موعد جديدة للقمة العربية في الجزائر.. وبوريطة: لا يجب أن تكون مجرد رافعة لغرض ما

بشرى الردادي

أعلن الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، أمس الأربعاء، أن "وزراء الخارجية العرب وافقوا بالإجماع على عقد القمة العربية على مستوى الرؤساء، في الأول والثاني من نونبر المقبل، بالجزائر".

وقال أبو الغيط في مؤتمر صحافي عقب اجتماع مجلس الجامعة على مستوى وزراء الخارجية في دورته الـ157، بالقاهرة، إن "الاجتماعات التحضيرية للقمة رقم 31 ستعقد في الأسبوع الأخير من أكتوبر القادم، على مستوى المندوبين الدائمين ووزراء الخارجية".

وكان من المقرر أن تعقد القمة العربية على مستوى الزعماء، خلال الشهر الجاري، بالجزائر، إلا أنها أرجئت بسبب وباء "كوفيد-19"، على غرار نسختي 2020 و2021.

وأكد الوزراء العرب، خلال نفس الاجتماع، على "ضرورة الوصول إلى حل دبلوماسي يرى المجلس أنه يشكل المخرج الوحيد من هذه الأزمة". كما طالبوا بـ"عدم تسييس عمل المنظمات الدولية والمتخصصة، وتجنب أي ازدواجية للمعايير الدولية".

وحذّر أبو الغيط في كلمته الافتتاحية للاجتماع من أن تكون الأزمة الأوكرانية سببا "في نسيان أو تناسي الأزمات العربية، التي ما زالت مشتعلة"، مضيفا: "أن ما يجري في العالم اليوم يتعين أن يذكر الجميع بأن منطقتنا تشهد أيضا صراعات أفرزت أزمات إنسانية مروعة. هذه الأزمات لابد أن تزعج ضمير العالم الذي انتفض لرؤية اللاجئين من أوكرانيا".

وبهذا الخصوص، قال وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، إن "القمة العربية مسؤولية وليست امتيازا، وينبغي أن تقدم قيمة مضافة وأن لا تكون مجرد رافعة لغرض ما"، داعيا إلى "الإعداد لها بشكل جيد ليس فقط من حيث المواضيع والعناوين. ولكن خصوصا وفق دفتر تحملات واضح".

وذكر بوريطة، في كلمته الموجهة للدورة الـ157 لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية، أن "القادة العرب أبانوا سنة 2000 من خلال اعتمادهم الملحق الخاص بتاريخ ودورية وانتظام القمم العربية، شهر مارس من كل سنة، عن إرادة وحزم في تنظيم أجنداتهم، وعن رغبة قوية في إعطاء مضمون لاجتماعاتهم ومناقشة القضايا الملحة بالنسبة لبلدانهم، بما يتلاءم مع تطلعات الشعوب العربية".

وأضاف، في هذا الصدد، أنه "تم احترام هذه الروح منذ ذلك التاريخ والعمل بذلك الانضباط بعيدا عن كل تكييف مع أية اعتبارات خاصة"، مبرزا أن "حرصنا على هذا المكسب الذي عزز ميثاق جامعة الدول العربية وأصبح من ضوابط عملنا المشترك، لا يوازيه إلا تشبثنا بالإرادة الجماعية والتوافق الذي يطبع قرارات الجامعة العربية".

وقال بوريطة، من جهة أخرى، إن "هذا الاجتماع ينعقد في ظل مستجدات إقليمية وعالمية بالغة الدقة والحساسية، وما تفرضه من تحديات حقيقية على أمننا الصحي والغذائي والطاقي".

ولفت، في هذا الصدد، إلى أن "المنطقة العربية تحتاج، أكثر من أي وقت مضى، إلى مسايرة المتطلبات المتجددة للمجتمعات العربية والتحديات المتسارعة التي تعرفها قضايانا العربية المركزية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية التي تشكل محور اهتماماتنا وأولوياتنا، بعيدا عن منطلق المزايدات والتوظيف السياسي".

وأكد بهذا الشأن أن القضية الفلسطينية "تمثل إحدى ثوابت السياسة الخارجية للملكة المغربية منذ الاستقلال، ويظل الملك محمد السادس حريصا عليها ومتشبثا بالدفاع عنها".

وأضاف أن "نصرة هذه القضية ينبغي أن يأخذ أساليب ومناهج مختلفة تجعلها منسجمة مع تطورات العصر لكي تكون أكثر فعالية"، مشددا على أن "المغرب من هذا المنطلق، لن يذخر وسعا في دعم هذه القضية العادلة انطلاقا من المتغيرات التي تحدث، حتى يحقق الشعب الفلسطيني تطلعاته في إقامة دولته المستقلة على حدود الرابع من يونيو عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، على أساس حل الدولتين، ووفق المرجعيات الدولية المعتمدة".

وبالنسبة للقدس الشريف، التي يترأس الملك اللجنة الدائمة الخاصة بها في إطار منظمة التعاون الاسلامي، قال وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج إن "الكل يعلم مدى أهمية المدينة المقدسة ورمزيتها، والضرورة الملحة للحفاظ على وضعيتها القانونية والتاريخية، وعلى طابعها الديني والثقافي والحضاري، فضاء للتعايش بين الديانات السماوية الثلاث، وكرمز للسلام".

وفي سياق آخر، عبّر الوزير عن الأسف لكون المساهمة العربية في تسوية النزاعات التي تشهدها المنطقة العربية ظلت "محدودة"، و"في بعض الأحيان متناثرة"، مشددا على أن هذا الأمر "ليس قدرا محتوما يرغمنا على الاستسلام، بل إنه معطى من المفروض أن يحثنا على مزيد من التنسيق والاجتهاد للتحكم في مصيرنا".

وقال إن "عددا من المبادرات التي قامت بها دول عربية في هذا الاتجاه كانت مفيدة للغاية، كما هو الشأن بالنسبة لما اضطلع به المغرب، بتوجيهات من الملك محمد السادس، تجاه الأشقاء الليبيين، من خلال توفير أحسن الظروف، لتحفيزهم على إيجاد الحلول المناسبة لبناء دولتهم العصرية والنهوض بها".

واستعرض الوزير أيضا تأثيرات جائحة "كورونا" التي قال إنها "أجبرتنا على مراجعة كاملة لأنماط تنظيمنا السياسي والاقتصادي والاجتماعي"، مضيفا أن "هذا الوضع زاد تعقيدا في ظل تأزم المشهد الدولي الحالي المتسم بتزايد التحديات السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والأمنية، والبيئية".

وأشار بوريطة في ختام كلمته، إلى أن "الأمن الغذائي والطاقي، باعتبارهما من صميم الأمن القومي العربي، يحتاجان إلى تفكير جماعي يأخذ بعين الاعتبار، كل هذه العوامل التي من شأنها تهديد مستقبل المنطقة واستقرارها".