لجنة أولمبية أو "وكالة أسفار"

إدريس التزارني

هممت بالتأصيل لنقد حقيقي لأسباب الإخفاق بدورة باريس للألعاب الأولمبية، وتحديد المسؤوليات وتفاصيلها، ومعرفة العطب الحقيقي في سلسلة دائرية لا تكاد تعرف منها البداية ولا النهاية، لكن المفاجأة غير سارة شأنها شأن النتائج، في وقت يتحمل المشرع الدور الأكبر في كل ما حصل.

ولأنه لا اختصاصات ولا أدوار خارج النص القانوني، حدد المشرع أدوار لا تعدوا أن تكون سوى مهام وكالة سياحية للجنة الأولمبية، التي كنا نعتقد جميعا أنها المسؤول المباشر عن كل النتائج الرياضية، غير أن النص القانوني يقدم جوابا آخرا غير المعلوم لنا..

طوق النص القانوني 30.09 المؤطر لمنظومة الرياضة بالمغرب عنق اللجنة الأولمبية، بـ4 فصول كلها إجراءات شكلية، وهي التي عنونها بالحركة الأولمبية واللجنة الوطنية الأولمبية المغربية وتحديدا من المادة 40 إلى 44.

جاءت المادة الأولى الموسومة برقم 40 في باب الحديث عن اللجنة الأولمبية، لتأطير الهيئة وتحديد أحكام القانون التي تسري عليها كونها معنوية وتتمتع بصفة المنفعة العامة بقوة القانون ويتم الاعتراف المذكور بمرسوم.

وحملت المادة 41 التعريف باللجنة الأولمبية ومما تتكون: الأعضاء والمكتب المديري والانتخاب، واللجان الأولمبية الجهوية، ومشاركة ممثل المكتب المديري في المكتب المديري لكل لجنة أولمبية جهوية بصفة استشارية.

وإذا كانت المادة 41 تحدثت عن الانتخاب فإن المادة 42 تطرقت إلى فقدان العضوية وشغور المنصب، فيما تناولت المادة 43 المهام المنوطة باللجنة الأولمبية ومن جملتها السهر على النهوض بالرياضة (دون تحديد حدود التخصص مادام الأمر يتعلق بقانون منظم للمنظومة بشكل عام).

وتنص المادة 43 على تنمية الحركة الأولمبية وحمايتها وكذا السهر على احترام مبادئ الحركة الأولمبية والميثاق الأولمبي، كما أنها تمثل المغرب في الألعاب الأولمبية وفي المنافسات والتظاهرات الرياضية القارية والإقليمية التي تنظم تحث إشراف اللجنة الأولمبية الدولية، وتقوم بإعداد تقرير أدبي ومالي عن المشاركة.

ومن جملة المهام التي جاءت في المادة ذاتها، القيام باتفاق مع الإدارة وباقتراح من الجامعات على إعداد الرياضيين المشاركين في المنافسات والتظاهرات الرياضية المذكورة، وكذا بتشكيل الوفد الرياضي المغربي المشارك وتنظيمه وإدارته، وهو الأمر اعتبرته في العنوان "وكالة أسفار".

وتتعلق باقي البنود بمحاربة أشكال التميز، ونشر القيم الأولمبية، والوقاية من تعاطي المنشطات، وحماية الرموز الأولمبية، وضمان احترام قرارات اللجنة الأولمبية الدولية، واللجوء إلى مسطرة التحكيم في النزاعات، فيما تشير المادة 44 إلى غرفة التحكيم وإحداث هيئة بهذا الخصوص، كما أن القسم الثاني باب الحركة الأولمبية يتحدث عن اللجنة الوطنية البارالمبية المغربية.

إذا كان النص القانوني للرياضة الوطني 30.09 بهذا الحجم الكبير من الغموض، والذي يعد تعبيرا حقيقا عن رؤية المشرع لمنظومة الرياضة، فإن المحاسبة الفعلية تبدأ من هنا، والتي أعتبرها دعوة لكل منشغل بإنضاج نصوص قانونية نستطيع من خلالها فهم البنية وتحديد المسؤوليات بشكل دقيق..

أمام ما وقع ويقع، وهو مؤلم لنا جميعا، تظل للمشرع المسؤولية الأكبر عن الإخفاق، والتي لا يمكن أن ننزعها عنا جميعا سواء جامعات مترهلة وغير منسجمة وروح القانون، مجتمع مدني ركز اهتمامه على كرة القدم، وإعلام لم يستطع أن يدق زناد الخطر بخصوص الرياضة.. وأمام هذا التراجع المخيف تحتاج الرياضة إلى عين إله تحرصها وهو ما اخترت له وسما بعنوان: مجلس أعلى للرياضة..