في الوقت الذي يفرح فيه المغاربة بأمطار الخير "لي جاية فوقتها"، هناك منكوبون في جبال الأطلس الآن، يسكنون خياما بلاستيكية مرقعة، لم يحظوا حتى برفاهية تغييرها منذ عام و3 أشهر على نصبها، لا يستطيعون مشاطرتنا نفس الإحساس، بل يكرهون فصل الشتاء المقبل بكل قساوته. فكيف حالهم اليوم؟ وإلى أي مرحلة وصلت عملية الإعمار؟ وماذا تقدم الحكومة لانتشالهم من هذا الوضع؟
وفي هذا الصدد، وصف محمد الديش، رئيس الائتلاف المدني من أجل الجبل، الظروف التي يعيشها منكوبو الزلزال بـ"القاسية والمهينة"، مسجلا "غياب المرافق الصحية. فلا إضاءة ولا تدفئة، في ظل وصول درجة الحرارة إلى 5 درجات ليلا، ولا ماء صالح للشرب، اللهم ما تيسر من السقايات الجماعية".
وقال الديش، في تصريح لـ"تيلكيل عربي": "ما يمكن أن نطلق عليه شروطا دنيا للكرامة الإنسانية غير متوفرة داخل خيام بلاستيكية مهترئة يحاولون ترقيعها. هاته الوضعية الصعبة التي تتكرر للسنة الثانية، سبق ونبهنا إليها. في المرة الأولى، عذرنا الحكومة، بمبرر أن ما حصل كان صدمة للجميع، ولا أحد كان مستعدا له، لكن إلى متى سيتحمل هؤلاء الناس ما يتحملونه؟ بعثنا برسالة مفتوحة إلى رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، بعد مرور ستة أشهر على وقوع الزلزال. وقتها، أثرنا نقطة ضرورة وجود وسائل إيواء مقبولة وملائمة للظروف المناخية، سواء في فصل الصيف أو في فصل الشتاء".
وسجل المتحدث نفسه: "وبالفعل، مر فصل الصيف، ولم يجدّ جديد. وخلال الندوة لي عقدناها بمناسبة الذكرى الأولى لزلزال الحوز، وصفنا حصيلة المستفيدين الرسمية التي أعلن عنها رئيس الحكومة، بكونها مخجلة، نظرا إلى بطء عملية إعادة الإعمار".
وأبرز الديش أن "عددا قليلا جدا استطاع إكمال إعمار سكنه"، موضحا أنه "من بين 58 ألف مستفيد من عملية صرف الدفعة الأولى من الدعم الخاص بإعادة بناء المنازل المنهارة، استطاع عدد قليل فقط المرور إلى الاستفادة من الدفعة الثانية من الدعم، نظرا إلى كون الدفعة الأولى لم تمكنهم من استيفاء شروط الاستفادة منها. تخيلي أن من استطاعوا المرور إلى الاستفادة من الدفعة الرابعة بلغ قرابة ألفي شخص فقط".
وحول ما إذا كان هناك من وجد مكانا آخر للعيش غير الخيام البلاستيكية، رد رئيس الائتلاف المدني من أجل الجبل: "هناك البيوت المتنقلة، لكن نسبة المستفيدين منها قليلة جدا. كما أنها تبقى سكنا مؤقتا. يمكن في الحرارة ماغتكونش صالحة، ولكن بالنسبة للبرد والريح والشتاء، فراه الناس مغطيين على الأقل".
وتابع: "هناك، أيضا، من تمكن، بفضل الدعم المباشر، من الانتقال إلى مناطق حضرية قريبة من منطقة سكنهم القديم، حتى يستطيعوا البحث عن فرص عمل، ويستطيع أبناؤهم إكمال دراستهم"، مضيفا: "صحيح أنه تم تمديد الاستفادة من الدعم المباشر لخمسة أشهر إضافية بعد مرور عام على النكبة، إلا أن هاته الخطوة لن تحلّ المشكل. ما يمكنش هاد الناس غيسكنوا في خمسة أشهر".
وأبدى الديش استغرابه من سير عملية إعادة الإعمار ببطء شديد، مسجلا: "استبشرنا خيرا بتعيين مدير وهيكلة "وكالة تنمية الأطلس الكبير"، رغم مرور سنة وشهر تقريبا على النكبة. ونتمنى أن تباشر الوكالة، بشكل مستعجل، عملها، وتحاول تدارك الوقت الضائع، وتنصت للناس، وتعيد الإحصاء وتقييم الدعم المسجل سابقا. كما نتمنى، أيضا، أن تعمل على تأهيل جميع المناطق الجبلية، حتى لا يتكرر ما حصل في زلزال الأطلس الكبير".
وأضاف المتحدث نفسه: "على الوكالة أن تضمن الالتقائية بين القطاعات المتدخلة، وتضمن التنسيق بينها، وتمكن من تجاوز العراقيل المسطرية بالإدارات، وإلا فلن يعود الناس إلى منازلهم إلا بعد مرور قرابة خمس سنوات".
وأرجع الديش أسباب البطء الحاصل، "أولا، إلى بطء وتيرة منح الرخص، وثانيا، إلى رفض الساكنة إبعادهم عن دواويرهم؛ كون البدائل التي اقترحت عليهم ليست الأفضل من نوعها".
وأوضح: "كانت هناك وساطات، وتم الاتفاق على حل وسط، لكنها خطوة كان يجب التسريع باتخاذها. فالتوجيهات الملكية كانت واضحة منذ البداية، وهي ضرورة الحفاظ على أنماط عيش الساكنة. كاين لي عندو الفلاحة، والكوري، والشجيرات، والنادر. ما يمكنش يقلعوه من أرضه ومن الطريقة لي كبر وولف يعيش فيها. بل يجب أن تتم المحافظة على النمط المعماري الذي كان يعيش فيه، والأنشطة الأنشطة الفلاحية والزراعية والرعوية التي كان يمارسها. هؤلاء الناس كانوا يعيشون في بنايات تضم مرافق عديدة، وليس في صناديق إسمنتية".
أما السبب الثالث، يضيف الديش، فيتمثل في "كلفة مواد البناء المرتفعة، وصعوبة وصولها إلى المناطق المنكوبة"، موضحا أن "الطريق غير المعبدة تصعب مهمة الشاحنات. أخنوش كان يناشد بتسريع الأمور، لكنه لم يناشد حكومته بتسريع التزاماتها.. شكون غيدير الطرقان؟ وشكون غيوصل الماء والضو ويبني المدارس والمستوصفات؟ الدولة. والدولة براسها تعثرت بشكل كبير غير باش تحل 65 كيلومتر ديال الطرقان. وحتى طلبات العروض، لم يتم الإعلان عنها إلا في شهر يوليوز المنصرم؛ بمعنى بعد مرور عام تقريبا على وقوع الزلزال".
كما سجل المتحدث نفسه أن "ثمن وصول السلعة إلى عين المكان قد يزيد بنسبة 50 في المائة من ثمنها الأصلي، كونها تُنقل لمرتين أو ثلاث مرات، قبل أن يتم حملها على الدواب، كمرحلة أخيرة، وهو ما لا يستطيع مبلغ الدعم أن يغطيه".
واعتبر الديش، في ختام تصريحه، أن "تقييم كلفة إعادة الإعمار لم يتم بالشكل الصحيح؛ بحيث لم يراعي خصوصية المكان، أو الأسعار التي زادت بشكل مهول، أو المضاربات... إلخ".