قصة طفل إيفواري هربته طفلة مغربية إلى إسبانيا في حقيبة

الطفل الإيفواري آدو في الحقيبة
سامي جولال

''كل شيء انتهى، سنبدأ في العيش مجددا، جميعاً؛ عائلتي، وابنتي، وابني وأنا في بيلباو'' في الشمال الإسباني، يقول علي أُووَاتَارَا، البالغ 45 سنةً، وهو أب لطفل ضُبِطَ مهربا داخل حقيبةٍ، في مركز حدودي في مدينة سبتة المحتلة، بتاريخ 7 ماي 2015. الأب تعذر عليه جلبه ابنه الأصغر بطريقة قانونية بسبب حاجته لـ56 يورو فقط إضافية في راتبه، لتسهل طفلة مغربية لم شمل العائلة، حسب نتائج التحقيق في القضية.

النيابة العامة طالبت بدايةً، بالحكم على الأب بثلاث سنوات سجناً، لكن مكتب النائب العام لم يأمر في نهاية المطاف إلا بتغريم الأب 92 يورو، وأن يخضع للحبس الاحتياطي لمدة ثلاثة أشهرٍ، لأن المحكمة لم تستطع أن تثبت أن هذا الأخير كان على علمٍ بالطريقة التي كان سَيُدْخَلُ بها ابنه إلى إسبانيا.

القرار النهائي تمَّ اتخاذه بسرعةٍ بعد استماعهم إلى الطفل آدُو البالغ من العمر 10 سنواتٍ، بحيث سألوه، وهم يُجْلِسُونَهُ بينهم وليس في المكان الخاص بالمتهمين، الأسئلة التالية:

من الذي وضعك في الحقيبة؟

طفلة مغربية.

هل كنت تتنفس جيداً بالداخل؟

لا، ليس جيِّداً.

الطفل، الذي كان يحلم دائماً بأن يلتحق بوالديه في إسبانيا، حاول تجنب توريط أبيه، مجيبا على سؤال ''كيف قال لك والدك أنك ستجتاز الحدود؟'' بالقول ''في سيارة، ولم يتحدث لي عن أي أمرٍ يتعلق بالحقيبة''.

قصة طفل الحقيبة لديها بعدٌ دوليٌّ وعالميٌّ، لكونها محاولة يائسة من أجل تجمُّعٍ عائلي "غير شرعي"، في زمن الهجرات الكبرى عبر العالم.

في خلفية القصة توجد مدينة سبتة المحتلة، التي يحاول المهاجرون كلَّ أسبوعٍ الوصول إليها، مما يجعلهم يدفعون حيواتهم ثمناً لأجل ذلك، عبر تسلق الحواجز الحدودية المرتفعة، أو عبر مواجهة خطر الموت غرقاً في البحر، ويختبئون بطرق خطيرةٍ في كل أنواع وسائل النقل.

ومن عبث الأقدار أن الأب، الذي كان يشتغل أستاذاً للفلسفة والفرنسية في أبيدجان، وصل إلى إسبانيا بطريقةٍ "غير شرعية" في 2006، وحينها كانت الكوت ديفوار، مسقط رأسه، تعيش أزمة سياسية وعسكرية. ولحسن حظه، استقر، حينها في جزر الكناري، ولكي يحصل على أوراق الإقامة وعملٍ وسكنٍ، تطلب منه الأمر سنواتٍ.

الأب استطاع أن يستقدم، بطريقةٍ قانونية، زوجته وابنه، لكن تعذر عليه الأمر بالنسبة لابنه الصغير آدُو، لأنه كان بحاجةٍ إلى 56 يورو إضافيَّةً كل شهرٍ، لكي يصل راتبه إلى القدر الذي تشترطه الإدارة، للقيام بذلك.

علي أكد أنه دفع 5000 يورو لشبكة للتهجير، التي أوهمته بأن طفله سيصل إلى إسبانيا بسهولةٍ، على متن طائرة مُبَاشرةٍ من أبيدجان إلى مدريد، حاملاً معهُ تأشيرةً مؤقتة.

خوان إسيدرو فيرنانديز، محامي المتهم، كشف أن آدُو وجد نفسهُ وحيداً رفقة شقيقه الأكبر منه سنّاً، والبالغ 18 سنةً، بحيثُ كان عاجزاً عن رعايته، بعد وفاة جدته من والدته.

ولا تكتمل هذه الحكاية، دون معرفة الطفلة المغربية التي كانت تحملُ الحقيبة، والتي لا يزال البحث عنها جارياً إلى حدود الساعة.  

المصدر: عن "فرنس برس" بتصرف