في نواحي ميدلت، "مي بلادن" و"أحولي" التي كانت توصف بـ"باريس الصغرى" لما تزخر به من حيوية وتطور، التقت "تيلكيل عربي" برجل الأعمال عبد اللطيف العسري، رئيس تنسيقية مقاولات المعادن المغرب.
العسري، الذي يحمل في قلبه حنينا لأيام مجد ميدلت، يتطلع إلى إعادة إحياء هذه المنطقة الغنية بالموارد الطبيعية، لتعود إلى سابق عهدها كمركز صناعي مزدهر بسبب المناجم قبل أن تغادرها الشركة الفرنسية منذ ثمانينات القرن الماضي.
تحدث رجل الأعمل في قطاع المعادن عن التحديات الجسام التي يواجهها قطاع المعادن في المغرب، والتي تتجاوز المنافسة الشديدة لتشمل التحولات التكنولوجية المتسارعة التي تشهدها الصناعة.
وأكد على أهمية تطوير هذا القطاع الحيوي لدفع عجلة الاقتصاد الوطني، وخاصة منطقة ميدلت، مشيرا إلى أن المغرب يمتلك إمكانات هائلة في مجال المعادن، ولكنها تحتاج إلى استغلال أمثل.
نص الحوار:
قبل أي شيء، نود أن نتعرف عن مسارك؟
العسري عبد اللطيف، ابن الدار البيضاء، درست في ثانوية جابر ابن حيان، أكملت تعليمي في فرنسا، ليس لأنني أملك الإمكانيات، ولكن بسبب منحة دراسية حصلت عليها لتفوقي الدراسي، تخصصت في الاقتصاد وإدارة الأعمال خلال مرحلة الإجازة والماستر، كما درست إدارة المقاولات.
بعد ذلك، عدت إلى المغرب وبدأت العمل كمسؤول في شركة متخصصة في الأغطية والبطانيات، حيث قضيت فيها أربع سنوات اكتسبت خلالها خبرة غنية جدا، وأعتبرها مدرسة في التسيير في المغرب، ثم انتقلت إلى كندا، ووجدت فرصة عمل في شركة عالمية، بدأت كموظف صغير، وتدرجت في المناصب حتى أصبحت مدير اللوجستيك، ثم مدير فرع أمريكا الجنوبية، وعضو في مجلس الإدارة.
وبالتوازي مع عملي، كنت نشطا أيضا في العمل المدني بكندا، حيث توليت منصب رئيس الجالية المغربية في الكيبك، ونائب رئيس الفيدرالية مغاربة كندا، وقد تشرفت بتمثيل الجالية في عيد العرش، خاصة بعد حملة "فينكم".
عند عودتي إلى المغرب مع مجموعة من الأفراد، التقينا برئيس الحكومة، عباس الفاسي، الذي قدم لنا خطة المغرب، وعلى هذا الأساس، أسست شركة في مجال الاتصالات، تخصصت في تقنية الألياف البصرية (فايبر أوبتك)، حيث قضيت فيها سنة ونصف.
للوهلة الأولى، ظننت أنك في هذا المصنع المتواجد بـ"مي بلادن" نواحي ميدلت، لك معرفة سابقة بالمعادن، كيف تعرفت على هذا المجال؟
من خلال صديق، تعرفت على شخص يعمل في مجال المعادن، وبدأنا بالتعامل مع الأمور الكلاسيكية في هذا القطاع، ثم جاء مستثمر أجنبي وعرض عليّ شراكة مع شركته العالمية لتمثيلهم في المغرب، فدخلت معهم كشريك، حيث كنا نشتري المعادن ونصدرها للخارج.
وبالفعل، بدأت الشركة في العمل، وأصبحنا رقما مهما في المعادلة، ولكن عندما دخلت شركات أجنبية أخرى إلى السوق، ازدادت المنافسة في القطاع.
الأمر الجميل هو أنني أقنعت الشركة بضرورة تطوير القطاع من خلال تسريع عملية الأداء المالي، فبدلا من انتظار الشركات لمدة ستة أسابيع لاستلام أموالها، حولناها إلى أسبوع وعشرة أيام.
