شهد حفل توقيع كتب الكاتب السعودي، أسامة المسلم، السبت الماضي، في المعرض الدولي للنشر والكتاب بالرباط، إقبالا هائلا من قبل الشباب واليافعين، مما أدى إلى إيقاف التوقيع بسبب حالة الطوارئ التي حصلت.
والتفّ حشد كبير من الشباب حول المسلم، في مشهد يعكس جاذبية هذا الكاتب الشاب وقدرته على جذب فئة عمرية غالبا ما يصعب الوصول إليها، خاصة في المغرب.
في هذا الصدد، عبّر المؤرخ محمد جبرون، في تصريح لـ"تيلكيل عربي"، أثناء تواجده في رواق دار الإحياء للنشر والتوزيع، قائلا: "صُدمت من المشهد، لأنني كنت حاضرا في المعرض، صدمني من جهة، لأنني فشلت في بناء علاقة مع جيل وفئة التي بدورها تقرأ ويهمها الكتاب، لكن لم أستطع الوصول إليها".
وأضاف الأستاذ الجامعي: "في المقابل، وصل إلى هذه الفئة كاتب آخر، بغض النظر عن مستوى ما يكتبه وقيمته، لكنه أحرجني بنجاحه، في الوصول إلى أبنائنا وقطعة عريضة من الشباب من أبناء المغاربة".
وأبرز المتحدث ذاته، أن "الروائي المذكور أعطاني أمل، بأن الكتاب لا زال يمكنه لعب دور تكوين عقلية الشباب، وله نفس القيمة، بعدما كنا نعتقد أن الشباب كلهم انصرفوا نحو الهواتف النقالة".
وتابع: "هذا الرجل أثبث لنا بالملموس بأن الشباب يمكنهم قراءة الكتاب، والذي ينقصنا كيف يمكننا أن نوصل لهم الكتاب؟ وما هي الوسائط؟ بالتالي هو أحرجنا بنجاحه، وبالنسبة لي أقدر له هذا النجاح، وأهنئه عليه، وأيضا حسسني بجانب من الفشل، هو أننا لا نستطيع الوصول إلى هذه الفئات التي بدورها متعطشة ولها فضول معرفي بعض النظر عن قيمة ما يكتبه الكاتب".
أورد: "الواقعة أكدت بأن الكتاب يمكن أن يعود إلى محفظة التلميذ والطالب وهذا أمر مهم".
ولفت الانتباه إلى أن "المعنى الحقيقي بأننا لم نستطع كمثقفين الوصول إلى تلك الفئة من الشباب، الوسائط التي نعتمدها ربما تكون قديمة، وطرق مقطوعة، والقضية ليست تقييم مستوى ما يكتب هذا موضوعا آخر، هو نجح للوصول إلى هذه الفئة".
وأشار إلى أنه "دائما لدينا أحكام مسبقة على الجيل الصاعد، ويمكن أن نقول عنه صورة نمطية عندنا بأن التلاميذ لا يقرأون وميؤوس منهم، تبث الآن، أن الموضوع ليس كذلك".
ونبه إلى "مسألة هنا، حتى المسؤوليين المعنيين بالثقافة الانتباه إليها، ذلك الحدث كشف لنا عن ظاهرة في الخفاء وتمتد ولا أحد علم بها، ويمكن أن أسميه بوصف تقليدي هو الاختراق الثقافي لشبيبتنا وأبنائنا وسرقة قلوبهم وعقولهم بطريقة ذكية في الوقت الذي يجب أن نحسن أبنائنا من الاختراقات من جهة، خاصة فيما يتعلق ببناء الذوق والوجدان".
وأكد أنه "نحن معنيون بمستقبل آبنائنا كمغاربة، و"تمغربيت" لا يمكن أن تتحقق إلا من خلال الثقافة فيها الرواية والشعر والتاريخ، وعلينا أن ننافس هذه أشكال الاختراق، ومنتوجنا المغربي الثقافي أن يصل إلى هؤلاء الشباب".
وذكر أنه "سمعت كلاما لا أدري ما صحته، عن عزم الوزارة تنظيم له حفلات توقيع في جهات المغرب، إذا كان هذا، فهذا خطأ جسيم ولنا روائيون مغاربة أكبر منه وأهم منه، والمسألة ليست أن يذهب للتوقيع، كتبه تباع وروايته وصلت، وعلينا أن نجتهد مع الروائيين المغاربة لكي نصل إلى هذا الجمهور".