وجد مرتادو القاعات والمراكز الرياضية أنفسهم أمام أبواب مغلقة، فسرعة انتشار وباء كورونا بالمغرب فرض إعلان تدابير احترازية صارمة، طيلة الثلاث أسابيع الأخيرة، من بينها تجميد أنشطة المرافق الرياضية، وملاعب القرب، والمسابح وغيرها، إلا أن ممارسة الرياضة من داخل البيوت يبقى خير بديل، لما لها من فوائد أيضا على الصحة النفسية، وتبديد القلق والهلع، الذي تسلل إلى المنازل، مع تسارع المستجدات المتعلقة بانتشار الفيروس بالمغرب وباقي دول العالم.
"اليوم أصبح ممكناً لأي شخص ممارسة الرياضة من داخل منزله، وبوسائل بسيطة ومتوفرة"، هكذا افتتح مراد راموز، صاحب قاعة رياضة ومعد بدني داخل المدرسة الكروية لنادي النصر السعودي، حديثه مع "تيلكيل عربي".
ووفق المعد البدني، فالقيام بالتمارين الرياضية المنزلية لا يشترط وجود معدات خاصة يجب التقيد باستعمالها، بل من الممكن الاستعانة بوسائل بسيطة، تضمن الحصول على تدريب شامل للجسم وعضلاته، وفق برنامج يومي، حسب قدرة كل شخص.
راموز قدم قائمة من التمارين الرياضية، التي يمكن تطبيقها في المنزل، كما في القاعات الرياضية، مشددا على عدم ضرورة وجود مدرب لتسييرها، وأشهرها حسبه، تمارين الضغط المعروفة باسم "push ups"، إضافة إلى التمارين الهوائية، باستعمال الحبل للقفز (jumping jacks)، والتي تصلح داخل الغرف الصغيرة، كما في الفضاءات المفتوحة.
تمارين حرق دهون البطن وتقوية عضلاته (crunch وV Ups)، من بين التمارين الرياضية أيضا التي ينصح القيام بها داخل المنزل، فهي لا تتطلب أي شيء، ما عدا الرغبة في الممارسة، حتى في ظروف الحجر الصحي، يضيف المتحدث ذاته.
وفي حديثه، عرج المعد البدني على تمارين أخرى تهم تقوية عضلات الفخذ، وشد عضلات الظهر العلوية، والقرفصاء، والخاصة بالاندفاع، موضحا بأن كل متمرن يمكنه اختيار ما يلائمه منها، عبر الإنترنت الذي وصفه بالمصدر الهام لعدد من الأفكار والتمارين، وكذا الحصص المجانية، خصوصا بالنسبة للأشخاص الذين انقطعوا لفترة عن الرياضة لانشغالاتهم اليومية.
وعودة إلى الأشياء التي يمكن تعويض بها عدم وجود الآلات الرياضة، قال رموز: "أدوات منزلية عديدة يمكنها أن تفي بالغرض، كاستخدام كرسي لدعم التمارين الخاصة بالقرفصاء، أو أريكة لتسهيل الحركات الخاصة بالجزء العلوي من الجسم، مع إمكانية استعمال قنينات الماء أو حقيبة ذات ثقل، بالنسبة لتمرين القرفصاء أو الاندفاع، كما أن للمكنسة استعمالات رياضية".
المعد البدني نصح المبتدئين أو الأشخاص الذين عادوا لممارسة الرياضة، خلال فترة العزل الصحي الحالية، بعد توقف اضطراري، بالحفاظ على وتيرة معتدلة حددها في 3 حصص أسبوعيا، على أن لا تتجاوز كل واحدة منها 30 دقيقة.
في المقابل، يمكن للرياضيين والأشخاص، الذين فرض عليهم الحجر تحويل تداريبهم من القاعات المعتمدة إلى المنازل، الإبقاء على البرنامج ذاته الذي تعود عليه الجسم من قبل، وبشكل يومي أو على الأقل 5 مرات خلال الأسبوع، بوتيرة ما بين 40 و60 دقيقة.
ومن بين الأخطاء الشائعة التي يجب تفاديها، خلال ممارسة التمارين الرياضية داخل المنزل، حسب مراد راموز، عدم القيام بـالإحماءات الضرورية، مشددا على ضرورة تحضير جهاز القلب والدورة الدموية، للقيام بأي نشاط، وهو نفس الأمر بالنسبة للعضلات، خلال فترة لا تتعدى 10 دقائق.
كما تحدث المعد عن ضرورة التنفس الجيد، خلال الاسترخاء كما أثناء القيام بأي جهد، وشرب الماء خلال التداريب، لأن الجسم يفقد الكثير من سوائله، ويمكن للشخص التعرض إلى الجفاف، والتشنجات، وآلام عضلية.
وأخيرا، أوصى المعد البدني السابق للاعب عبد الرزاق حمد الله، بضرورة القيام بإطالات للعضلات والجسم، مباشرة بعد نهاية التمارين، مع خفض الوتيرة 7 دقائق قبل نهاية الحصة، لتتم عملية خفض حرارة العضلات بشكل معتدل دون أي مشاكل أو تشنج.