فحينما تأتي بالمعادن، تتوصل بأموالك في ظرف عشرة أيام، وقد خلق هذا ديناميكية كبيرة قبل جائحة كورونا، حيث تحركت جميع المناطق من ناحية استخراج المعادن.
بأي صفة، دفعت في هذا الإتجاه لتسريع عملية الأداء؟
مبادرة شخصية، عندما اقترح عليّ المستثمر الأجنبي هذه الفرصة والتقيت بالشركة العالمية في باريس، اقترحت عليهم فكرة لتسهيل وتسريع المعاملات في المغرب، تمثلت الفكرة في توقيع الشركة العالمية عقدا مع مخزن، بحيث تصبح السلع في حوزة الشركة المشترية بمجرد دخولها إلى المخزن، ويتم إرسال الوثائق اللازمة لهم، وعند استلام الوثائق، يتم تحويل الأموال دون انتظار قطع البضائع المياه الدولية.
وقد حققت هذه الطريقة نجاحا باهرا وسرعة في المعاملات، لدرجة أننا كنا نقول "المال فوق المعدن"، بمعنى أن الأموال تصل بسرعة كبيرة، وأصبحت هذه الطريقة هي المعيار المعتمد في قطاع المعادن، حيث توفر طمأنينة للمعدنين.
ويعتبر الاستثمار في مجال المعادن من المجالات التي تتطلب رؤوس أموال كبيرة جدا، كما يقال "المعدن خص تكون ثقل مني باش تهزني"، أي أنك تحتاج إلى ثقل مالي وعقلي لتحمل أعباء هذا القطاع.
عندما عدت من كندا، كنت أعتقد أنني من أفضل المسيرين، حيث كنت أشرف على أربعة عشرة مديرا، وكنت مجتهدا في عملي، ولكن عندما دخلت مجال المعادن، أدركت أنه ليس مجرد تسيير بل هو أيضا تقنية تحتاج إلى خبرة ودراية، ولذلك، يفشل الكثيرون في هذا المجال لاعتقادهم أن النجاح في قطاعات أخرى مثل البناء أو البلاستيك سيضمن لهم النجاح في المعادن أيضا.
البعض يظن أن الاستثمار في المعادن سهل وبسيط، ولكن الحقيقة هي أن هناك قواعد مختلفة يجب اتباعها، أهمها الاعتماد على العلم والدراسات، في مصنعي، لدينا مختبر نقوم فيه بإجراء الدراسات والتحاليل، وقبل الحصول على الرخصة يجب اللجوء إلى الطرق العلمية حتى نعرف بالضبط ما لدينا من معادن.
عندما اشتدت المنافسة، حاولت أن أتميز عن الآخرين من خلال الاجتهاد والبحث عن فرص جديدة، ولاحظت أن هناك الكثير من الأكوام المعدنية التي لا قيمة لها في السوق، ففكرت في إيجاد طريقة لتثمينها، وهكذا دخلت مجال التعدين بالإضافة إلى عملي في التجارة.
من خلال كلامك، حاليا، يتوجب الدخول إلى مرحلة التثمين وليس استخراج المعادن فقط؟
نعم، بدلا من بيع المادة الخام، يجب أن نركز على تثمينها وزيادة قيمتها، إذا كانت لدينا تربة تحتوي على نسبة 5 في المائة من المعادن، يجب أن نعمل على معالجتها لاستخراج المعادن منها.
ويجب أن نسعى إلى زيادة الإنتاج، فبدلا من إنتاج 10 طن، يمكننا إنتاج 100 طن، لأن بعض المواد نصدرها خامة إلى الخارج وتعود إليها بشكل آخر.
وبعد تحقيق مرحلة التثمين، يمكننا الانتقال إلى مرحلة التعدين، كما تفعل تركيا التي أصبحت تصدر المعادن بعد تثمينها، يجب أن نسعى إلى ذلك في المغرب أيضا.
