قال الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، محمد عبد النباوي، إن "أبرز التحديات التي تواجهنا هي تلكم المرتبطة بتوازن النظام الإيكولوجي والبيئي بالقارة الإفريقية، الذي أضحى - أكثر من أي وقت مضى- مهدداً بفعل عوامل التصحر وتدهور الأراضي الزراعية، وشح المياه ومظاهر التغيّر المناخي عامة. ولئن كانت بعض هذه الأخطار ذات بعد طبيعي، لا يسعنا سوى التأقلم معها وابتكار حلول وسياسات لمعالجتها، فإن أكبر التهديدات التي تواجه أمننا البيئي مردها لأفعال جرمية ساهمت بشكل كبير في تردي الوضع البيئي وأترث سلبا على الزراعة والأمن الغذائي وزادت من نسب الفقر والهجرة القسرية. وهو ما يجعل دور النيابة العامة والقضاة أساسياً للحفاظ على الأمن البيئي".
وأضاف في كلمته الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية بمناسبة الندوة الدولية المنظمة على هامش المؤتمر السابع عشر لجمعية النواب العموم الأفارقة تحت عنوان: "الجريمة البيئية ودور القضاء في مكافحتها" بمراكش: "لقد كانت البيئة الخاصة والمتميزة للمملكة المغربية بحكم موقعها الجغرافي وتراثها الحضاري والثقافي، دافعا أساسيا لرفع الوعي الجماعي والانخراط في مسار مواجهة مختلف الإشكالات والقضايا المرتبطة بالبيئة. ليس فقط من خلال توصيفها، ولكن وبشكل خاص، من خلال تقديم ردود مناسبة وحلول عملية لمواجهتها".
وشدد على أن "المجلس الأعلى للسلطة القضائية، في إطار اختصاصاته الدستورية والقانونية، اختار الانخراط الإيجابي في هذه الدينامية الملكية ذات البعد الوطني والإقليمي والدولي، في مجال مكافحة الجريمة البيئية من خلال المساهمة في إرساء "قضاء إيكولوجي"، قادر على استيعاب كل المتغيرات وتحقيق- مضامين التزاماتنا ورسالتنا".
وسجل أن السلطة القضائية "تتبعت وقيمت النشاط القضائي لمحاكم المملكة، سيما ما يتعلق بالأحكام الصادرة في مجال مكافحة الجرائم البيئية بكافة صورها وأشكالها، وفي هذا الصدد أحدث المجلس الأعلى للسلطة القضائية خلال الأشهر السابقة بنية متخصصة تعنى بقضايا البيئة تابعة لقطب القضاء الجنائي، لتتبع هذا النوع من القضايا وجمع الاجتهادات القضائية ونشر المعلومة القانونية والممارسات الفضلى ذات الصلة".
وتابع: "لئن كانت التجربة ما تزال في بدايتها، فإنه قد تأتى للمجلس رصد تزايد نشاط المحاكم في هذا المجال حيث تم تسجيل صدور، 2790 حكماً متعلقاً بجنح ومخالفات تدبير النفايات والتخلص منها كما هي واردة بالقانون 00-28؛ و1239 حكماً متعلقاً بالجنح والمخالفات المنصوص عليها في القانون 15-36 المتعلق بالماء؛ و2560 حكماً متعلقاً بالجنح والمخالفات المتعلقة بحيازة وصناعة وتوزيع الأكياس البلاستيكية كما نص عليها القانون 77-15 الخاص بمنع استعمال الأكياس البلاستيكية، وإجمالاً فقد أصدرت محاكم المملكة خلال سنة 2023 والنصف الأول من هذه السنة ما لا يقل عن 16300 حكماً قضائياً في قضايا جرائم البيئة بكل أصنافها، 82% منها صدرت داخل الآجال الاسترشادية وبمتوسط أجل بت لا يتعدى 32 يوماً".
وأورد أنه "لئن كان هذا اللقاء اليوم ينعقد على هامش اجتماع الدورة 17 لجمعية المدعين العامين الأفارقة في ضيافة رئاسة النيابة العامة المغربية، فإن هذا الحدث يعتبر بالنسبة لي بصفة شخصية مصدراً لذكريات طيبة عن العديد من زملائنا السابقين من رؤساء النيابات العامة الإفريقية الذين سعدت شخصياً بلقائهم منذ السنة الأولى لتأسيس رئاسة النيابة العامة بالمغرب، حيث انخرطت المؤسسة القضائية الوطنية في جمعيتكم وشرفتموها بانتخابها نائباً لرئيس الجمعية. وهو ما جعلني أساهم في اجتماعات مكتبها التنفيذي بعدة محطات إلى غاية مغادرتي لمنصبي كرئيس للنيابة العامة المغربية في متم شهر مارس من سنة 2021. وأنا سعيد جداً اليوم لأرى زميلي مولاي الحسن الداكي يواصل المسيرة الإفريقية بنفس الحماس ونفس الإحساس بالانتماء الإفريقي. كما أنها مناسبة لتقديم الشكر لكافة زملائي السابقين بالجمعية، وللترحيب بمن حلو محلهم اليوم لمواصلة هذا الطريق".