الحكم سعد وريد، من عصبة مكناس تافيلالت، واحد من أبطال قصة ما بات يُعرف بـ"15 مليون"، قرّر أن يقدم لأول مرة روايته بالتفاصيل، عن استمرار توقيفه عن ممارسة التحكيم، دون قرار رسمي.
وبكثير من الحرقة، روى الحكم لموقع"تيلكيل عربي" تفاصيل القصة التي عصفت بمشواره التحكيمي، وعلقت نشاطه المهني لأشهر، في انتظار صدور قرار رسمي من طرف الجهات المختصة بشأن مايروج عن قضية تورطه في وساطة لتسهيل مهمة نادي الرجاء الرياضي في مباراته أمام شباب المحمدية، يعود تاريخها إلى أبريل 2022.
واعتبر المتحدث ذاته، أن تسبب تفجر القضية، يعود إلى شجار مع حكم مساعد دولي، تحولت إلى تصفية حسابات كما شرح.
1 جلسة استماع بحضور لكزاز!
سعد قال إن القصة بدأت عندما وجه استفساراً إلى مديرية التحكيم بعد غيابه لأسبوعين متتاليين عن قيادة أي مباراة، سواء بالقسم الوطني الأول أو الثاني (حوالي 20 يوماً)، في وقت كنت دائم الحضور لقيادة اللقاءات الكروية سواء تعلق الأمر بالقسم الوطني 1 أو الثاني أسبوعياً.
وشدد المتحدث ذاته، أن تنقله للقاء اللجنة في يونيو 2023 بمدينة الرباط، تحول إلى جلسة "استماع" ودية كما نقل إليه الأعضاء الحاضرون بها، ويتعلق الأمر بكل من الحاج محمد لكزاز، المدير السابق للجنة المركزية للتحكيم، وسليمان البرهمي، إضافة إلى عبد الرحيم المتمني، وجمال كعواشي.
وتابع سعيد وريد، أن اللجنة طرحت عليه السؤال الأول :" هل لديك علم، لماذا تغيب عن قيادة المباريات في الفترة الأخيرة؟"، وعن سبب حضوره أمامهم، وكيف كانت الأجواء في آخر مباراة قادها.
استفسروا أيضاً عن عدد المباريات التي قُدتها في القسم الوطني الأول خلال الموسم الكروي، وكان الرد بأنها 10، إضافة إلى ثلاث أو أربع مواجهات على مستوى كأس العرش.
رد اللجنة حسب المتحدث ذاته، كان استفسار عن سر حضوره الدائم بالمباريات وتفوقه على باقي زملائه من الحكام، فكان جوابه أنها الثقة الموضوعة في شخصه من طرف المديرية، كما أنه من الحكام القلائل الذين لا يعودون إلى المساعدة عبر الفيديو، لأن قراراته تكون صحيحة، ولا غبار عليها.
2 العلاقة مع الحكم عمر الشداد والسمسرة
انتقلت اللجنة من الحديث عن أدائي وحصيلتي التحكيمية في الموسم، إلى السؤال عن علاقتي بالحكم عمر الشداد، وجوابي كان واضحا على أنه صديق على غرار عدد من الزملاء في التحكيم.
وتابع:"نحن الحكام بيوتنا مفتوحة للزملاء دائما، فأي واحد منهم كان سيمر من مدينة مكناس فهو مرحب به في منزلي، والعكس صحيح إن كنت في الدار البيضاء، وطنجة ووجدة مثلا، فتواجدي مرحب به في منزل أصدقائي من الحُكام".
هنا كان للجنة سؤال أخر عن علاقتي بعملية "سمسرة "رفقة الحكم عمر الشداد، إلا أن ردي كان صارما ونفيت الأمر جملة وتفصيلا، لأن لا علم بالموضوع ولا تفاصيله، لكنهم أكدوا أن زميلي قدم رواية مختلفة وورطني معه، لهذا لوحت بخيار اللجوء إلى القضاء إن كان ما يقولونه صحيحا.
اللجنة أكدت لي بأن سؤالهم كان فقط للاستفسار بخصوص ما سمعوه من أصداء، كما أنهم ريدون معرفة الحقيقة دون ضجيج، يتابع.
ورداً على سؤال" تيلكيل عربي"بخصوص الشكل القانوني للجلسة، أكد سعد وريد بأنها جلسة استماع عادية، وأقواله كانت تُدون في مذكرة من طرف اللجنة الحاضرة.
واستغرب المتحدث ذاته، من أن اللجنة كانت تضم محمد لكزاز، لأن شقيقه طرف في الموضوع، وهو من قاد المباراة المثيرة للجدل بين الرجاء وشباب المحمدية حينها.