لماذا اخترت ميدلت؟
اخترت البدء في ميدلت بعد دراسة الوضع بشكل جيد، أدركت أن هناك فرصا كبيرة لإعادة ميدلت إلى مكانتها السابقة كعاصمة للمعادن في المغرب، وسيكون لها مستقبل زاهر.
مقاطعا، أغلبية المستثمرين يترددون في مشاركة الفرص الاستثمارية، فما الذي يجعلك تنفرد عنهم وتعلن بصراحة عن فرص ميدلت؟ هل هناك سبب معين وراء هذه الرؤية الصريحة؟
أشارك، لأنني أؤمن بمبدأ المشاركة والتعاون، "وكل واحد ورزقو"، وميدلت أرى فيها فرصا واعدة.
بل سوف أذهب معك بعيدا، عندي طريقة للتثمين، من البداية للنهاية، من يريد أن ينشأ مصنعا، سوف أقدم له المنهجية وما لا يجب القيام به، لأن هذا هو المهم أحيانا، ما لا يجب القيام به حتى لا يقع المستثمر في الخطأ.
رؤيتي هي أن نجاح المدينة سيعود بالفائدة على الجميع، وأتمنى أن نرى عشرات المصانع فيها، لأن ذلك سيعزز من اقتصادها وازدهارها.
لقد وصلت إلى مرحلة في حياتي لم يعد المال هو هدفي الأساسي، نعم، المال مهم، ولكن هناك أشياء أخرى أكثر أهمية في الحياة.
أجد سعادتي الآن في أمور مختلفة، مثل دفع رواتب العاملين لدي وتسديد فواتير الكهرباء والموردين، هذه هي الفرحة الحقيقية بالنسبة لي، ومثلا سنة ونصف من عمر عمل هذا المصنع لم أربح شيئا.
لقد وصلت إلى سن أصبحت فيه للحياة فلسفة أخرى، تقوم على "البيبان محلولة والأرزاق مختلفة" حيث لا يقتصر النجاح على المال فقط، لقد مررنا بهذا في مرحلة الشباب والطموح، والآن هناك أشياء أخرى أكثر أهمية في الحياة.
مدينة ميدلت، التي كانت موطنا لشركة فرنسية تركت خلفها حوالي 50 سنة من الأكوام المعدنية.
في ذلك الوقت، لم تكن التقنية متقدمة بما يكفي لاستخراج المعادن من هذه الأكوام، ولكن مع تطور التقنيات، وجدنا أن هذه الأكوام تحتوي على معادن بنسب مختلفة، ولم يكن أحد مهتما بها أو يعرف قيمتها.
وفي نفس الوقت، أصدرت الوزارة كتابا حول تثمين الأكوام المعدنية في المغرب، حيث أن جميع شركات المعادن تركت أكواما مشابهة، قمت بشراء أكوام بمبالغ مهمة لكنها ستتطلب على الأقل 15 سنة من العمل لإنهائها، المنافسة لن تؤثر على القطاع بل ستقويه.
منطقتا "مي بلادن" و"أحولي" كانتا رائدتين في مجال التنمية في الماضي، بفضل المناجم التي جعلتهما من أوائل المناطق التي وصلتها الكهرباء والقطار. هل ترى أن الاستثمارات الحالية يمكن أن تعيد لهذه المنطقة مجدها السابق، وتجعلها مرة أخرى نموذجا للتنمية في المغرب؟
نعم، لدي هذا الحلم، كل شيء يعتمد على مستقبل الأرض التي كانت مستأجرة، والتي سينتهي عقد استئجارها في عام 2026، وأنا واثق من أن المسؤولين عن القطاع والمدينة سيبذلون قصارى جهدهم لخلق ديناميكية وفرص جديدة.
الشركة الفرنسية لم تغادر بسبب عدم وجود معادن، بل بسبب ظروف أخرى، يعني ما زالت فرص.
وآمل أنه بمجرد حل قضية الأرض، ستكون هناك ديناميكية إيجابية تشمل الساكنة المحلية، إما من خلال منح الرخص فردية أو جماعية أو تشجيع إنشاء جمعيات أو تعاونيات، بحيث يكون الجميع مستفيدا ومحميا بالضمان الاجتماعي.
