محللون: السعودية تحاول طي صفحة خاشقجي لكن تداعياتها ستبقى لزمن طويل

أ.ف.ب / تيلكيل

تحاول السعودية طي صفحة قضية قتل الصحافي جمال خاشقجي في قنصليتها في اسطنبول، لكنها لا تزال تحت المجهر والضغوط الدولية، بحسب محللين.
وذكرت "مجموعة يوراجيا" للاستشارات إن "السلطات السعودية تسرع تحقيقاتها مع المشتبه بهم في قضية خاشقجي ومحاكمتهم لنزع فتيل أي تصعيد محتمل من جانب تركيا والكونغرس الأمريكي".

وقالت الجمعة إن النظام السعودي لا يزال في "وضع متأزم".

وأعلنت النيابة العامة السعودية أن المستشار في الديوان الملكي برتبة وزير سعود القحطاني لعب دورا محوريا في التحضير للعملية إذ التقى "فريق التفاوض" قبل أن يغادر إلى اسطنبول. والقحطاني والعسيري مقر بأن من ولي العهد وقد أعفيا من منصبيهما.

واعتبرت مجموعة "يوراجيا" الاستشارية "رغم أن التحقيق ليس مستقلا على وجه الخصوص، لقد تم ابعاد ولي العهد عن القضية برمتها".

وتابعت "لكن رغم الجهود المبذولة ستبقى القيادة السعودية عرضة لتداعيات هذه القضية".

والجمعة انتقدت صحيفة "واشنطن بوست" ما اعتبرته تناقضا في الرواية السعودية، متهمة إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالمشاركة في "تغطية" المتورطين.

وكتبت الصحيفة "على الكونغرس... تعليق بيع الأسلحة للسعودية وتعليق التعاون معها حتى إنجاز تحقيق دولي ذو مصداقية في قضية قتل خاشقجي".

ورفضت السعودية الدعوات لإجراء تحقيق دولي في الجريمة.

وقال ستيفن هيرتوغ من كلية لندن للعلوم الاقتصادية "حاليا لا تبدو الضغوط الأميركية على وشك التوقف".

وتابع هيرتوغ "بخلاف إخضاع بيع الأسلحة لعقوبات وهو ما سيقاومه ترامب، لم يتضح ما يمكن للكونغرس أن يفعله. ويبدو من غير المرجح فرض عقوبات مباشرة على الأمير محمد بن سلمان، كذلك الأمر بالنسبة للعقوبات المالية".

لكن خبراء يقولون إن سعي السعودية لإسكات المسؤولين المتور طين في العملية وإعفائهم من مناصبهم قد يرتد سلبا على الرياض.

وقالت بسمة مومني الاستاذة في جامعة ووترلو الكندية إن "التهديد بإعدام من يبدو أنهم ينفذون الأوامر يعر ض الأمير لمخاطر كبيرة". وتابعت ان "ذلك قد يؤدي الى انشقاقات داخل جهاز الاستخبارات".

وبعد اندلاع الأزمة طلب العاهل السعودي من ولي العهد، الذي أزاح عمليا منافسيه عن الساحة السياسية وأحكم قبضته على الجيش والاستخبارات، إعادة هيكلة أجهزة الاستخبارات السعودية.

وكان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان قال إن الأوامر بالقتل صدرت من "أعلى المستويات في الحكومة السعودية"، في ما يبدو تلميحا إلى تورط ولي العهد.

واعتبرت أنقرة أن التفسيرات السعودية "غير كافية".

والجمعة أفادت صحيفة تركية بأن أنقرة تملك أدلة، وبشكل خاص تسجيل صوتي ثان، تناقض ما أعلنته النيابة العامة السعودية حول جريمة قتل خاشقجي داخل قنصلية بلاده في اسطنبول مطلع الشهر الماضي.

وقالت مومني إن "السعوديين يعتقدون أن بإمكانهم تمرير الوقت في هذه القضية وإخراجها من دائرة الاهتمام".

وتابعت أن "التسجيلات الصوتية هي وسيلة الضغط الأخيرة بيد الأتراك، وقد أكدوا بوضوح في الأيام الأخيرة نيتهم مشاركة محتواها على نطاق واسع".

وأضافت مومني أن مضي الأتراك في موقفهم هذا يتوقف على "ما سينالونه مقابل" صمتهم.

والخميس، أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية أنها تدرس طلبات تركيا تسليم الداعية فتح الله غولن الذي تتهمه أنقرة بالتخطيط للمحاولة الانقلابية عام 2016.

لكنها رفضت ما ورد في تقرير إعلامي عن أن البيت الابيض يبحث عن طريقة لتسليم غولن -- الذي يعتقد أنه يحمل بطاقة إقامة أميركية-- في محاولة منه للحد من الضغوط التركية على السعودية بسبب مقتل خاشقجي.

وفي الرياض يبدو كبار أمراء العائلة المالكة في جبهة موحدة دفاعا عن المملكة.

وأطلق العاهل السعودي ونجله حملة داخلية غير مسبوقة لتعزيز الروابط مع مختلف القبائل ورجال الدين وحشد الدعم والتأييد للعائلة المالكة.

لكن يبدو أن الأزمة قد قيدت السلطات المطلقة لولي العهد.

ورأت مجموعة "يوراجيا" إن "حقبة اتخاذ القرارات توافقيا بين كبار الأمراء قد انتهت، لكن سيتعين على محمد بن سلمان أن يتخلى عن بعض السلطات التي راكمها في السنوات الأخيرة".

وتابعت أن "والده أصبح أكثر انخراطا في القرارات... كما انه من المرجح أن يطالب أفراد الأسرة بدور أكبر في المشاورات".

وفي الأسابيع الأخيرة، قال سكان كبرى مدن المملكة مثل جدة إن أئمة المساجد طالبوا السعوديين بإظهار الولاء للحكام.