يعتبر محمد بنقدور، رئيس الجامعة الوطنية لجمعيات المستهلك، أن مقاطعة ثلاثة منتوجات استهلاكية من حق المغاربة، وما على المنتجين إلا أن يردوا عليهم بنفس مواقع التواصل الاجتماعي أو من خلال وصلات إشهارية عبر التلفزيون، لتوضيح حقيقة الأسعار التي يعتمدونها، وتقديم إجابات عن تساؤلات المستهلكين المقاطعين. وأضاف بنقدور أن ارتيابا حصل لدى الجامعة الوطنية لجمعيات المستهلك في بداية حملة المقاطعة، خشية أن يرتبط ذلك بأياد خفية أجنبية تستهدف البلاد، معتبرا أن الحل يكمن في تفعيل مجلس المنافسة الذي من شأنه أن يوضح للمستهلكين ما يحتاجون إليه في هذا المجال.
يبدو أنكم لم تتخذوا، كجامعة وطنية لجمعيات المستهلك، موقفا واضحا من حملة مقاطعة ثلاثة منتوجات استهلاكية...
نحن جمعية لم يتم تأسيسها وقفا لظهير 1958 (الحريات العامة)، نحن الجمعية الوحيدة المؤسسة بمقتضى قانون 31.08 الذي يقضي بتدابير لحماية المستهلك، وبالتالي نحن ملزمون باحترام هذا القانون.
هذا القانون في مادته الأولى يقول إن هناك حقوقا أساسية سنتها الجمعية العمومية لمنظمة الأمم المتحدة، وهي الحقوق التي تبناها المغرب في القانون 31.08. وهذه الحقوق الممنوحة للمستهلك هي ستة؛ الحق في الإعلام، الحق في الاختيار، الحق في التراجع، الحق في التمثيلية، الحق في الاستماع إليه، والحق في الدفاع عن حقوقه الاقتصادية.
ونحن نحترم هذه الحقوق ونقول، مثلا، بالنسبة للحق الأساسي وهو الحق في الاختيار، إذا عبر المواطن أو محموعة من المواطنين، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وقرروا أن يقاطعوا منتوجا معينا ولو بدون مبرر فهذا من حقهم.
ومن حقهم اختيار المنتوج الذي يريدون. وهذا حق أعطاه لهم القانون. وإذا كان هذا الاختيار مكفول بالقانون 31.08، فعلى الجامعات وكل من يشتغل أو لا يشتغل في مجال حماية المستهلك أن يحترم هذا القرار.
ومن جهة ثانية، لابد من الإصغاء إلى المستهلك، وهذا المستهلك الذي قاطع منتوجا معينا يجب أن يصغي إليه صاحب هذا المنتوج وليس غيره، حيث يجب عليه أن يجالس المقاطعين ويسألهم عن السبب والمشكل الذي كان وراء ذلك. ويفسر لهم ويقنعهم بسياسة الأسعار، وهذه الطريقة هي الكفيلة بعودة المستهلك إلى المنتوج...
هذا المستهلك الذي قاطع منتوجا معينا يجب أن يصغي إليه صاحب هذا المنتوج وهذه الطريقة هي الكفيلة بعودة المستهلك إلى المنتوج...
ولكن مع من يتحدث صاحب المنتوج والمقاطعون ليسوا منتظمين في جمعية أو هيأة؟
طبعا عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لم يعد ضروريا الآن البحث عن من يتكلم. الآن انتهى الحديث عن مجالسة مَن. ويجب التواصل مباشرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي وهي التكنلوجيا التي يستعملها المقاطعون والجواب عليهم يجب أن يتم عبر هذه التكنلوجيا. المسألة صارت واضحة...
ولكن ألا يبدو لكم أنه تم تجاوز جمعيات حماية المستهلك بعد اتخاذ المبادرة عبر هذه المواقع للتواصل الاجتماعي؟
دعنا من التجاوز أو عدمه، فهذا ليس إشكالا في حد ذاته، لأن المواطن من حقه أن يعبّر من تلقاء نفسه. ومن حقه أن ينخرط في جمعية لجماية المستهلك، ولكن ليس كل الناس منخرطين في جمعيات حماية المستهلك.
وما معنى جمعية؟ هما شخصان أو ثلاثة أو ما فوق يجتمعون بينهم ويتفقون على الدفاع عن المصالح المشتركة بينهم، ولكن 30 مليون مغربي ليسوا كلهم منخرطين في الأحزاب والنقابات وجمعيات المجتمع المدني، ولا يمكننا أن نعول الآن فقط على هذه المؤسسات.