المنجم موجود، والإستثمارات السابقة يمكن الاستفادة منها، والناس حاليا يستخرجون المعادن لتوفير لقمة العيش بدون إمكانيات كبيرة، فكيف إذا كانت الإمكانيات؟
أعتقد أن المنطقة يمكن أن تعود إلى سابق عهدها كمركز مزدهر لصناعة المعادن، حيث أن الناس هنا لديهم الخبرة والتجربة، وهم قادرون على العمل بجد واجتهاد وما "تتخلعهمش الخدمة".
أنتم كتنسيقية مقاولات المعادن المغرب، هل مستعدون للانخراط في هذا الجانب؟
نحن كجمعية مستعدون للانخراط في هذا الجانب والمساهمة في بناء التصور المستقبلي للمنطقة، وقد سبق وأن عرضت تعاوننا على المسؤولين في ميدلت، ولي تجارب سابقة يمكن أن أشاركها مع المسؤولين.
كما أننا مستعدون لعقد أي اجتماع أو التواصل حول الموضوع، ونضع خبرتنا رهن إشارة الجميع.
انطلاقا من تجربتك، ما هي، برأيك، أفضل السبل التي يمكن للشركات العاملة في قطاع التعدين أن تساهم بشكل فعال في التنمية المستدامة لهذه المناطق؟
شخصيا أومن بالشركة المواطنة، قناعتي هي أن الشركات يجب أن تساهم في تنمية المناطق المحيطة بها التي تعمل فيها، طبعا، حسب قدرتها، المهم أن تكون النية أولا.
يمكن للشركات أن تساهم في بناء البنية التحتية، مثل الطرق والمستشفيات والمدارس، أو تقديم منح دراسية لأبناء المنطقة، أو توفير فرص عمل للساكنة المحلية، هذا وفق المتاح، وحسب وضعية الشركة، لا يمكن مطالبتها بأشياء خيالية.
أعتقد أن المسؤولية الاجتماعية للشركات لا تقتصر على تقديم المال بل يجب أن تكون هناك مشاركة حقيقية في تنمية المجتمع المحلي وتحسين ظروفه المعيشية.
(مقاطعا)، قناعة أم شعار فقط؟
عن قناعة، ولدي تجربة مع مستشار جماعي لديه خلاف معي، والقضاء من سيفصل ما يقوله، قلت له أن اعطيني شيئ طلبته مني "فيلاج مي بلادن"، ولم أستجب له، ما لم أستطع عليه، أشارك فيه، وما استطعت افعله أفعله.
حتى لا يبق كلامنا نظريا، ما الذي قمت به؟
قمت بأشياء أعجبت الساكنة، نعد عقد شراكة مع جمعية نسائية كانت ترغب في إنشاء ورشة للخياطة، اقترحت عليهم فكرة مشروع قد يوظف 10 أشخاص، مستوحاة من تجربة جمعية للأرامل في الدار البيضاء، حيث تعاونا مع رجال أعمال آخرين واشترينا فرنا بـ 15 مليون سنتيم.
تحولت من مخبزة صغيرة إلى بيع الحلويات، هنا في "مي بلادن"، اقترحت نفس الفكرة، حيث يوجد حوالي 3000 شخص يعملون في استخراج المعادن في الجبال، اقترحت إنشاء أفران وتوزيع الخبز، وسأتعاون معهم لشراء ثلاث عربات.
هذا سيساعد في تهيئة المنطقة للمستقبل، وسيكون الخبز متوفرا في كل مكان، حتى في الأماكن التي يصعب الوصول إليها.
كما أن هناك فرصة، نبات الكبار "غا تيتلاح" الموجود في المنطقة، يمكن جمع هذا النبات وتعبئته في قارورات وبيعه، بهذه الطريقة، نخرج من منطق الخياطة التقليدية ونخلق مصدر دخل جديد للساكنة.
