الاتحاد المغربي للشغل يطالب بإصلاحات ضريبية واجتماعية

خديجة قدوري

أفاد الاتحاد المغربي للشغل، يوم أمس الثلاثاء، خلال الجلسة الشهرية المتعلقة بالسياسة العامة، بأن الأرقام الإيجابية المسجلة في المجالين الاقتصادي والمالي لا تنعكس بشكل ملموس على تحسين أوضاع المواطن المغربي، مؤكدا أن هذا النمو لا يترجم إلى تحسين في الأجور أو زيادة في دخل فئات واسعة من الأجراء الذين يواجهون أعباء معيشية متزايدة.

وأضاف الاتحاد أن هذا النمو لم ينعكس إيجابيًا على خلق فرص الشغل بشكل يمتص آفة البطالة المتصاعدة، كما أكد ذلك الإحصاء العام للسكان. ولم يسهم أيضًا في حماية القدرة الشرائية للمواطنين التي تظل جد متدنية بسبب الارتفاع المتصاعد في الأسعار، مما يؤدي إلى تآكل الأجور. علاوة على ذلك، لم ينجح هذا النمو في الحد من تفشي العمل غير المهيكل.

وشدد على أن أكثر من 60 بالمائة من القوى العاملة لا تزال خارج نطاق الحماية الاجتماعية، مما يشكل تهديداً حقيقياً للاستقرار الاجتماعي.

وأشار إلى حديث رئيس الحكومة عن التحسن الملحوظ في المداخيل الضريبية وارتفاع الاستثمارات الأجنبية، مما دفعه إلى إثارة إشكالية عدم عدالة نظامنا الضريبي، واتساع الفجوة بين الضرائب المفروضة على الأجور وتلك المفروضة على الأرباح الرأسمالية، مما يعكس تبايناً في المعاملة الضريبية ويزيد من تفاقم الفوارق الاجتماعية.

وأكد أن الأجراء هم الفئة الأكثر تحملًا للعبء الضريبي، حيث يتم اقتطاع 74 في المائة من الضريبة على الدخل مباشرة من المنبع. في حين أن الشركات الكبرى، وبعض القطاعات ذات الأرباح العالية لا تفي بالتزاماتها الضريبية، مما يساهم في تعميق الفجوة في توزيع الأعباء الضريبية.

وسجل أنه وإلى اليوم، لم تَستجب الحكومة لمطلبه العادل والمشروع بإجراء إصلاح ضريبي حقيقي يحقق العدالة الجبائية. كما أن ارتفاع المديونية العمومية، التي تجاوزت 70 في المائة من الناتج الداخلي الخام، يشكل عبئًا ثقيلاً على المالية العامة ويرهن استقلال الاقتصاد الوطني، مما يعقد من قدرة الدولة على التصدي للتحديات الاقتصادية المستمرة.

وأفاد أنه لا شك أن تعزيز الاستثمارات الأجنبية وتوقيع اتفاقيات تجارية جديدة مع دول وتكتلات اقتصادية كبيرة يُظهر صورة إيجابية للمغرب على الساحة الدولية، لكن يبقى السؤال المطروح هو مدى تأثير هذه الإنجازات على تحسين أوضاع المواطنين وظروفهم الاقتصادية في الداخل.

ولفت إلى أن تحسين جاذبية الاقتصاد المغربي لا ينبغي أن يكون على حساب حقوق العمال، سواء من خلال المساس بالحد الأدنى للأجور والأجور عمومًا، أو التغاضي عن طردهم، أو تقليص ساعات عملهم وأيام التصريح بهم لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، فضلاً عن المس بحقهم في التنظيم النقابي وممارسة حقوقهم النقابية، مما قد يؤدي إلى مزيد من الهشاشة الاجتماعية وعدم الاستقرار في سوق الشغل.

وأشار إلى أن من بين الحقوق الأساسية التي يجب صونها، يأتي حق الإضراب في المقدمة، خاصة أن المعطيات الرسمية، وفقًا لتصريحات كاتب الدولة المكلف بقطاع الشغل  تكشف أن 17 في المائة من الإضرابات المسجلة سنويًا تعود إلى عدم التصريح بالأجراء لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، في حين أن 67 في المائة منها ناتجة عن عدم احترام مقتضيات مدونة الشغل والتشريعات الاجتماعية، وهو ما يعكس حجم الاختلالات التي يعاني منها سوق الشغل.

ولفت إلى أنه، رغم خطورة هذه المعطيات، اختارت الحكومة، ممثلة في وزير الشغل، الالتفاف على الحق الدستوري والإنساني في ممارسة الإضراب بأساليب ملتوية، مما أدى إلى إفراغ الحوار الاجتماعي من مضمونه وإضعاف دوره في الدفاع عن حقوق الأجراء.

وأضاف أن النقاش حول أهم القوانين الاجتماعية تم تهريبه عمدًا، وبسبق الإصرار، من طاولة الحوار الاجتماعي إلى البرلمان، في تجاوز واضح لمحضر الاتفاق الاجتماعي الموقع بين الحكومة والحركة النقابية بقيادة الاتحاد المغربي للشغل، وهو ما يشكل ضربًا لأسس التفاوض والحوار المتوازن.