حوار.. رئيسة جمعية: توصلنا بطلبات كفالة مخيفة تخص قاصرات الحوز

بشرى الردادي

في إطار تغطيتها للخلاصات والتوصيات التي قدمها المجلس الوطني لحقوق الإنسان حول تتبع وضعية الأطفال المتأثرين بزلزال الأطلس، تحت عنوان: "حماية حقوق الطفل في سياق زلزال 8 شتنبر 2023 – ملاحظات المجلس وتوصياته الأولية عبر رصده للفضاء الرقمي وزياراته الميدانية"، أجرى "تيلكيل عربي" حوارا مع فاطمة الوافي، رئيسة جمعية "أسرتي للآباء الكفيلين"، كشفت خلاله عن الكثير من كواليس الكفالة بالمغرب، والطلبات "المخيفة" التي توصلوا بها بخصوص كفالة فتيات زلزال الحوز، تحت ذريعة "بغيت ندير الخير".

عرفينا بالدور الذي تقوم به جمعيتكم..

مهمتنا هي مواكبة الأطفال إلى أن يحظوا بوسط عائلي. لنكن صريحين، مهما تم تقديمه للطفل في المراكز، من أكل، وملابس، وفراش، وألعاب..، إلخ، إلا أن ذلك لا يعوض حب ودفء العائلة.

لذلك، نقوم بالتحسيس فيما يخص الكفالة بالمغرب. هدفنا هو أن نصل إلى "صفر طفل في المراكز"، هدفنا يتجلى في أن يحظى كل طفل بحضن عائلي، لكن ليس أي عائلة كانت، وهنا يكمن الإشكال الكبير، حيث توجد عائلات غير مؤهلة نفسيا وعاطفيا للكفالة. هناك من لا يحن ولا يعطف على ابنه البيولوجي، فما بالك بطفل مكفول؟

ما يجب على العائلات معرفته هو أن الطفل المتخلى عنه ذو خصوصية مهمة، تكمن في أن فكرة التخلي ستبقى مرسخة في باله إلى الأبد. هناك من يبلغ من العمر 60 عاما وأكثر، ومازال، إلى حدود الساعة، يشعر بأنه تم التخلي عنه من طرف والديه البيولوجيين.

وما يحدث هو أن التخلي يكون سببا في ظهور تصرفات يصعب فهمها على بعض العائلات الحاضنة، ما يجعلهم، في لحظة من اللحظات، يرجعون الطفل المكفول إلى المركز، سواء بعد مدة قصيرة أو طويلة. إنه أمر صعب للغاية!

ما أريد التأكيد عليه هو أن الطفل المكفول ليس صنما، بل هو كغيره من الأطفال.

لكن العائلات تريد طفلا مثاليا، لمجرد أنه مكفول..

تماما. أغلبيتهم لم يسبق لهم الإنجاب. لذلك، تكون لديهم طموحات كبيرة بخصوص الطفل الذي سيكون ابنهم.

أغلبية الناس على هذه الشاكلة، فقط قلة قليلة من تحترم وتحب الطفل كيفما كان.

وماذا عن المتابعة النفسية للعائلات، لتفادي مثل هذه المشاكل؟

المشكل الكبير هو الغياب التام لهاته المتابعة، وهو ما نشتغل عليه، حاليا، حيث نطالب السلطات، التي يهمها الأمر، بإنزال قوانين في هذا الصدد.

لا يجب ترك الطفل مع الأسرة، بكل هذه البساطة. بل يجب متابعة ومراقبة الوضع، عن طريق مساعدات اجتماعيات، والتحقق مما إذا كانت العائلات قادرة على توفير جو جيد ودافئ للطفل، ومما إذا كانت مؤهلة أخلاقيا ونفسيا وعاطفيا؟ هاد التتبع ما كيدارش بشخص خدام في مكتب، ولا أحيانا كيسيفطوا الشرطة، راه ماشي مجرم هاد الشخص. هادو راهم عائلات!

لكن قبل كل هذا، ألا يتم إخضاع العائلة لتقييم نفسي؟

حينما توضع ملفات الكفالة على مكتب القاضي، فهو من يقوم بجميع الإجراءات، حيث ترفع إليه تقارير من طرف وزارة الداخلية، ووزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، والمجلس العلمي، والشرطة أو الدرك. لكن التقارير الخاصة بالجانب النفسي تبقى غائبة، بشكل كامل، وهذا ما نطالب بحضوره، خصوصا حينما نرى حالات لتعرض أطفال مكفولين لاعتداء جسدي ومعنوي.

عودة إلى إرجاع الطفل المكفول إلى المركز.. هل النسبة الأكبر من نصيب الصبيان أم الفتيات؟

(تضحك) المغاربة يطلبون فقط كفالة البنات، لأنها ثقافة شائعة. كيقولك البنت تتحن وتتوقف مع والديها فاش يكبروا. يعتبرونها "عكاز الشيخوخة".

