زراعة الأفوكادو.. خبير: التصدير المهول للخضر والفواكه يشكل كارثة على الأمن المائي

خديجة قدوري

أنهى المغرب موسم 2024 /2025 بإنتاج 120 ألف طن من الأفوكادو، متفوقًا بفارق 45 ألف طن عن إنتاج إسبانيا الذي بلغ 75 ألف طن فقط.

هذا النمو الكبير جعل المغرب يتصدر المشهد كأحد اللاعبين الأساسيين في زراعة الأفوكادو عالميًا، حيث تضاعفت مساحة الأراضي المزروعة في المغرب بنسبة تزيد على 150 في المائة بين 2018 و2023.

في هذا الصدد، قال محمد بازة إنه عندما يتحدث المسؤولون عن الفقر والهشاشة وتدهور القطيع يشيرون إلى سبب واحد وأوحد يتمثل في الجفاف، في المقابل نجد مقالات تتحدث عن ارتفاع صادرات الأفوكادو والخضروات التي ينتجها المغرب.

وأوضح الخبير في الموارد المائية، في تصريح لـ"تيلكيل عربي"، أنه في السنوات الأخيرة أصبحت الصادرات التي تستهلك كميات كبيرة من المياه مرتفعة، والتناقض يبرز في كون أن هذا الارتفاع يحصل في أوج الأزمة المائية.

وكشف بازة أن ما يقع من تصدير مهول للخضر والفواكه يشكل كارثة على الأمن المائي وعلى السيادة الغذائية في البلاد. مضيفا أن تداعيات هذه الأزمة تتفاقم بشكل كبير.

وفي ما يتعلق بإنتاج وتصدير الأفوكادو، أشار الخبير إلى أن مساحتها ارتفعت ما بين سنتي 2022 و2024، إلى ما بين 4000 و 6000هكتار حسب تقديره، مما جعل هذه الأخيرة تصل إلى حوالي 13 ألف هكتار، والمشكل أنها تتمركز في غرب المملكة أي في حوض سبو، المهدد بكارثة بيئية إذا ما استنزفت مياهه الجوفية ، وكل ما ينتج من أفوكادو وكذلك جزء مهم من الخضر يتم إنتاجه بالمياه الجوفية، ويتم استعمالها بصفة عشوائية، أي بدون مراعاة الكميات التي يجب أن لا يتم تجاوزها.

ووفقا لمعطيات رسمية لوزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، تم إدخال زراعة شجرة الأفوكادو لأول مرة لمنطقة اللوكوس خلال الموسم الفلاحي 1988 /1989 على مساحة قُدّرت بثلاثة هكتارات.

وذكر الصدر ذاته أن زراعة الأفوكادو شهدت توسعًا ملحوظًا على مر السنوات، نتيجة الطلب القوي في الأسواق الوطنية والدولية، إلى جانب الأسعار الجذابة التي تُعرض غالبًا لفائدة المنتجين. وتُستعمل في هذه الزراعة أربع أصناف رئيسية، وهي: زوتانو، هاس، بايكون وفويرتي.

وأشار بازة إلى "أن وزير الفلاحة قال إن المغرب لا يصدر سوى 5 في المائة من المياه التي يستعملها في الري، دون توضيح عن أي مدة من الزمن يتحدث وعن أي مساحات مروية،  ثم لم يوضح ما إذا كان يقصد المياه السطحية أم فقط المياه الجوفية أم النوعين معا".

وصرح بأن "الاحتمال الأقرب لكي تكون الـ 5 في المائة التي تحدث عنها الوزير حقيقية، أن تشمل فقط المياه السطحية خلال سنوات الجفاف". مضيفا أنه "من الممكن أن يكون الوزير قد تحدث عن مياه السدود التي استعملت في الزراعة وتم تصدير 5 في المائة منها فقط، أما غير ذلك فالمعطيات التي تم تقديمها هي مغالطة".

