العلاقات بين المغرب وبنما تدخل مرحلة جديدة من التعاون

خديجة عليموسى

قال ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، إن زيارة وزير خارجية جمهورية بنما خافيير مارتينيز آشا فاسكيزإلى المغرب، تندرج ضمن مرحلة جديدة من العلاقات الثنائية، بدأت بعد قرار بنما، في 21 نونبر من السنة الماضية،  القاضي بسحب اعترافها بالجمهورية الوهمية.

وأوضح بوريطة، خلال ندوة صحفية مشتركة اليوم الاثنين بالرباط، أن هذا القرار الهام أعقبه توجيه رسالة من الملك محمد السادس إلى الرئيس البنمي خوسيه راؤول مولينو، عبر فيها الملك عن ترحيبه بالقرار، وعن التزام المملكة بالدخول في مرحلة جديدة من العلاقات الثنائية بين البلدين.

وأضاف أن الزيارة تأتي في إطار هذا المسار، مبرزا أنه تم الاتفاق، بتوجيهات من قائدي البلدين، على تعزيز التعاون في مجالات السياحة، والأمن الغذائي، وصناعة الأسمدة، والتنسيق بين الموانئ، باعتبارها أولويات استراتيجية في الشراكة الثنائية.

وتابع بوريطة أن الأسابيع والأشهر المقبلة ستعرف زيارات لعدد من المسؤولين البنميين، بينهم وزراء الفلاحة والتجارة والمدير العام للأمن والاستخبارات، مشيرا إلى أن رجال الأعمال من البلدين سيشاركون بدورهم في هذه الدينامية، عبر زيارات متبادلة تهدف إلى تعزيز الشراكة الاقتصادية.

بوريطة، أفاد بأن الوزير البنمي سلم، خلال هذه الزيارة، رسالة خطية من الرئيس خوسيه راؤول مولينو كوينتيرو إلى الملك محمد السادس، وذلك في إطار التفاعل رفيع المستوى الذي يطبع علاقات التعاون بين الرباط وبنما منذ قرار هذه الأخيرة سحب اعترافها بالجمهورية الوهمية في نونبر الماضي.

وأعلن المسؤول الحكومي أنه تم الاتفاق على عقد اجتماع مرتقب للجنة الحوار السياسي، بغرض تعميق التنسيق والتشاور بين البلدين بشأن عدد من القضايا ذات الاهتمام المشترك، سواء على المستوى الثنائي أو الإقليمي، مؤكدا أن "المغرب وبنما لديهما تقريبا مواقف متشابهة، وينظران إلى  مجموعة من القضايا من نفس الزوايا، وتجمعهما كذلك مجموعة من القيم والمبادئ في السياسة الخارجية".

وفيما يتعلق بالإطار القانوني المنظم للعلاقات الثنائية، أفاد وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، بأنه تم التوقيع على ثلاث اتفاقيات، تهم خارطة طريق للتعاون القطاعي، واتفاقا بشأن الجوازات الرسمية، بالإضافة إلى إعلان مشترك بين البلدين.

وأضاف أنه تم أيضا، تبادل مذكرات تتعلق بدخول عدد من الاتفاقيات السابقة حيز التنفيذ، من ضمنها تلك المرتبطة بالنقل والتعاون القطاعي.

وتابع بوريطة قائلا: "الرغبة التي عبر عنها جلالة الملك والرئيس البنمي نترجمها اليوم إلى مبادرات، وإلى مشاريع، وكذا إلى نصوص قانونية"، مبرزا أن البيان المشترك الموقع بين الطرفين يتضمن مواقف مشتركة حول عدد من القضايا الإقليمية والدولية.

وبخصوص قضية الصحراء المغربية، قال الوزير إن الزيارة كانت مناسبة لتجديد "تثمين المملكة المغربية للمواقف التي عبرت عنها بنما من قضية الوحدة الترابية، بعد قرار سحب الاعتراف بالكيان الوهمي وإغلاق مكتبها في بنما".

وأضاف أن البيان المشترك يتضمن تأكيدا على أن "مبادرة الحكم الذاتي هي الأساس الوحيد لحل هذا النزاع الإقليمي المفتعل"، مبرزا أن بنما، باعتبارها عضوا غير دائم في مجلس الأمن، تساهم بموقفها في الدينامية المتصاعدة التي تعرفها قضية الوحدة الترابية.

واسترسل بوريطة متحدثا ضمن الندوة الصحفية ذاتها قائلا : " بنما تنضم إلى تحالف دولي واسع يضم 71 في المائة أو أكثر من أعضاء الأمم المتحدة، الذين يقولون بشكل منسجم وبشكل واضح أنه حان الوقت لحل هذا النزاع، وأنه لا يمكن أن يكون الحل إلا في إطار السيادة المغربية، ومن خلال مبادرة الحكم الذاتي التي قدمها المغرب في 2007".

وأشار إلى أن هذا التوجه يخلق ظروفا مواتية داخل المجتمع الدولي ومجلس الأمن للسير نحو حل نهائي لهذا النزاع، الذي طال أمده وخلف آثارا إنسانية على المحتجزين في تندوف، كما ساهم في تعطيل فرص الاستقرار والاندماج الإقليمي في منطقة شمال إفريقيا.

وخلص وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج إلى أن زيارة نظيره البنمي إلى المملكة تترجم الإرادة المشتركة لجعل هذه الصفحة الجديدة من العلاقات الثنائية مناسبة لتعزيز التعاون القطاعي، وتعزيز الإطار القانوني، وتعبئة جميع الفاعلين، سواء في القطاع الحكومي أو الخاص، من أجل الانخراط في الدينامية الجديدة التي تطبع علاقات الشراكة بين الرباط وبنما.