افتتاحية: لقمة العيش

افتتاحية تيلكيل عربي
أحمد مدياني

إن سألت السواد الأعظم من المغاربة عن أهدافهم خلال العام الجاري والقادم، سيكون الجواب: ضمان لقمة العيش، وتأجيل كل ما يدخل، بسبب أوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية، في خانة الكماليات، وإن كانت في الأصل أساسيات للعيش الكريم.

والحال هنا ليس كلمات إنشائية، بل ترجمة لأرقام رسمية صادرة عن المندوبية السامية للتخطيط، بداية العام 2024.

ماذا تقول المندوبية؟

في آخر تقرير لها عن وضعية الأسر المغربية، وإمكانية ادخارها من راتبها أو مواردها المالية، أعربت 90,4 في المائة من الأسر عن تشاؤمها بشأن قدرتها على الادخار خلال السنة المقبلة، في حين صرحت 9,6 في المائة بتفاؤلها بهذا الشأن.

تقرير المندوبية يؤكد استمرار تدهور قدرة الأسر على الادخار، حيث استقر المؤشر عند ناقص 80,7 نقطة، مقارنة بالفترة السابقة التي كان فيها ناقص 80,4 نقطة، وناقص 77,7 نقطة خلال نفس الفترة من العام 2022.

تدهور قدرة الأسر المغربية على الادخار والاستفادة، ولو قليلا، مما يتجاوز دائرة الاستهلاك والمصاريف على الصحة والتعليم والنقل والسكن، يعود بالأساس إلى ارتفاع تكلفة المعيشة وأسعار المواد الغذائية.

في هذا الصدد، أورد تقرير المندوبية السامية للتخطيط أن 99,7 في المائة من الأسر أكدت أن أسعار المواد الغذائية ارتفعت خلال الـ12 شهرا الماضية.

لماذا التذكير بهذه الأرقام اليوم؟

الحديث عنها يأتي في سياق ما حمله توقيع اتفاق الحوار الاجتماعي بين الحكومة والنقابات، وما تضمنه من قرارات الرفع من أجور الموظفين والأجراء.

والتسويق لذلك على أساس أنه "انتصار اجتماعي واقتصادي" لصالح فئات واسعة من الشعب المغربي، تصارع من أجل تأمين لقمة العيش، في سياق مؤشرات تنذر بموجة تضخم، حسب تحليلات الخبراء، بناء على تصريحات والي بنك المغرب عبد اللطيف الجواهري، عقب آخر مجلس إداري للبنك.

مؤشرات مثل نار مستعرة تحت قدر وضعت فيه 500 قطعة نقدية، سوف تنصهر بسرعة، بفرط حرارة الأسعار، وارتفاع كلفة أساسيات العيش.

أما ما حمله نص الاتفاق الاجتماعي بالنسبة إلى ذوي الدخل المحدود. يكفي فقط طرح سؤال:

هل لاتزال الدراهم المعدودة لأجور "السميك" و"السماك" تكفي المغاربة من أجل العيش؟