وأوضح بازة أن "وزير التجهيز والماء سبق له أن صرح عدة مرات، وآخرها يوم 20 ماي، بأنهم يضطرون  إلى الاستغلال المفرط لفرشات المياه الجوفية لضمان المياه الزراعية ومياه الشرب، بحيث يتم استهلاك ما بين 6 و7 مليارات متر مكعب سنويا، لكن لدينا عجز قدره 3 مليارات متر مكعب.

بدوره أفاد بازة، بأنه بناء على معطيات وزارة المياه، فإن المياه الجوفية تساهم بحوالي 30 في المائة من متطلبات مياه الشرب، وفي حال احتساب متطلبات مياه الشرب نجد أن 30 في المائة من المياه الجوفية تكون في حدود 450 مليون متر مكعب، الوزير قال نستهلك ما بين 6 و7 إذا بمعدل 6.5 كل سنة من المياه الجوفية.

أضاف الخبير شارحا، إذا حذفنا نصف المليار متر مكعب الذي قلنا إنه يعود لمياه الشرب، فإن الفلاحة إذن تستهلك حوالي 6 مليارات في السنة من المياه الجوفية، في حين أن الوزير أشار إلى أن ما يتم إعادة تغذيته من المياه الجوفية هو في حدود 3 مليارات، يعني نستهلك 6 مليارات في السنة بينما التغذية في حدود 3 مليارات أي نستهلك ضعف الكميات التي هي متجددة، أو أننا نستهلك 3 مليارات من المياه الغير متجددة كل سنة على الأقل خلال السنوات الست أو السبع الأخيرة.

وأورد بازة، أن هناك أيضا معطيات بشأن الصهاريج المستعملة لتخزين المياه الجوفية قبل استخدامها للري التي أثبتت دراسة أجريت خلال السنة الفارطة (2024)، أن عددها يفوق 227 ألف وأن الفاقد منها بسبب التبخر تم تقديره بحوالي 950 مليون متر مكعب أي تقريبا مليار واحد من الست مليارات المشار إليها سابقا، بينما الباقي أي حوالي خمس مليارات في السنة تمثل الاستهلاك المباشر من قبل المنتوجات الفلاحية. وبالنظر إلى كون 3 مليار متر مكعب غير مجددة، أي أنها تمثل الاستنزاف السنوي، فإن هذه الوتيرة تجعل الفلاحة المروية غير مستدامة وتسير بالأمن المائي للبلاد إلى الهاوية.

ولفت بازة الانتباه، إلى أن من بين الخمس مليارات من المياه الجوفية المستعملة للزراعة خلال كل من سنتي 2023 و 2024 تم استهلاك منها أكثر من مليار متر مكعب في السنة لصادرات الخضر والفواكه، مما يجعل أكثر من 20 في المائة من المياه الجوفية المستهلكة من قبل الفلاحة يتم تصديرها.

وفي سياق متصل، قال بازة إن الأشخاص الذين يتحدثون عن تفوق المغرب على إسبانيا في ما يخص صادرات الأفوكادو، لا يدركون حقيقة الوضع الذي يتعلق بالمياه، لأنهم يقارنون وضعين مختلفين تماما لا يمكن مقارنتهما، لأن في اسبانيا قانون مياه مهم جدا ويطبق حرفيا، فمن يقوم بحفر بئر بدون ترخيص في اسبانيا يدفع غرامة عالية قد تؤدي إلى إفلاسه، كما أن المياه الجوفية التي يتم ضخها تراعي الكميات المتجددة، مما يضمن ديمومة كل من المياه الجوفية والفلاحة المروية. بينما عندنا القانون مهم أيضا، لكن لا يتم تطبيقه، حيث نلاحظ أن معظم الآبار غير مرخصة وكميات المياه التي يتم ضخها تفوق بكثير الكميات المتجددة مما يهدد كل من الأمن المائي للبلاد واستدامة الفلاحة المروية .