وهنا، نعود، مرة أخرى، إلى فكرة التكوين والتأهيل. يجب على الدولة أن تقوم بدورها، كما نقوم نحن بدورنا، حيث نقدم تكوينات نفسية لفائدة 80 عائلة.

ما هو أنسب وقت وطريقة لمصارحة الطفل بأنه مكفول؟

في السنوات الأولى من عمره، لا تقل له: "راك أنت ماشي ولدي، راني غير ربيتك". كاين لي كيقولها هكذا، هادو مسطيين ولا ما فاهمينش!

ما يجب قوله هو: "أنت كنت في كريشة واحد الماما، ودابا أنت ولدي أنا، أنت دابا فقلبي أنا، كنبغيك بزاف، وغتبقى دائما معايا، وأنت هو ولدي، وأنا هي ماماك ولا أنا هو باباك". فالطفل بحاجة ماسة لسماع مثل هذه الكلمات الحلوة، حتى تبرد قرحة التخلي لديه.

وهنا، يجب أن أشير إلى أن الطفل المكفول يربط، مباشرة، أي موقف سيء يعيشه، بإحساس التخلي. فمثلا، حينما يموت شخص قريب منه، يعتقد أنه تخلى عنه ورحل. وحينما يحين موعد العطلة الصيفية، يعتقد أن القسم الدراسي تخلى عنه. هذه مواقف صعبة لا تنتبه لها العائلات، عادة.

كيف أتعامل مع الأسئلة المحرجة للطفل الذي أكفله، والتي تخص والديه البيولوجيين، أو لماذا تخليا عنه، مثلا؟

الأطفال، في بادئ الأمر، لا يسألون. هم فقط يقومون بتسجيل كل شيء، إلى أن يصلوا إلى سن ست أو سبع أو ثماني سنوات، ليفاجئوك، يوما ما، بسؤال: "أين هي السيدة التي أنجبتني؟"، و"لماذا قمتم بكفالتي؟". لكن ما هو مثير للاستغراب، أنهم لا يسألون عن الوالد.

من ناحية العائلة، لا يجب عليها التكلم مع الطفل كإنسان بالغ، بل يجب التكلم معه كطفل، كلام مليء بالحب والعطف والحنان. ماشي تقولو: "جبناك من الخيرية، ولا لقيناك فالزنقة".

بخصوص زلزال الحوز.. كانت لك مداخلة حول "الطلبات الغريبة" التي توصلت بها الجمعية فيما يخص التكفل بالطفلات. وضحي لنا الأمر أكثر...

كانت الطلبات مخيفة! فبعد مرور يومين أو ثلاثة أيام على الفاجعة، بدأنا نتوصل بطلبات عن طريق الهاتف أو الفيسبوك. الكل كان يسأل عن الفتيات فقط. وحينما سألناهم: "لماذا هؤلاء الفتيات بالضبط؟"، ردوا علينا قائلين: "بغينا نديرو حسنة".

سألناهم عن سبب اختيارهم لطفلات الحوز بالخصوص، رغم وجود الكثير من الأطفال في المراكز، الذين يحتاجون، بدورهم، لـ"الخير"، ليأتينا الجواب الصادم: "لا، هادو ماتوا ليهم واليديهم، الآخرين والديهم غير معروفين. ماشي بحال بحال".

بمعنى أن هؤلاء "أولاد الحلال"، وأولئك أولاد الحرام". هادشي كيضر فالخاطر! ما كاينش طفل ديال الحلال وطفل ديال الحرام، كلهم أطفال أبرياء لا تجب محاسبتهم على شيء.

أيضا، توصلنا بطلبات كفالة من طرف رجال عازبين، تخيلوا!

لكن الأمر غير مسموح به قانونيا!

صحيح، فالكفالة لا تصح سوى للأسر.

قالك: "ضاعوا ليهم والديهم، وبغينا نستروهم ونتزوجوهم". كيف يعقل أن يفكر رجل في الزواج من فتاة قاصر يتيمة فقدت، للتو، عائلتها، وتعيش صدمة نفسية كبيرة؟. أنت باغي زوجة وخادمة ما عندها لا ظهر لا سند. دير فيها لي بغيتي وما كاينش لي يحاسبك. ويقدر يكون الموضوع فيه حتى الاتجار بالبشر أو بيع الأعضاء. الله أعلم. كل شيء وارد مع هاته النوعية من البشر!

ردنا عليهم كان: "سيرو عند المسؤولين، إذا وافقوا يعطيوكم هاد البنيات، خودوهم".

أيضا، اتصل بنا مواطنون فرنسيون أرادوا كفالة أطفال من الحوز، بذريعة أنهم ضعفاء، والمغرب بلد فقير غير قادر على إعالتهم، فكان ردنا عليهم أنهم مخطئون، وأن المغرب قاد بوليداتو.

من جهة أخرى، عقدنا، في تلك الفترة، ندوة صحفية، كشفنا فيها ما حصل، بغية إخطار السلطات المغربية بما يفكر به البعض، حتى يتخذوا الاحتياطات اللازمة، ويحققوا في أمر كل من يذهب إلى تلك المناطق المنكوبة.