هل هناك مشاريع اخرى على أرض الواقع؟
نعمل على أربعة مشاريع في مي بلادن، الأول هو إنشاء أكاديمية لكرة القدم، وقد بدأت العمل عليه منذ سنة ونصف، ولكن للأسف، بدأ البعض بإدخال الانتماءات السياسية في الموضوع، مثل "فلان يجب أن يأتي وفلان لا".
كل شيء جاهز، من التجهيزات إلى الكرات، ولكنني توقفت لأنني أريد أن يكون المشروع لأبناء الفيلاج فقط، وأن يكون هناك برنامج تدريبي تفصيلي.
سأقدم هذا البرنامج إلى نادي الرجاء الرياضي، لكي تتمكن الأكاديمية من التنقل للعب كرة القدم في الدار البيضاء، وكذلك للإطلاع على برنامج المدرب هل مناسب أم لا وربما يظهر لاعب موهوب ينضم إلى الرجاء.
المشروع الثاني هو تقديم الدعم المدرسي لأبناء مي بلادن، حاليا، يتوجب على التلاميذ الذين يحتاجون إلى دعم مدرسي التنقل إلى ميدلت، ولكن التنقل ليلا ليس آمنا.
أحاول البحث عن أساتذة مستعدين للمجيء إلى مي بلادن، لتقديم الدعم، وسنقوم بتغطية تكاليف النقل والوقود، بالإضافة إلى أجرة شهرية.
الجمعية ستعمل على تحديد الاحتياجات، سواء للبكالوريا أو أي مستوى آخر، إذا لم يكن هناك فضاء مناسب، يمكنني تخصيص فضاء في الشركة لهذا الغرض، مع مراعاة معايير السلامة.
عندما اقترحت هذا المشروع على الجمعية، ذرفت إحدى السيدات الدموع وقالت لي "لا أحد يفكر هكذا".
أنا أؤمن بأن أفضل حجة ثانية يمكن أن يقوم بها شخص هو مساعدة شخص ما على الدراسة في الجامعة، وقمت بهذا الأمر من قبل مع سيدة كانت تعمل معنا، كانت ابنتها تريد الدراسة في الجامعة فكانت تحتاج فقط إلى 1500 درهم في الشهر، والآن هي في السنة الثالثة بالجامعة.
هناك الكثير من الشباب الذين يحتاجون فقط إلى دفعة صغيرة، وإذا كنا بحاجة إلى ثلاثة أساتذة، لا مشكلة لدي، أريد فقط أن يشعر الناس أن هناك دعما دراسيا متاحا لهم، وما دام قلت هذا الكلام في هذا الحوار، فإنه يلزمني، وإذا لم أنفذه يجب أن أفسر للساكنة لماذا.
والأمر الثالث، هناك من لا يرسل أبناءه إلى المدرسة لأنه لا يملك المال لدفع تكاليف النقل، 120 درهما قد تكون مبلغا كبيرا بالنسبة لهم، خاصة للأرامل.
أما الآباء الذين يعملون في استخراج المعادن، فهم يدبرون أمورهم، بالنسبة لي، هذا الأمر يجب ألا يكون عائقا أمام تعليم الأطفال.
كما أننا سنقوم بتكوين في مجال المعادن لأهل (الفيلاج)، خاصة للشباب الذين لا يدرسون، سيكون هناك برنامج تدريبي أعده مدير الشركة، وسيتوج بشهادة من الشركة، والمصانع ستفتح مستقبلا، وهناك حاجة دائمة للعمال المهرة.
هذا نوع من المشاركة التي أؤمن بها في المنطقة، لم نحدد العدد بعدُ لكن أفكر في خسمة أشخاص كل سنة لكي يكون التكوين رصينا.
سأحكي لك، أن هذه المبادارات أكيد فيها صعوبات، مثلا جمعت 20 شابا في أحد المنازل وشجعتهم على إنشاء مشاريعهم الخاصة، طلبت منهم أن يأتوا بالأفكار، وسأعمل معهم على تطويرها وإعداد النموذج الاقتصادي، أعطيتهم فكرة مشروع تتثمين أكوام الرمل، منذ ذلك الوقت لم أراهم، (شتك ما شتهوم).
