العلاقات المغربية الموريتانية.. لبكر: من الضروري تكثيف اللقاءات لخلق رأي مغاربي واحد

خديجة قدوري

نظمت الجمعية الوطنية الموريتانية بشراكة مع مجلس النواب المغربي، يومي 9 و10 ماي الجاري، الدورة الأولى من المنتدى البرلماني الاقتصادي الموريتاني – المغربي، الذي يناقش مجموعة من الملفات المحورية بهدف تعزيز العلاقة بين البلدين.

وقبل ذلك استقبل وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت، بدوره، يعقوب ولد سالم فال، الوزير المنتدب لدى وزير الداخلية وترقية اللامركزية والتنمية المحلية بالجمهورية الإسلامية الموريتانية المكلف باللامركزية والتنمية المحلية، في إطار زيارة عمل يقوم بها على رأس وفد هام يضم مسؤولين سامين في قطاع الداخلية واللامركزية.

المصالح المتبادلة بين البلدين

في هذا الصدد، قال رشيد لبكر، إن هذه الزيارة هي، أولا، تأكيد للروابط التاريخية التي تجمع بين المغرب وموريتانيا البلد الجار والشقيق، وهي رد مباشر على الذين يسعون إلى تعكير صفو العلاقات بين البلدين اللذين يتقاسمان نفس الهموم ويواجهان نفس التحديات ولهما نفس الرهانات والتطلعات، وبالتالي فواقع المصلحة المتبادلة يفرض عليهما تعزيز التعاون وتوطيد سبل العمل المشترك.

وأضاف لبكر، رئيس شعبة القانون العام بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة شعيب الدكالي بالجديدة، في تصريح لـ"تيلكيل عربي" اليوم الأربعاء، قائلا: عاينا في الآونة الأخيرة نشاطا ملحوظا في العلاقات بين البلدين ودينامية سيكون لها أثر إيجابي على هذه العلاقات، منها مثلا تنظيم الدورة الأولى من المنتدى البرلماني الاقتصادي الموريتاني – المغربي في نواكشوط، والذي شكل بدوره آلية أخرى للدفع بمستوى هذه العلاقات إلى أفق آخر من التعاون والتنسيق والشراكة البناءة بين الطرفين عبر تعزيز الشراكة الاستراتيجية، التي ظهرت معالمها من خلال مشروع الربط الكهربائي بين البلدين؛ فضلا عن افتتاح معبر بري دولي جديد يربط بين مدينة السمارة المغربية وبير أم كرين الموريتانية، بهدف تعزيز التبادل التجاري والتنقل بين البلدين.

وأوضح لبكر أن المغرب، بأسلوبه المتميز في إدارة ملفاته الديبلوماسية، على وعي تام برغبة موريتانيا في بناء علاقات متوازنة بين كل دول المنطقة المغربية، وهو يحترم هذا الخيار، بل وينطلق منه، لبناء علاقات أعمق وأنفع، أساسها الاحترام المتبادل وتشييد صرح التعاون الفعلي، قائم على رعاية المصالح المشتركة والقضايا الاستراتيجية، الحقيقية والبناءة، ذات الوقع الإيجابي على المنطقة وعلى شعوبها، بدل سياسات الاستنزاف والحرب الباردة والضرب من تحت الحزام وتسميم الأجواء التي تقوم عليها استراتيجية الجار الشرقي.

تحديات المنطقة

وفي هذا السياق، أبرز المتحدث ذاته أن الجميع مقتنع بأن المنطقة على موعد مع تحديات كبيرة، في واقع استراتيجي جد معقد يحتم عليها تكثيف علاقاتها الجنوب -جنوبية وبناء جسور نحو سياسات اعتماد متبادل بناءة، لمواجهة هذه التحديات المتعددة، ومنها مشكل التنمية والجفاف والإرهاب والهجرة والعصابة المنظمة والطاقة والأمن الغذائي والسباق العالمي المحموم بين نادي الكبار نحو اكتساب مناطق النفوذ..

