمكن أن يحتل الصدارة، بشرط مراجعة مجموعة من الأمور، وأن يركز كل مسؤول على المدن والمناطق حيث يشتغلون ويبتعدون عن الأخرى.
*تعتقد فعلاً أن حزب العدالة والتنمية يمكن أن يخسر الرتبة الأولى؟
في ظل ما يقع "غير الله يحفظ". 10 سنوات الله يجعل البركة. إذا استمرت الأمور هكذا، سوف يعيش الناس أزمات خطيرة. المغاربة يعانون الآن، مع ظروف السكن ومصاريف الماء والكهرباء، وكل مناحي العيش.
ولا يجب أن نغفل الظروف التي مر منها المغرب بسبب جائحة "كورونا" وهي مستمرة، راه "الناس تزيرت"، إذا استمر حزب العدالة والتنمية في قيادة الحكومة كارثة.
*كيف تعلق على طموح أخنوش وحزب التجمع الوطني للأحرار لرئاسة الحكومة؟
"الأحرار" منذ ثلاثة أشهر تقريباً، غيروا من سياستهم، هذا هو الواقع. وتجاوزوا مرحلة الانشقاقات والاستقالات. قاموا بتغيير مجموعة من الأمور تعزز موقعهم في التنافس على الموقع الأول.
أضف إلى أنهم يقومون منذ مدة بالحملة الانتخابية الحقيقية، بالإضافة إلى استقطاب مجموعة من الوجوه.
*سؤال أخير. عودتك إلى المغرب قناعة شخصية أم هناك من قدم لك ضمانات دفعتك لذلك؟
تبحث عن أشياء أخرى (ضاحكا.. مبروك العيد). عودتي كانت مفاجئة خاصة بالنسبة لعدد من أعضاء اللجنة التنفيذية، بل صدموا.
أنا لم أعد في إطار صفقة مع أحد. مؤمن بقناعاتي وبلادي ولذلك قررت أن أعود للمشاركة السياسية مرة أخرى.
هناك من كتب أن حمدي ولد رشيد ضمن شباط ليعود إلى المغرب، لا أحتاجه أن يتدخل لي "والله يحفظ الجميع" (ضاحكا). "شكون أنت وشكون أنا؟" حتى تقوم بضمان شباط، ويجب أن يستنكر ما كتبه أولاده لأنه إهانة للوطن، يجب أن يعرف الناس حجمهم وحدودهم، و"كلشي ديال الله".