أظن النقطة الأخيرة، مرتبطة بالعقلية.
تماما.
أصحاب المقاولات يحتاجون أحيانا تسهيلات من الدولة، لكن من جهة أخرى، يتطلب تعاونا من طرف المحيط خاصة المجتمع المدني وممثلي الساكنة؟ كيف ترى تعامل المجتمع مع المقاولة الموجودة في محيطهم؟
أعتقد أن الأمر له علاقة بالعقلية والسلوكيات، المقاولون يحتاجون أحيانا إلى تسهيلات من الدولة، ولكن في المقابل، يجب أن يكون هناك تواصل وتعاون بين المجتمع والشركات الموجودة في محيطهم.
مثلا، عندي خلاف مع شخص يعتبر نفسه هو المدافع عن الساكنة، بل هو منتخب ياحسرة، يجب أن تكون له أدوار حقيقية يقوم بها لأنه منتخب، المشكل أن اسم الشركة لا يعرفها.
للأسف، هناك نقص في التواصل، والمجتمع المدني عليه أن يأخذ زمام المبادرة ويطلب لقاءات مع ممثلي الشركات لمناقشة المشاريع والمقترحات.
أنا على يقين أن الشركات سوف تستجيب إذا كانت هناك مشاريع واقعية ومنطقية، يجب أن نبتعد عن فكرة "خدم لي خويا، ولد خالتي"، بل يجب أن تكون هناك مقترحات مدروسة ومنطقية.
المشاريع التي قمت بها مع الساكنة لم يطلبها مني أحد، بل قمت بها بمبادرة شخصية، وأنا أخطط الآن لمشروع جديد، وهو قافلة طبية للمنطقة، بما في ذلك "مي بلادن" و"أحولي".
من الصعوبات، كنت أقوم بأداء التنقل ولكنني أوقفت ذلك لأن الشخص الذي لدي خلاف معه يريد أن أعطي للجمعية، أنا أفضل أن أعطي للناس مباشرة وليس للجمعية لأنني لا أثق فيه.
وأنت تتطرق إلى مبادارت قمت بها، ولم يطلبها منك أحد، استحضرت أن الأغلبية من رجال الأعمال يهربون من هذا الأمر بوصفه "صداع الراس"، ويفضلون "نركز على راسي"، لما أنت مؤمن بهذه الفكرة؟
لأنني متشبع بالعقلية التضامنية، كل واحد له فلسفته في الحياة، ولكنني أؤمن بالعمل الجاد والاجتهاد، وما يعسى إليه الناس حققته، سيارة ومنزل، أنا ابن الشعب، جئت من وسط نصفه بـ"مقحط"، وأعرف قيمة العمل والاجتهاد، طبعا هذا الاختيار فيه طاقة وجهد.
عندما أرى ما أصرفه على ابني مقارنة بما صرفه والدي علي، أشعر بالامتنان، لقد ذهبت إلى فرنسا في جيبي 1400 درهم فقط، ولكنني عملت بجد وكونت نفسي بنفسي، ولدي مبادئ ثلاثة واضحة.
ما هي هذه المبادئ؟
المبادئ التي أعتمد عليها ثلاثة، على رأسها المثابرة لأنها تجعلني أعمل لساعات والاستيقاظ مبكرا، لذلك "العكز" ليس موجود في قاموسي.
المبدأ الثاني هو المصداقية في العمل، الكذب طريقه صغير لا يؤدي إلى أي مكان، والصراحة هي الأساس، وهناك أناس كانوا يتعاملون معي بثقة ويرسلون لي بضائع لأنهم يعرفون أنني صادق وأوفي بوعودي.
من أسباب نجاحي أيضا أنني لا أسمح لأي شيء بأن يعيقني، أنا من ذوي الاحتياجات الخاصة، لدي مشكلة في رجلي، ولكن هذا لم يشكل لي أي عائق يوما ما، أواجه كل شيء وأتعامل مع التحديات.