وأضاف أنه في إطار الوعي المسؤول بهذه التحديات تندرج، إذن، زيارة الوزير المنتدب لدى وزير الداخلية وترقية اللامركزية والتنمية المحلية بالجمهورية الإسلامية الموريتانية، المكلف باللامركزية والتنمية المحلية إلى المغرب في إطار زيارة عمل جمعته بوزير الداخلية المغربي بمقر الوزارة بعاصمة المملكة، إذ من الواضح، إذن، أن مباحثات هذين المسؤولين المكلفين بالقطاعين الأكثر حساسية في كل الدول وهما الأمن والإدارة الترابية، ستهم الاطلاع أكثر على مقترح الحكم الذاتي وشرح تفاصيله أمام هذا المسؤول الترابي، باعتبار أن هذا المقترح، هو  المشروع الذي طرحه المغرب لحل مشكل الصحراء المغربية، باعتباره أرقى مستويات اللامركزية المتبعة في إدارة المجالات الترابية، بحيث يجمع في آن واحد بين الحفاظ على وحدة الدول وضمان سيادتها على كافة مكوناته الترابية، ثم فتح هامش كبير  من الحرية أمام الكيانات المحلية كي تتحمل مسؤولية إدارة شؤونها المجالية بنفسها وحسب خصوصياتها ولكن في احترام تام لسيادة بلدها وانضباط لقوانين الدولة التي تتبعها.

الحوار المشترك والتعاون

وفي سياق متصل، أشار لبكر إلى أنه من المهم جدا عقد مثل هذه اللقاءات وتفعيل أدوار كل المسؤولين في هذا الوقت الحساس الذي وصلت فيه قضية وحدتنا الترابية إلى المنعطف الحاسم بعد تزايد عدد الدول التي رفعت يدها عن دعم جبهة البوليساريو وأعلنت انضمامها إلى قائمة الدول المؤيدة لمقترح الحكم الذاتي كحل وحيد لقضية الصحراء المغربية.

ولفت لبكر الانتباه إلى أن تكثيف التحركات، سواء منها الرسمية أو الموازية لمؤازرة ودعم الآلة الديبلوماسية المغربية، هو واجب وطني يسائل كل مكونات الدولة في إطار التعبئة الشاملة التي يجب على كل طرف أن يتحمل جزءا من المسؤولية فيها، لاسيما بعد الموقف الإيجابي الذي عبرت عنه الإدارة الأمريكية الحالية تجاه وجهة نظر المغرب، ودخول الجار الشرقي في سلسلة من الانتكاسات الديبلوماسية والخيبات العلائقية الدولية.

واسترسل قائلا: هذه كلها مؤشرات إيجابية يجب استغلالها لصالح القضية المغربية، دون أن ننسى التنافس المحموم بين النوادي الكبيرة نحو اكتساب مناطق النفوذ، وهذا ما يحتم على الجميع التفكير الجاد والجدي والدفع في اتجاه تنمية الحوار المشترك والتعاون على خط الجنوب – جنوب، بين الدول المرشحة لأن تكون مسرحا لهذا التنافس قبل الإعلان عن أي موقف.

وتابع لبكر قائلا:  "لذا قلنا إن زيارة هذا المسؤول الموريتاني هي على قدر من الأهمية لتقريب وجهات النظر، ومن الضروري تكثيف مثل هذه اللقاءات لخلق رأي مغاربي واحد، يدافع عن مصالح الجميع في إطار رؤية شاملة وموحدة، تمكن هذه الدول من خلق جبهة تفاوضية قوية ومشتركة، وفي اعتقادي هذا هو السلاح القوي، الذي سيسمح لدول المغرب الكبير بخلق مواقع لها في خضم التحولات الجارفة التي تجتاح معترك العلاقات الدولية، فزمن الحرب الباردة ولى ولم يعد له وجود إلا في عقول دول الوهم التي مازالت تصر على مصارعة طواحين الهواء، نحن الآن، في زمن الواقعية والمصلحية.