شغل ملف اللحوم المستوردة وتأثيرها على القطيع الوطني وأسعار اللحوم في الأسواق حيزا واسعا من النقاشات بين نواب الأغلبية والمعارضة بمختلف أثناء مناقشة الجزء الأول من مشروع قانون المالية لسنة 2024.
أزمة اللحوم
في السياق ذاته، قال عبد الحق البوتشيشي، رئيس الجمعية الوطنية لهيئة تقنيي تربية المواشي، ومستشار فلاحي معتمد من طرف وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات في تصريح له: "إن العجول المخصصة للذبح التي يتم استيرادها من إسبانيا وتُباع في المغرب بأسعار تتراوح بين 100 و120 درهم، هي نفس اللحوم التي يتم ذبحها في إسبانيا وتُستورد إلى المغرب بأسعار تتراوح بين 80 و90 درهم. ومن هنا يظهر أن المشكلة تكمن في الوسطاء والتجار، ومن الضروري أن تتخذ الدولة كافة التدابير اللازمة لمراقبة جميع المواد المستوردة والمُدعمة، مع فرض سقف على أسعار البيع للمستهلك."
وفيما يخص مسألة الاستيراد، أوضح البوتشيشي في تصريح خص به "تيلكيل عربي" قائلاً: "نعم، يمكن استيراد اللحوم لفترة محددة بهدف إعادة بناء القطيع وضبط الأسعار، ولكن يجب أن يتزامن ذلك مع العودة إلى جوهر المشكلة، المتمثلة في الاهتمام بالقطيع الوطني. يجب أن نولي اهتماماً أكبر بالمربين الذين يواجهون التحديات بمفردهم. صحيح أن هناك برامج دعم، لكنها لم تحقق النتائج المطلوبة، ولابد من تشخيص دقيق للمشكلة. فطالما أن شركات تجميع الحليب ترفض قبول الحليب المحلي، فإن الحلول على المدى القصير ستكون غير فعّالة، وستستمر الأزمة".
غياب المحاسبة في القطاع الحيواني
وأكد البوتشيشي قائلاً: "ما دامنا نستورد بذرة الحليب، فلن نحقق أي إنتاج أو نتائج مرجوة. كما أن استمرارنا في ذبح إناث المجترات سيؤدي إلى نتائج سلبية مؤكدة. وإذا لم نُعد النظر في طريقة تطبيق التلقيح الاصطناعي للأبقار، فإننا سنستمر في الاعتماد على الاستيراد. كما أنه ما دام لم تتم محاسبة الفدراليات البينمهنية عن نتائج برامج العقود التي تم توقيعها مع وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، فإن الوضع سيظل كما هو."
وشدد رئيس الجمعية الوطنية لهيئة تقنيي تربية المواشي، على ضرورة ربط المسؤولية بالمحاسبة، مشيراً إلى أن النتائج واضحة وظاهرة للعيان. فالفشل المستمر سيؤدي إلى المزيد من الحلول المؤقتة وغير الفعّالة.
التغطية الصحية
ولفت المتحدث إلى أنه "في الوقت الذي كان من المفروض تشجيع الفلاح والكساب على الرفع من انتاجه، فوجئ بفرض التغطية الصحية، فيكفي أنه ينتج ويساهم في تحقيق الأمن الغذائي ومن باب التضامن كان على الدولة تحمل تكاليف التغطية الصحية مقابل مجهوداته، فهو بين سندان شح التساقطات وغلاء الأعلاف".
وفيما يتعلق بالبحث العلمي، أشار إلى أنه "في ظل أزمة الأعلاف والجفاف ونقص المراعي، كان من الضروري أن تستثمر الدولة في البحث عن أعلاف بديلة وسلالات حيوانية تتكيف مع التضاريس والمناخ المحلي".
وأضاف قائلاً: "من يرغب في إنتاج اللحوم يجب أن يولي اهتماماً بإنتاج الأعلاف. كما يجب تقسيم المياه الجوفية لري جميع الأشجار والنباتات، بما في ذلك النباتات العلفية. وعلى الدولة أن تفرض على كل من يستفيد من الدعم المخصص للطاقة الشمسية والآبار والري بالتنقيط تخصيص جزء من الأراضي المسقية لإنتاج النباتات العلفية والزيتية."
واختتم حديثه بالقول: "الخلاصة هي أنه يجب تقييم جميع برامج الدعم المخصصة للإنتاج الحيواني للتأكد من أنها حققت أهدافها الفعلية."