هناك كفاءات كبيرة ولكن الخجل يمنعها من المواجهة والنجاح، إذا كنت تخجل أو تخشى المواجهة، فلن تنجح في أي مجال.
في هذا المشروع، لم يدخل (ريال) إلى جيبي منذ سنة ونصف، هذا الشهر، لم نعمل جيدا، حيث أخرجنا فقط شيء بسيط، قال لي المدير أن الأمور ليست على ما يرام وقد يتأخر تسليم الأجور، قلت له أنني دفعت للعمال أجورهم، ولا يمكنني تأخير أجورهم إلا إذا كانوا شركاء في الشركة ويتحملون الخسارة معي، أنا واثق أن الخير قادم.
كيف يمكن لرجل أعمال أن يلج لمجال جديد دون أن تكون له دراية به؟
لقد دخلت إلى مجالات مختلفة دون أن تكون لدي دراية مسبقة بها، مثل المطاعم والعقار، أصدقائي كانوا يقولون لي "ماذا تعرف عن المطاعم؟"، ولكنني دخلت مع شخص لديه مطعم في باريس، وقال لي "راه غا تزير ملي تبغي تبيع بيع ليا".
لقد اشتريت الشركة وكان حجم معاملاتها 300 ألف دولار، وعندما بعتها وصل حجم المعاملات إلى مليون و200 ألف دولار، أي أن رأس المال تضاعف أربع مرات، لقد طبقت قاعدة تعلمتها في شركة كبيرة، وهي البيع والشراء بناء على قاعدة بيانات وتحليل السوق.
نفس الأسلوب، استعملته لما أسست مهرجان مغربي في مونتريال، حيث جمعت 400 اسم، ووظفت أربعة أشخاص للاتصال بالناس والترويج للمهرجان، هذا الأسلوب طبقته أيضا في الجمعية، حيث أقوم بجمع المعلومات والتواصل مع الناس.
أنا أؤمن بأن من يريد الدخول إلى أي مجال جديد، عليه أن يبحث ويتريث ويبحث عن الفرص، لا يجب أن تثرثر وتتكلم كثيرا، بل عليك أن تعتمد على الأدوات العلمية والتحليل، أنا عملت في مجالات مختلفة، مثل المطاعم والروائح والبناء والاتصالات والمعادن، أنا "بحال الفاس فيما كان تيحفر"، وأحب المغامرة.
البعض يقول لي أنني "مديور من الحديد"، لأنني لا أظهر مشاعري كثيرا، يجب أن تدخل المنطق في عملك، وأن تدرك أن الخسارة أمر ممكن، ولا يجب أن تكون عائقا أمامك.
طائما يربط الاستثمار في المعادن بالبيئة، هل عندك هذه الرخصة؟
نعم، عندي، البيئة هي أصعب ورقة يمكن الحصول عليها في أي مشروع، يجب أن يكون هناك كتاب أو دراسة مفصلة عن المشروع، ويتم مناقشتها في اجتماعات تضم 14 إدارة، وكلهم أطر شابة وذات كفاءة، وكل واحد ينظر إلى المشروع من منظوره الخاص.
ولا يمكن الشروع في أي مشروع بدون الحصول على الرخص اللازمة، وخاصة رخصة البيئة، أصحاب الإدارة يهتمون بالبيئة ويحرصون على أن تكون المشاريع صديقة للبيئة.
لقد تجاوزنا ساعة من الحوار، سؤال أخير، وبشكل مختصر، بصفتك رئيس تنسيقية مقاولات المعادن المغرب، ما هي أهدافكم؟
نعم، جمعيتنا تهدف إلى أن تكون رقما مهما في معادلة المعادن في المغرب، نريد أن نكون صوتا لأن الوزارة في بعض الأحيان تتخذ القرارات قد لا تكون لها علاقة وثيقة مع الواقع على الأرض، هدفنا هو أن نكون قوة اقتراحية ونعمل مع الوزارة يدا بيد لما فيه مصلحة البلاد والعباد.