قدوري خديجة - صحفية متدربة
أعلنت فرنسا دعمها لمقترح الحكم الذاتي في الصحراء المغربية الذي تقدمت به الرباط كحل للنزاع. وأكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في رسالة وجهها إلى الملك محمد السادس بمناسبة الذكرى الـ25 لعيد العرش، أن باريس ترى في مخطط الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية الإطار الأنسب لحل هذا النزاع. كما أوضح أن هذا المخطط سيشكل من الآن فصاعدًا "الأساس الوحيد" للتوصل إلى حل سياسي عادل ومستدام ومتفاوض عليه، وفقًا لقرارات مجلس الأمن الدولي.
ومن جهته، أكد أستاذ العلاقات الدولية ادريس لكريني، في تصريح لـ"تيلكيل عربي"، أن "هذا الموقف يجسد القناعة المتزايدة للمجتمع الدولي بعدالة الطرح المغربي وخصوصا بعد مقترح الحكم الذاتي الذي يمثل خطوة هامة وخطوة حقيقية، تجسد حسن نية المغرب ورغبته الأكيدة في وضع حد لهدا النزاع المفتعل".
وتابع: "لا يمكن أن نقرأ هذه الخطوة إلا مع توالي الانتكاسات التي تعرضت لها الطروحات الانفصالية التي ما زالت الجزائر والبوليساريو تؤكدان عليها، رغم أنها أفلست ولم تفضي لا إلى الديمقراطية ولا إلى التنمية، كما هو الشأن بالنسبة للتجربة في جنوب السودان، وكذلك فشل هده التوجهات في عدد من البلدان، مثلا كوردستان العراق وكذلك في إقليم كتالونيا".
وأضاف لكريني أن "هذه الخطوة هي تأكيد لسياق المرافعة التي قادها المغرب على مستوى السعي لإرساء علاقات متوازنة مع الشركاء في إطار علاقات مبنية على تبادل المصالح واستحضار مصالح المغرب بكل عناصرها السياسية والاقتصادية غيرها، لذلك يبدو أن فرنسا اقتنعت أن تعزيز علاقتها مع المغرب لا يمكن إلا أن تكون له آثار وانعكاسات إيجابية".
وفي السياق ذاته، أفاد المتحدث بأنه "يمكننا أن نستشف بعض العبر من العلاقات المغربية الاسبانية التي بدورها كانت قد مرت من أزمة، استطاع المغرب أن يحولها إلى فرصة سمحت بإطلاق موقف جد إيجابي من قبل الرئيس الإسباني لمشروع الحكم الذاتي، وكذا بزيارة جد مهمة من قبل هذا الأخير للمغرب وخلق أجواء من الثقة التي سمحت بتعزيز الثقة المغربية الإسبانية".
وأشار إلى أنه "نفس الشيء بالنسبة للعلاقات مع فرنسا والتي وصلت في الفترة الأخيرة إلى أزمة حقيقية وإن كانت صامتة ولكن هذه الأزمة يبدو أنه لا المسؤولين في المغرب ولا في فرنسا كانوا حريصين على استحضار الروابط التاريخية والاقتصادية والشراكة التي تجمع بين المغرب وفرنسا وبالتالي هذا ما كان له الأثر في بلورة هذا الموقف".
وأكد على أن "الرسالة الملكية التي وجهت إلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في أعقاب الموقف الفرنسي كانت واضحة بأن المغرب يثمن بشكل عميق هذه الخطوة وعلى أهميتها، بل أكثر من ذلك المغرب يرحب بالرئيس الفرنسي في ضوء هذه المستجدات المغرب مستعد إلى تثمين العلاقات المغربية الفرنسية على عدة مستويات اقتصادية واجتماعية سياسية وكذا أمنية".
وأوضح المتحدث أن "هذه الخطوة سيكون لها تبعات إيجابية في قضية الصحراء، على اعتبار أن فرنسا لها وزن داخل الفضاء الأوروبي، وحتما ستسعى مجموعة من الدول الأوروبية التي ضلت مترددة في نهج نفس المنحى الذي انخرطت فيه بقناعة اسبانيا وفرنسا وإلى حد ما ألمانيا، ولا ننسى أن فرنسا هي عضو دائم في مجلس الأمن هذه الهيئة الدولية الأممية التي تستأثر بتدبير ملف قضية الصحراء المغربية."
وشدد على أن "هذه المواقف تشكل دليلاً قاطعاً على أن الطرح المغربي للحكم الذاتي، الذي يأخذ بعين الاعتبار مختلف المطالب المرتبطة بالسيادة المغربية أو المرتبطة كذلك بالاستقلال، يوازن بين مختلف هذه المطالب. كما أنه فتح للساكنة آفاقاً واعدة على مستوى تدبير شؤونها الجهوية أو المجالية بشكل ديمقراطي، يدعم استثمار الإمكانيات المتاحة خدمة لهذه الأقاليم." مشيرا إلى أن "المغرب إلى حدود الساعة راكم منجزات مهمة جدا في الأقاليم على مستوى البنى التحتية على مستوى الرغبة في إعطاء هذه الأقاليم مكانة مهمة في سياق انفتاحه على المحيط الإفريقي علاوة على إطلاق المشروع الأطلسي الإفريقي."
وفي السياق ذاته، نوه إلى أن "هذه المعطيات تبرز بأن المغرب لا يتحرك بمنطق رد الفعل، بل هناك استراتيجية. عندما نستحضر هذه المشاريع، ونستحضر كذلك الهدوء الذي تعيشه هذه المناطق، وكذلك انخراط ساكنة الأقاليم الجنوبية في الدينامية الجهوية من خلال نخب تمثلها داخل المؤسسات المرتبطة بالجهوية، نجد أن كل هذه المؤشرات تبرز بأن المغرب يمتلك حقيقة رؤية استشرافية وبعدًا مستقبليًا. وهي الرؤية التي كان لها الدور كذلك في تزايد القناعة الدولية بحقوق المغرب في صحرائه".