وهذه الفئة العريضة جدا وغير المنخرطة في تلك المؤسسات يمكنها أن تعبر عن نفسها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وتنخرط في حملات مرحلية وموسمية وتسير الأمور، وقد وقع ذلك في الربيع العربي... نحن متفقون جميعا أن هذا زمن التكنولوجيات الحديثة ومواقع التواصل الاجتماعي التي تدخل البيوت مباشرة ولا تنتظر اجتماعات وعقد لقاءات، وهذا واقع يجب أن نتعامل معه بنفس السلاح.
كيف تدعمون كجامعة حركة المقاطعة هذه؟
المقاطعون لا يحتاجون دعما ولا غيره.
ولكن ما موقفكم أنتم من هذا الحراك؟
موقفنا هو أنه ما علينا إلا أن نحترم القرار الذي اتخذه المستهلك كيفما كان. حتى لو كانوا عشرة أشخاص وليسوا آلافا، وقرروا مقاطعة منتوج باختيارهم نقول إننا نساندهم...
كيف تستجيب أعلى سلطة في البلاد لمواقع التواصل الاجتماعي ومؤسسات أخرى لا تستجيب
كيف تنظرون إلى المقاطعة الحالية التي بدأت محتشمة وعرفت تصاعدا؟
هذه ليست أول تجربة، حتى الربيع العربي بدأ محتشما ثم تطور، وفي المغرب وقع نفس الشيء، واستجاب الملك محمد السادس، فكيف تستجيب أعلى سلطة في البلاد لمواقع التواصل الاجتماعي ومؤسسات أخرى لا تستجيب. الآن يجب أن تكون هناك مبادرات استباقية، بحيث يجب على الدولة والمسؤولين المعنيين بالمقاطعة أن يتخذوا إجراءات ويستجيبوا لمطالب هؤلاء المستهلكين في إطار "المعقول".
وفي حالة عدم القدرة على الاستجابة، عليهم أن يشرحوا للناس لماذا لا يستطيعون الاستجابة. وهم يصرفون الأموال على الإشهار ليدخل كل البيوت من أجل الترويج لمنتوجاتهم، ولكنهم عند المقاطعة لم يستطيعوا أن يردوا على الناس.
عليهم أن يعدوا وصلات في التلفزيون ويشرحوا للمستهلكين. نحن نريد أن يتم ذلك في إطار احترام كرامة الجميع، فلا يهان المزود ولا يهان المستهلك...
لانقبل كجامعة أن يُهان المستهلك ويتم اتهامه بصفات ليست مقبولة، فليس مقبولا وصفهم بـ"المداويخ" أو غير ذلك لأن ذلك حقهم
وما هو أفق حركة حماية المستهلكين؟
يجب أن نعرف أن الاستهلاك معني به 30 مليون مغربي كلهم وبدون استثناء، حكومة وشعبا وأحزابا ونقابات ومجتمعا مدنيا، وكلٌّ له دور عليه أن يلعبه. فالحكومة يجب أن تكون لها المبادرات الاستباقية لتنظر في هذه المشاكل وتبعث الروح في مجلس المنافسة والذي بإمكانه أن يقدم لنا الحقيقة، فهو مجلس يضمن مصلحة المواطن المستهلك وفيه مصلحة للمزود.
في موضوع المحروقات مثلا، كان من المفترض أن يقول لنا مجلس المنافسة مثلا إن ما تقولونه غير صحيح وهناك منافسة حقيقية وربح معقول. هذا المجلس الذي نطالب بوجوده هو آلية للتحكيم التي ستعطينا الرأي الذي سيحترمه الجميع، حكومة وشعبا ونقابات ومستهلكين ومجتمعا مدنيا. في غياب ذلك، تبقى الأمور مفتوحة على كل التأويلات. بالنسبة إلينا كحركة استهلاكية عملنا بنضالاتنا على استصدار قانون 31.08 والحمد لله ظهر هذا الحس للتواصل الاجتماعي والذي كان نتيجة للتحسيسات المختلفة التي تمت في السابق...
هناك من يتهم جهات سياسية بأنها تقف خلف هذه المقاطعة...
بالنسبة إلي، أنا أحترم المستهلك الذي يمكن أن يكون سياسيا أو نقابيا أو ما يريد. وهل لدينا نحن الصلاحيات والإمكانيات لنعرف من هؤلاء. كل ما هنالك أننا خشينا في البداية أن تكون هناك أياد أجنبية خفية تستهدف الإساءة إلى الوطن ولذلك لم نتحرك مباشرة، وهذا الأمر تختص به، في الواقع، جهات مسؤولة، فإذا وقع شيء من هذا القبيل تخبرنا به.
أما إذا كان الأمر داخليا بيننا، سواء عبّر عن ذلك حزب أو نقابة، فهذا شأن داخلي يجب أن نعالجه. وهذه الحركة يمكن أن يركب عليها السياسي أو النقابي ولكن هذا يهمّ كل المغاربة ومن حق الجميع أن يعبّر عن رأيه.