دعا وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، أحمد التوفيق، أمس الأربعاء، من كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، إلى "إدراج درس يتناول البيعة في تاريخ الإسلام، وفي تاريخ المغرب على الخصوص ضمن برنامج الدراسات الإسلامية".
وأضاف الوزير في محاضرة له بعنوان "الدراسات الإسلامية إلى أين؟" أن "المغرب ظل البلد الذي يحتفظ بنظام البيعة سواء من جهة كونها تكتب من طرف العلماء الذين يوقعون عليها أو من جهة كونها تعاقدا مكتوبا على أساس التزام المبايع بالكليات الشرعية، أو من جهة تجديدها من فوق منابر الجمعة أو تجديدها كل عام بحضور ممثلي الأمة".
وأوضح الوزير أنه "ليس من الإنصاف، حرمان طلبة الدراسات الإسلامية من هذا الصنيع السياسي الغني ذي المضمون الكوني الذي يستند إلى الدين، والحالة أن أهل الحضارات الأخرى ما فتئوا ينظرون إلينا ويعاملوننا كبدائيين في أخلاق العلاقات السياسية".
وشدّد على أن "الإمامة العظمى قمة هرم بقية المؤسسات الدستورية، التي لا يجوز أن يغيب علمها عن الدراسات الإسلامية، الذي يفترض فيها أن يعالج جسدا، لا بد أن يعرف مكوناته، وكيفية اشتغاله، وفهم حركاته، والإنصات إلى آلامه، إذا كان تدخله في جسم خالي أو جثة ماتت منذ غابر العصور".
وأبرز أنه "مما ينبغي أن يفقهه طلبة الدراسات الإسلامية هو وقائع التاريخ التي جعلت طوائف من المسلمين تنفر من السياسة والحكام منذ حركة الخوارج، بالرغم من أن صلحاء الأمة من العلماء المؤسسين لهذا العلم المستنبط ما تصوروا الجماعة إلا بإمام يرجع إليه سياستها".
وأوضح أنه "ما زال بعض الكارهين للدين وعلمائه يلمزون العلماء بنسبتهم إلى المخزن، أي الدولة، كأن المخزن سُبة، وكان المخزن النواة الأولى التي نشأ فيها التنظيم الجماعي، لذلك استمر عند الموحدين، وسُمي مخزنا، وبعده أصبحت النواة الإجتماعية حول مكان يجمع فيه الناس ودائعهم وأوراقهم".
ولفت المتحدث ذاته إلى أنه "ما زال في الضفة الأخرى بعض المدخولين بالفكرة الخارجية، يبدي ما يشبه موقف هؤلاء، ولعل لأبي حامد الغزالي نصيبا في هذا الميل، لما تكلم عن علماء السوء، ولكن كل كلام لا بد أن يفهم في سياقه الخاص ودواعيه".
وأشار إلى أن "شعار مشيخة العلماء في المغرب الممثلة في المجلس العلمي الأعلى، هو عالم الأمة، ومعناه في أدبيات اليسار المناضل، كما كان عند غرامشي، اي المثقف العضوي، ولا نحتاج لهذه المماثلة مع ما في تراثنا من أوصاف طبقات العلماء الخادمين للأمة المضحين من أجلها".