التغذية السليمة غير كافية لمحاربة الفيروسات
ولعل بقاء الأشخاص لفترة طويلة داخل منازلهم، بعد صدور قرار الحجر الصحي، قد يفتح الباب أمام عادات استهلاكية خاطئة داخل البيوت المغربية، يمكنها التأثير سلبيا على صحة الأشخاص، ومنهم ممارسو الرياضة.
نجاح ضيف الله، طبيبة تغذية بمدينة مراكش، أكدت، لـ"تيلكيل عربي"، أن الفهم الخاطئ لفترة الحجر الصحي التي دخل فيها المغاربة منذ أيام، قد تؤدي لظهور عادات غذائية خاطئة ومضرة، من بينها الرفع من عدد الوجبات اليومية، ظنا أن الأمر سيكون مفيدا لتقوية مناعة الجسم، والتصدي لـ"كوفيد 19"، أو الأكل بكميات كبيرة حتى بعد الشعور بالشبع.
ونبهت الطبيبة إلى أن وجبتين كاملتين، تتضمنان البروتينات والكربوهيدرات والدهون والفيتامينات والمعادن والماء، كافيتان لتلبية جميع الحاجيات الضرورية للجسم من الطاقة أو الإبقاء على النظام الغذائي المتعارف عليه (3 وجبات يومية).
نجاح ضيف الله نفت أن تكون التغذية المتوازنة، كما هو شائع، هي العامل الوحيد لتقوية مناعة الأشخاص ضد الفيروسات على المدى القصير أو الفوري، بل هنالك أمور أخرى يجب الحرص عليها بالموازنة مع الأكل الصحي، كالابتعاد عن التوتر والقلق، وجميع المؤثرات السلبية، والاستفادة من فترة نوم ذات جودة وغير مضطربة، مع ضرورة شرب كميات كافية من الماء (لتران على الأقل يوميا)، وممارسة الرياضة بالإضافة إلى صحة الأمعاء، التي يكمن دورها في امتصاص مكونات الأغذية.
الطبيبة شددت على ضرورة ممارسة الرياضة بالمنزل، بعد تراجع النشاط الحركي للأشخاص في فترة الحجر الصحي، ودعت إلى الاستعانة بتمارين بسيطة، منها أيضا الخاصة بالاسترخاء، التي يكون الجسم بحاجة لها، مع تزايد التوتر ومواكبة مستجدات الوباء الذي "أرعب" العالم...
الرياضة تساهم في طرد هلع "كورونا"
ما هي علاقة الرياضة بتحسين الحالة النفسية للأشخاص، وطرد الهلع الذي تسبب فيه انتشار فيروس كورونا؟ سؤال طرحه "تيلكيل عربي" على أنور رضا، دكتور الأمراض العقلية والنفسية بمستشفى ابن رشد بالدار البيضاء، في ظل الظروف الاستثنائية التي يعيشها المغاربة، بإعلان حالة الطوارئ الصحية، للتصدي للوباء.
أنور رضا أكد بأن ممارسة الرياضة تساعد على الإبقاء على التوازن النفسي للأشخاص، وتساهم بشكل كبير في تقوية مناعتهم، بعد أن فرض الحجر الصحي الحالي تغيير نمط حياة الأفراد، الذي ساروا عليه لسنوات، ويقول: "لطالما كانت الرياضة علاجاً فعالا، نحن كأطباء ننصح بممارستها، لتجاوز حالات الاكتئاب الخفيفة، وفق قواعد خاصة".
وعن أجواء الحجر الصحي ومواجهة أخبار وتطورات انتشار "كوفيد 19" بالمملكة، يرى المتحدث ذاته أن الرياضة تلعب في هذه الحالة دورا وقائيا لحماية الأفراد من الدخول في حالات الاكتئاب. وينصح بممارسة التمارين الرياضة لأربع مرات أسبوعيا على الأقل، وبوتيرة متوسطة، ما بين 30 و45 دقيقة يوميا، من أجل ضمان الاستمرارية.
وتابع أنور رضا حديثه مشيرا إلى ظهور عدد من التغيرات البيولوجية على الأشخاص بعد ممارسة الرياضة، عن طريق ارتفاع مادتي السيروتونين والدوبامين، ما يؤثر إيجابا على المناعة والمزاج والجانب النفسي، مشددا على أنه يمكن تبديد المخاوف ونوبات القلق بالرياضة، خلال فترة الحجر الصحي.
ووفق طبيب الأمراض النفسية والعقلية، فإن العشوائية في إدارة فترة الحجر الصحي غير مقبولة ولها من التأثيرات السلبية الكثير، لذا وجب بالإضافة إلى ممارسة الرياضة داخل المنزل والتكيف مع الأوضاع الجديدة، الحرص على نظام غذائي متماسك، والحفاظ على نظام النوم المُعتاد، مع عرض الجسم لأشعة الشمس، والانخراط في أنشطة يومية جديدة، سواء عبر الاستماع للموسيقى، مشاهدة الأفلام والرسم والقراءة، لتبديد النمطية التي يمكن أن يسقط فيها الأفراد.