أمين سامي - خبير الاستراتيجية وقيادة التغيير للشركات والمؤسسات والاستراتيجيات التنموية
يعتبر إنشاء شركة تنمية محلية (SDL) متخصصة في التنمية الترابية وتعزيز مناخ الأعمال الاستثماري فكرة مبتكرة وقوية، لاسيما في ظل الحاجة إلى شركات تساهم في تطوير الأقاليم والمجالات الترابية وتحسين جاذبية الاستثمار. خاصة أن العمل الكبير اليوم يرتكز على تعزيز وتطوير مناخ الأعمال الاستثماري، من أجل تحفيز الاستثمارات العمومية والاستثمارات الأجنبية وتحريك العجلة الاقتصادية، ففكرة إنشاء شركة للتنمية المحلية متخصصة في التنمية الترابية وتعزيز مناخ الأعمال الاستثماري يمكن أن يلعب دورًا استراتيجيًا في عدة مجالات منها:
1. العمل على تنفيذ مشاريع تنموية محلية، خاصة من خلال تحسين البنية التحتية الأساسية والرقمية، الخدمات الحضرية، وإدارة الموارد المحلية بنجاعة اقتصادية. إن اختيار مفهوم النجاعة الاقتصادية ليس اعتباطيا، بل بالعكس فهو مفهوم استراتيجي ونقطة تحول أساسية في سلم نضج الممارسة الاقتصادية، فالنجاعة الاقتصادية هي النقطة الفاصلة بين سلم الممارسة الاقتصادية الدنيا، وبداية الممارسة الاقتصادية العليا، وبالتالي فالنجاعة الاقتصادية هي القدرة على تحقيق الأهداف وتنفيذ المشاريع الاقتصادية بأقل الموارد مع كفاءة وفعالية وجودة.
2. العمل على جذب الاستثمارات، عبر تهيئة بيئة أعمال ملائمة وإنشاء مناطق استثمارية جاذبة.
3. تعزيز الحكامة المحلية، من خلال تقديم حلول إدارية حديثة وتطوير الشراكات بين القطاع العام والخاص، وخلق أنواع جديدة من الشراكات، خاصة التعاون الدولي، شراكات الخبرة التقنية، شراكات مع التعاونيات، مع الجمعيات.. وبالتالي تعزيز نموذج الحكامة المحلية وتعزيز الجاذبية الترابية.
إن التقدم المحرز الذي حققه المغرب بفضل الرؤية المتبصرة لجلالة الملك محمد السادس، مكننا من التقدم في العديد من المؤشرات على المستوى الدولي والعالمي، إلا أنه يجب العمل أكثر خاصة أن الوضعية والظرفية العالمية تتسم بالأزمة واللايقين. وبالتالي في عالم أصبح اليوم يعرف تحديات جمة، منها التغير المناخي، الأمن المائي، الأمن الطاقي، الأمن الغذائي، التعقيد، السرعة.. والعديد من التحديات الأخرى وبالتالي يجب مواجهة هذه التحديات بحزم ولكن بالمقابل يجب الاستفادة من الفرص ومن القطاعات الاقتصادية الواعدة والمستقبلية مثل، اقتصاد البيانات، الذكاء الاصطناعي، البيانات الضخمة، البلوكتشين، الاقتصاد الدائري، الاقتصاد الأخضر، الاقتصاد الأزرق، الاقتصاد الاجتماعي والتضامني، اقتصاد التاريخ، اقتصاد الرياضة، اقتصاد الألعاب الإلكترونية، التجارة الالكترونية، الحوسبة السحابية، الأمن السيبراني،.... كل هذه الفرص وغيرها تتيح بناء مستقبل مزدهر اذا تم استثمارها وتوظيفها بشكل جيد ومستدام.
تسعى شركة التنمية المحلية للتنمية الترابية ومناخ الأعمال الاستثماري إلى العمل من أجل تحقيق الأهداف الاستراتيجية التالية:
أ. التنمية الترابية، من خلال إعداد وتنفيذ مخططات تنموية محلية تراعي الخصوصيات الاقتصادية والاجتماعية لكل منطقة، وتطوير مناطق اقتصادية خاصة تلائم طبيعة الأنشطة المنتجة محليًا، بالإضافة إلى تحسين البنية التحتية والخدمات الحضرية، مثل النقل، الصرف الصحي، والإنارة العمومية الذكية.
ب. تحسين مناخ الأعمال والاستثمار، من خلال تبسيط الإجراءات الإدارية أمام المستثمرين، من خلال توفير شباك موحد للخدمات الاستثمارية، والعمل على تهيئة مناطق صناعية ولوجستية متطورة تجذب المستثمرين المحليين والدوليين.
وتساهم في تشجيع ريادة الأعمال والمقاولات الناشئة عبر تقديم الدعم التقني والتمويلي.
ج. الابتكار والتحول الرقمي، من خلال رقمنة المعاملات والخدمات الإدارية لتسهيل التواصل بين الفاعلين الاقتصاديين والمؤسسات، والعمل على تطوير منصات إلكترونية تفاعلية توفر بيانات محدثة عن الفرص الاستثمارية باستخدام الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة في التخطيط الحضري والاستشراف الاقتصادي.
ولضمان استمرارية الشركة، يجب البحث عن مصادر تمويل متنوعة، مثل:
1. الشراكات مع القطاع الخاص من خلال مشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص (PPP).
2. القروض والمنح الدولية لدعم المشاريع التنموية المستدامة.
3. الاستثمار في أصول مدرة للدخل، مثل المناطق الصناعية والمجمعات الاقتصادية.
4. عائدات الخدمات المدفوعة مثل الاستشارات الاستثمارية وإدارة المناطق الاقتصادية.
بالإضافة يجب على الشركة عقد شراكات استراتيجية متوسطة وطويلة المدى مع:
1. المؤسسات المالية والبنوك: لتوفير التمويل وخطط الاستثمار.
2. الفاعلون الاقتصاديون والمستثمرون: لجذب رؤوس الأموال والمساهمة في تطوير المناطق الاقتصادية.
3. الجامعات ومراكز البحث: لتعزيز الابتكار والتخطيط القائم على البيانات العلمية.
إلا أنه بالمقابل هناك تحديات محتملة، يجب العمل على مواجهتها بكل جدية وحزم من خلال:
1. ضرورة التنسيق الجيد مع الجهات الحكومية لضمان تسهيل العمليات الإدارية، وتبني إطار قانوني مرن يسمح بالاستقلالية التشغيلية للشركة.
2. التمويل والاستدامة المالية، من خلال تنويع مصادر التمويل وعدم الاعتماد الكلي على الدعم الحكومي، والعمل على إنشاء مشاريع مدرة للدخل تضمن الاستدامة المالية للشركة.
3. المساهمة في جذب المستثمرين والشركاء، من خلال ضرورة تقديم حوافز استثمارية مثل الإعفاءات الضريبية أو تسهيلات القروض، والعمل على توفير دراسات جدوى اقتصادية دقيقة للمشاريع المطروحة لجذب رؤوس الأموال.
وبالتالي، فإن تنفيذ هذا المشروع بطريقة احترافية، قد يؤدي إلى جعل شركة التنمية المحلية للتنمية الترابية ومناخ الأعمال الاستثماري، نموذجًا وطنيًا رائدًا في مجال تطوير المجالات الترابية وتحفيز الاستثمارات. وبهذا ستكون الشركة حلقة وصل بين الجماعات الترابية، الفاعلين الاقتصاديين، والمستثمرين، مما سيساهم في تسريع التنمية المحلية وتعزيز التنافسية الاقتصادية للمغرب.