3 . "الحكم تعدى على الناس مافيهاش بيلانتي".. من بين الجمل التي تضمنتها التسجيلات
الكعواشي طلب من لكزاز أن يٌفصح عن تسجيلات صوتية بيني وبين الشداد (تلك التي ناقشنا خلالها الحالات التحكيمية بعد مباراة الرجاء وشباب المحمدية، والتي كانت ودية وبيننا نحن الاثنين فقط).
"واحشومة يعطي لروكي البطاقة الصفراء" ، "الحكم تعدى على الناس مافيهاش بيلانتي"، و كلشي ولا تيفهم الكورة، وحشومة يدير هادشي"، كلها جمل تضمنتها التسجيلات الصوتية بيني وبين الشداد.
كما طلبت اللجنة من الحكم تأكيد أو نفي أن التسجيلات الصوتية هي له، خلال اللقاء ذاته.
وأكمل:"سألوني هل الصوت المسموع في التسجيل هو لي، وردة فعلي كانت:"منين جاوك هاد التسجيلات، فلا يحق يكونو عندك في هاتفك إن تعلق الأمر فعلا بصوتي، وفرضا أن هذا صوتي هل تجدون ما قلته أنه يحيل على وجود عملية سمسرة؟"
رد اللجنة كان كما أبرز المتحدث ذاته، بأنه لا أملك صلاحية التعليق على قرارات زملائه من الحكام، بالرغم من أن الأمر جاري به بين الحكام، إضافة إلى أن بعض رؤساء الأندية يتواصلون مع الحكام من أجل مناقشة بعض الحالات المثيرة للجدل وأخذ رأيهم فيها، باعتبارهم أهل التخصص، كما يتم تخصيص بلاطوهات بحضور الحكام في وسائل الإعلام لمناقشة الحالات، ولنا في هذا الباب أمثلة عديدة، يكمل.
4. ساعة الإبعاد أو التوقيف.. لا أحد يملك الجواب
وتقرر إبعاد الحكم عمر الشداد وسعد وريد، عن التجمع التحضيري استعداداً لموسم 2024-2023، رغم محاولات الطرفين الاستفسار عن سببب غيابها.
وريد حاول التواصل مع المديرية التي أكدت له بأن لا علاقة لها بالأمر والقرار، قادم من رأس الهرم الجامعي.
وردا على سؤال المجلة، نفى الحكم سعيد وريد توصله بأي وثيقة تُفسر غيابه عن تدريب الحكام أو أنه موقوف لحدود الساعة، وبعد سنة على القضية المعلقة:"لو كنت قد حصلت على وثيقة تؤكد توقيفي عن ممارسة التحكيم مثلا، غادي نبرد وعلى الأقل سأجد شيئا للرد والدفاع به عن نفسي أو متابعة من اتهموني مثلا".
5. اللقاء مع فوزي لقجع واستدعاء من لجنة الأخلاقيات
الحكم المنتمي لعصبة مكناس تافيلالت، لم يستسغ الأمر وتمكن من الحصول على موعد مع فوزي لقجع، رئيس جامعة الكرة المغربية قبل 8 أشهر من هذا الحوار بالضبط، كما أشار.
"تمكنت من لقاء فوزي لقجع، واستفسرت عن سبب توقيفي، لأن ما يروج في الكواليس، هو أن القرار قادم من عنده، لأتفاجأ بأن رئيس جامعة الكرة ليس لديه علم بالموضوع، حيث ربط بدروره الاتصال بعد السلام بلقشور، رئيس العصبة الاحترافية، من أجل وضع الملف بين يديه".
فوزي لقجع ختم لقاءه معي قائلا:" سير ميكون غير الخير وحقك سيعود"، وكان اللقاء معه جيداً.
وتوصل الحكم بعدها باستدعاء للمثول أمام لجنة الأخلاقيات، على غرار زميله عمر الشداد، وعز الدين بلكايد، الموقوف حالياً على إثر تسجيل صوتي فارغ أيضاً.
وعن لقاءه أمام قاضي لجنة الأخلاقيات يتابع سعد وريد:" جلست أمام قاضي لجنة الأخلاقيات وسبقني عمر الشداد لذلك، سألني عن لقاء بمدينة الدارالبيضاء مع رئيس الرجاء الرياضي السابق عبد العزيز البدراوي، ووسيط رياضي إسمه أنيس، إلا أنني نفيت الأمر وطلبت منه مواجهتي مع هذا الشخص، لأني لا أعرفه ولم يسبق لي لقاؤه".
وأكدت للقاضي، على إمكانية اللجوء إلى تفريغ الكاميرات الخاصة بالفندق المفترض أنني التقيت به هؤلاء الأشخاص، وإن ثبث تواجدي هناك خلال 30 سنة الأخيرة" أنا مستعد لتحمل مسؤولية هذا الملف وقبول كل ما يتم قوله ضدي".
