رفضت السعودية تهديدات بمعاقبتها فيما يتعلق باختفاء الصحفي جمال خاشقجي في اسطنبول وقالت إن المملكة سترد على أي عقوبات تفرض عليها بإجراءات أكثر صرامة وذلك وفقا لما نقلته وكالة الأنباء السعودية الرسمية اليوم الأحد.
وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قدد هدد بأنه سيكون هناك "عقاب شديد" إذا تبين أن خاشقجي قتل في القنصلية السعودية في اسطنبول. وخاشقجي منتقد بارز للسلطات السعودية وكان يقيم بصفة قانونية في الولايات المتحدة.
ونقلت وكالة الأنباء السعودية الرسمية عن مصدر سعودي مسؤول قوله "تؤكد المملكة رفضها التام لأي تهديدات ومحاولات للنيل منها سواء عبر التلويح بفرض عقوبات اقتصادية أو استخدام الضغوط السياسية أو ترديد الاتهامات الزائفة".
وأضاف المصدر "تؤكد المملكة أنها إذا تلقت أي إجراء فسوف ترد عليه بإجراء أكبر، وأن لاقتصاد المملكة دور مؤثر وحيوي في الاقتصاد العالمي، وأن اقتصاد المملكة لا يتأثر إلا بتأثر الاقتصاد العالمي".
بريطانيا وألمانيا وفرنسا مع الحقيقة والمحاسبة
ودعت بريطانيا وفرنسا وألمانيا السلطات السعودية والتركية إلى إجراء "تحقيق موثوق به" في اختفاء خاشقجي قائلة إنها تتعامل مع هذا الحادث "بأقصى درجات الجدية".
وقال وزراء خارجية الدول الثلاث في بيان مشترك "هناك حاجة لإجراء تحقيق موثوق به لمعرفة حقيقة ما حدث وتحديد المسؤولين عن اختفاء جمال خاشقجي وضمان محاسبتهم". وأضاف الوزراء الثلاثة "نشجع الجهود السعودية التركية المشتركة ونتوقع أن تقدم الحكومة السعودية ردا كاملا ومفصلا. وقد نقلنا هذه الرسالة بشكل مباشر إلى السلطات السعودية".
ولم يوضح البيان الإجراءات المحتملة التي قد تتخذها الدول الثلاث.
أسهم السعودية في النازل
وتسبب التهديد في تكبد سوق الأسهم السعودية، أكبر مصدر للبترول في العالم، خسارة قاربت 33 مليار دولار من قيمتها اليوم الأحد في أول مؤشرات المعاناة الاقتصادية التي قد تمر بها الرياض بسبب القضية.
وهبط مؤشر البورصة السعودية سبعة بالمائة مسجلا أكبر خسائره منذ دجنبر 2014 حين انهارت أسعار النفط. وتعافت السوق قليلا بعد ذلك لتسجل انخفاضا بنسبة خمسة بالمائة قبل فترة قصيرة من إغلاقها.
مساع في تركيا
وقالت مصادر تركية لرويترز إن التقييم الأولي للشرطة هو أن خاشقجي قتل عمدا داخل القنصلية. وتنفي الرياض تلك المزاعم.
وقال مصدران مطلعان لرويترز إن الأمير خالد الفيصل، وهو شخصية بارزة في الأسرة الحاكمة السعودية، التقى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لمناقشة اختفاء خاشقجي. ولم يقدم المصدران تفاصيل عن المحادثات.
وقال مصدر له صلات بأسرة الأمير يوم الجمعة إن الأمير خالد، أمير منطقة مكة، ذهب إلى تركيا بصفته مستشارا خاصا للملك سلمان.
مؤتمر استثمار في مهب الريح
ويعد رأس المال الأجنبي عاملا أساسيا في خطط السعودية بتنويع اقتصادها بحيث لا يعتمد فقط على النفط وتقليل نسبة البطالة لديها التي وصلت إلى 12.9 بالمئة.
لكن اختفاء خاشقجي دفع مؤسسات إعلامية ومديرين تنفيذيين للانسحاب من مؤتمر استثمار كبير من المقرر عقده في الرياض بعد أيام.
وقال نادي البرغوثي مدير إدارة الأصول في بنك الإمارات للاستثمار في دبي "يحدث ذلك في وقت تستعد فيه السعودية لحدث استثماري مهم ولا يريدون تعليق أو سحب الاستثمارات".
النفط وسيلة عقاب
ولم يحدد ترامب طبيعة العقوبة التي قد يوقعها على السعودية. لكنه أشار إلى أن واشنطن لا تريد الإضرار بعلاقات الدفاع الوثيقة مع الرياض وقال إن الولايات المتحدة ستعاقب بذلك نفسها إن أوقفت مبيعات العتاد العسكري للرياض.
لكن أعضاء في مجلس الشيوخ الأمريكي استخدموا بندا في القانون الذي يعرف باسم قانون (جلوبال ماجنيتسكي) المتعلق بالمحاسبة في مجال حقوق الإنسان ويلزم الرئيس بتحديد ما إذا كان شخص أجنبي مسؤولا عن انتهاك صارخ لحقوق الإنسان. واستخدم هذا القانون من قبل في فرض حظر على منح تأشيرات السفر وتجميد للأصول على مسؤولين روس.
كما يمكن للشعور المعادي للسعودية داخل الكونجرس الأمريكي أن يزيد من ضغوط ترمي إلى إقرار ما يعرف بقانون منع التكتلات الاحتكارية لإنتاج وتصدير النفط (نوبك) الذي يسقط الحصانة التي تحمي الدول الأعضاء في أوبك من اتخاذ إجراءات قانونية أمريكية بحقها.
وعارض رؤساء أمريكيون سابقون مشروع القانون لكن احتمالات التصديق عليه زادت بسبب انتقادات ترامب المتكررة لأوبك التي يتهمها بدفع أسعار النفط للارتفاع.
حادث خاشقجي وورطة بن سلمان
كما أثار اختفاء خاشقجي مخاوف من أن الأمر سيزيد الشعور بأن السياسة السعودية أصبحت أكثر غموضا في عهد ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الذي يتبنى مجموعة من الإصلاحات الاجتماعية لتحديث المملكة لكنه قاد أيضا سياسات أدت لتوترات بين الرياض وعدة دول أخرى.
وقالت مصرفية خليجية إن قضية خاشقجي إضافة إلى أحداث أخرى مجتمعة أصبحت عاملا مهما بالنسبة لبعض المستثمرين المحتملين في السعودية وإن مصرفها يتلقى العديد من التساؤلات من عملاء أجانب عن كيفية تفسير ذلك.
وقالت "الأمر تراكمي.. حرب اليمن.. الخلاف مع قطر.. التوترات مع كندا وألمانيا.. اعتقال ناشطات. كل ذلك يضيف للانطباع العام بأن صناعة السياسة تتم بشكل متهور وهذا يقلق المستثمرين".