الاتحاد الاشتراكي يرد على أوجار: قللت من التوقير الواجب دستوريا للإرادة الملكية

محمد فرنان

لم يمر اتهام محمد أوجار، عضو المكتب السياسي لحزب التجمع الوطني للأحرار، في لقاء نظمته مؤسسة الفقيه التطواني يوم 11 نونبر 2024، لليسار بـ"استفراد حزب" برئاسة كل مؤسسات الحكامة دون رد من الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية.

وجاء الرد عبر رسالة "أوجار بين الحكامة والسندان" المرسلة عبر لسان الحزب في جريدة الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، في عددها الصادر اليوم الثلاثاء 19 نونبر 2024، التي أوردت: "نتصور أن السيد محمد أوجار، الوزير السابق في حكومة عبد الرحمان اليوسفي، والسفير الحقوقي السابق في جنيف، لا ينشغل بالدرجة الأولى ب 'التطهير الأيديولوجي" للمؤسسات المسماة مؤسسات الحكامة، مثل المجلس الوطني لحقوق الإنسان أو المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي أو المجلس الاقتصادي أو المندوبية السامية للتخطيط أو حتى الهيئة الوطنية لمحاربة الرشوة والفساد".

وأضاف حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية أنه "كما نتصور أنه غير معني، بالدرجة الأولى، بالصبغة اليسارية لمن يتحملون مسؤوليتها، بقدر ما يهمه الحرص على "الاختصاص الترابي" للحكومة، والسعي إلى جعلها، طوبوغرافيا، مترامية الاختصاصات تضم مسالك الحكامة الخاضعة، في التقدير الدستوري، إلى سلطة الملك. وتقع، بالضرورة، في المنطقة ما بين شرعية التعيين وشرعية الانتخاب، أو في خليج الارتطام بينهما".

وأوضحت الرسالة أن "ما قاله هو تعبير عن مناخ عام يسود على مستوى رأس الحزب والحكومة، وهو أن تصريحات أوجار تتلاءم مع نزوع استعلائي مغرور عبر عنه وزراء آخرون، ومنهم بالذات لحسن السعيدي ومصطفى بايتاس، الأول بالحديث عن تفويض شعبي، لم يسبق أن ادعاه أي شخص في المغرب، مؤسسات وأفرادا، والثاني بالتعبير عن الاستفراد بالجهاز التنفيذي بمنطق "تغولي" يحكم الحزب الواحد عادة".

وتابع: "بيد أنه من سوء حظ القيادي والوزير السابق والسفير أن التقت الإرادة الملكية مع الكفاءة الاتحادية، ولهذا صعب عليه أن يدوس الثانية (الكفاءة) بدون أن يضع الأولى (الإرادة) في موضع المساءلة، ويقلل من التوقير الواجب دستوريا للإرادة الملكية، دون أن يشعر الاتحاديون واليساريون أنهم "الحائط الإيديولوجي القصير" وبالتالي يرتكبون المحظور".

وأشارت إلى أنه "مما يفهم من كلامه هو أن التعيين في المجالس التي وقع عليها نظره ونقده خاضع للاشتراط. كما لو أن هناك مسافة بين سلطة الاقتراح وسلطة التعيين، والحال أن المعرفة البسيطة ومتابعة النقاش العمومي وسؤال أهل العلم والدستورانية المغربية تفيد أن سلطة الاقتراح وسلطة التعيين هما وحدة لا تتجزأ، في حالة التعيينات الملكية. فكيف فاته ذلك وهو السفير الحقوقي والمبعوث الدولي والوزير السابق في العدل؟... (المثل المغربي الحكيم يعزو ذلك إلى شهية .. تصيب صاحبها، فيكون "شاف الربيع ما شاف الحافة"! .. بلغة أخرى، لقد استهدف الاتحاد فوجد نفسه بين الحكامة والسندان، أو الحكامة ... والديوان!)".

وأبرزت لسان الاتحاد الاشتراكي أنه "هو ما يضع شرعية طرح السؤال: هل كان وزير العدل والسفير الملم بالقوانين وسموها لا يدري هذه المحاذير، وما يمكن أن يأتي منها؟ هل يجهلها أم هي معرفة ترمي إلى ما هو أبعد منها، أي الموقف من صلاحيات التعيين الملكي بالذات، وبالتالي تغيير تلازم السلطتين... الاقتراح والتعيين في هذه النازلة؟ لا يمكن لأية سياسة أن تمحي ما كتبه الدستور، إلا ما محاه الدستور نفسه!!!".

ولفت المصدر ذاته إلى أن "قادة الأحرار يريدون، بصريح العبارة، أن تكون للملك فقط سلطة المصادقة على ما يأتيه من لوائح تقترحها الأغلبية وتزكيها، على ألا يتجاوز مجال الاختيار دائرة الأحزاب المكونة لها، حتى وإن انعدمت لديها النخب المؤهلة، كما يتضح من البرلمانيين والوزراء والمسؤولين عن القطاعات التي تعود إليهم مسؤوليتها".

وشددت الرسالة على أن "ما يهمه اليوم هو ترجمة المزاج السائد على رأس الحكومة، والذي لا يحبذ مؤسسات تفسد عليه النشوة الكبيرة والرضا عن النفس، ولو كان الغلاء فضيحة والفساد حقيقة والبطالة آفة تعطل 14 ٪ من المغاربة! وخلاصة القول إن الذي تابعناه منذ مجيء الحكومة، وانفجار كل بؤر الغليان في المجتمع، مع عجز بين في تنزيل الدولة الاجتماعية، هو النزوع الرهيب نحو الهيمنة المطلقة على كل الفضاءات، المؤسساتية منها والمدنية، بوسائل تروم إغلاق الحقل السياسي على حزب واحد… بثلاثة أسماء!".