القاضي في لجنة كانت لديه نسخة من التسجيلات الصوتية الشهيرة، كما كشف سعد وريد، وعلق عليها في الجلسة بأن ما تحمل هو كلام مقاهي ولا يُدين الحكم.
وعاد المتحدث ذاته، للتشديد بأنه استفسر القاضي عن وجود أي قرار توقيفه ضده من طرف لجنة الأخلاقيات، فكان رده النفي.
6. مديرية التحكيم تتبرأ من توقيف وريد والشداد
كما أشارالمتحدث إلى أن نفس السيناريو بالنسبة لمديرية التحكيم، التي استفسرها لمرات عديدة بشكل مباشر أو عبر محاميه، إلا أن أنها تؤكد أن ليس لديها أي قرار بتوقيفه، ولا علاقة لها بالأمر.
"راسلت رئيس العصبة الاحترافية لكرة القدم، عبد السلام بلقشور عن الموضوع ، وطلبت لقاء معه، لكنه لم يستقبلنا ولم يرد على المراسلات الموجهة إليه، طلبت بمال الملف مع المحامي الذي يتابع القضية، فلم نصل لأي شيء لحدود اليوم، ولا معلومات عن القضية المفترضة"، يتابع.
كما أوضح بأنه حاول جمع بعض الخيوط في الكواليس والاستفسار بطريقة ودية عن وضعه، لكن ما يتردد هو أن الملف فارغ ولا يوجد قرار رسمي بإدانته قي قضية 15 مليون.
7.موقف رضوان جيد..
ولم تقف محاولات الحكم سعد، حسب قوله، حيث تواصل بشكل شخصي مع المدير الجديد لمديرية التحكيم، رضوان جيد بحثاً عن إجابات عن تساؤلاته، لكنه اصطدم مجددا برد:" معندي عليك تاحجة" أنت غير موقوف بالنسبة لي، شوف مع لجنة الأخلاقيات ايلا قالوا نرجعك من غدا تكون معنا".
الدوامة عادت من جديد، فلا لجنة الأخلاقيات قدمت جوابا شافيا ولا مديرية التحكيم اعترفت بأن هنالك قرار بتوقيف الحكم وزميله.
ولفت المتحدث الانتباه، بأنه الحلقة الأضعف في هاته القضية، حيث تم إبعاده عن ممارسة التحكيم دون قرار أو وثيقة تدينه، في المقابل باقي الأطراف المفترض في أنها "متورطة" لم تتضرر، بداية من نادي الرجاء الرياضي، ثم حكم المباراة سمير لكزاز وطاقمه، وصولا إلى الوسيط الرياضي الذي يشتغل بشكل عادي.
الضرر تعدى الصافرة وحالة نفسية صعبة
وحسب المعلومات التي توصل بها الموقع، فإن سعد وريد موقوف أيضا منذ أشهر من ممارسة مهنته، إلى تاريخ غير معروف، والسبب انتشار مقاطع فيديو عبر منصات التواصل الإجتماعي ووسائل الإعلام، تتحدث عن تورطه.
كما أن الحكم يعيش وضعا نفسيا صعبا بحيث لم يخفي أنه أصبح يحس بالإحراج سواء للقاء عائلته أو أصدقاءه بسبب البعد الذي اتخذته القضية وإدانته افتراضيا في قضية سمسرة دون وثيقة أو قرار رسمي.
كما كشف المتحدث ذاته، أن الأمر تجاوز المهني والنفسي وأصبح يمس سلامته الصحية، إذ يتابع علاجا مكثفاً بسبب نوبات عانى منها طيلة الأشهر الأخيرة، بسبب الضغط الذي لاحقه من كل جهة.
وعاد للتأكيد بأنه لم يستلم مالا من عمر الشداد، ولم يسلم أي شيء للحكم سمير الكزاز الذي قاد المباراة:"لو كنت متورطا فعلا لحاولت جر أطراف أخرى والاعتراف مثلا بأنني سلمت المال للحكم سمير لكزاز وتوريطه، أنفي تماما لقائي به".
وحسب المعطيات التي اطلع عليها"تيلكيل عربي"فإن عدد من القنوات ووسائل الإعلام الأجنبية، حاولت مرارا وتكرارا التواصل مع الحكمين عمر الشداد وسعد وريد، من أجل تسليط الضوء على وضعها.
وقوبلت هاته الطلبات كاملة بالرفض من طرف الحكمين معاً، اللذين يطلبان فقط "الإنصاف" والتوصل بقرار رسمي عن وضعهما المعلق، كما شرحا في تصريحات للمجلة.