يحتفل المغاربيون، اليوم الأحد السابع عشر من فبراير، بذكرى تأسيس اتحاد المغرب العربي، الذي لم يستطع البروز، على مدى ثلاثة عقود، كتكتل حقيقي حامل لأحلام 100 مليون من ساكنة هذا الفضاء. فبأي حال تحل هذه الذكرى؟
مازال اتحاد المغرب العربي لم يتجاوز مرحلة الحلم بعد ثلاثين عاما، وإن كانت هناك تحركات، من قبيل إطلاق الأمانة العامة لاتحاد المغرب العربي، قبل أيام، طلب عروض دولي بهدف جذب مستشار دولي، يتولى عملية التسويق للقطار المغاربي، بما يساعد على استقطاب مستثمرين ومانحين، بهدف إعادة تأهيل الخط السككي المغاربي.
غير أن إطلاق ذلك الخط السككي، من أجل تسيير قطار الوحدة بين دول المغرب العربي، يبقي رهينا بفتح الحدود البرية بين المغرب والجزائر التي أغلقت منذ 1994.
وقال، الطيب البكوس، الأمين العام للاتحاد، أمس السبت، بمراكش، إن تعثر الاندماج المغاربي، يكبد المنطقة خسارة باهظة إلى أبعد الحدود.
واعتبر البكوش في افتتاح الندوة حول موضوع " ثلاثون سنة على قيام الاتحاد المغاربي.. الرهان والتحديات"، أن تحقيق الاندماج المغاربي سيمكن سنويا من إحداث مئات الآلاف من مناصب الشغل للشباب وللأجيال الصاعد
ولم تتمكن البلدان المغاريبة، بعد 30 عاما، من إنعاش التعاون و تحقيق الاندماج الاقتصادي، الذي كان يفترض أن يقود إليه القرار الذي اتخذه قادة هذا الفضاء في 17 فبراير 1989.
وظلت المنطقة الأقل اندماجا في العالم، فالمبادلات داخل المغرب العربي، تمثل أقل من 5 في المائة من مجمل مبادلات المنطقة مع العالم، هذا في الوقت الذي تمثل التجارة بين الدول الآسيوية، التي حققت معدلات نمو في حدود 6 في المائة في العشرة أعوام الأخيرة، نسبة 51 في المائة.
ويتصور صندوق النقد الدولي، في دراسة جديدة له، أن اندماجا عميقا بين بلدان المغرب العربي، سيخلق سوقا إقليمية تضم حوالي 100 مليون شخص، يتوفرون على متوسط دخل في دود 112 ألف يورو.
ويشير الصندوق، في تقريره الأخير، إلى أن إلغاء التعريفات الجمركية بين بلدان المنطقة، سيساهم في زيادة معدل النمو الاقتصادي بـ1 في المائة، ونمو التجارة الإقليمية بنسبة 33 في المائة.
ويرى الصندوق أن الاندماج سيعطي للمنطقة جاذبية أكثر في عيون المستثمرين، ويقلص كلفة التجارة البينية، ويرفع حركة اليد العاملة، ويدعم فعالية الإنفاق العمومي، ويمنح قدرة للمنطقة المغاربية على الصمود في وجه الأزمات العالمية وتقلبات أسعار المواد الأولية.
ويعتبر المنتدى الاقتصادي العالمي أنه لو كانت البلدان الخمسة، أكثر اندماجا، لكانت كسبت 5 في المائة من الناتج الإجمالي المحلي على الأقل.
ويتصور البنك الدولي، أنه في حالة اندماج عميق، يتضمن تحرير الخدمات وإصلاح الاستثمارات، سيرتفع الناتج الداخلي الخام الفردي، بـ34 في المائة للجزائر، و27 في المائة للمغرب و24 في المائة لتونس.
ويعتبر جهاد أزعور، المسؤول عن الشرق الأوسط وآسيا الوسطى بصندوق النقد الدولي، ووزير المالية اللبناني الأسبق، أن التقديرات، تشير إلى أن الاندماج الإقليمي، يمكن أن يفضى إلى زيادة معدل النمو الاقتصادي بنقطة واحد بالنسبة لكل بلد من بلدا المنطقة.
ويرى أن التجارة البينية، يمكن أن تتضاعف بفضل الاندماج، ما سيساهم في تسريع وتيرة النمو الاقتصادي ويساهم في خلق فرص عمل إضافية.
ويتصور أن الاندماج يمكن أن يجعل من المغرب العربي، صلة وصل بين أوروبا ودول إفريقيا جنوب الصحراء، ويساعد على تقوية القدرة التفاوضية لبلدان المنطقة في القضايا ذات الاهتمام المشترك.
ويذهب الخبراء إلى أن الاعتبارات السياسية، أجهضت حلم تحقيق فضاء اقتصادي مندمج. هذا مايوضحه باسكال لامي، المدير السابق، لمنظمة التجارة العالمية، الذي اعتبر أن الاعتبارات السياسية لم تسهل الاندماج الاقتصادي، خلافا لما سارت عليه الفضاءات الاقتصادية الأخرى في العالم.
وراهنت مؤسسات دولية على دور رجال الأعمال في توطيد العلاقات الاقتصادية في الفضاء المغاربي، إسوة بما قام به نظراؤهم في فضاءات أخرى، إلا أن تساؤلات تطرح حول مدى استعداد رجال الأعمال على التصرف بعيدا عن مباركة أصحاب القرار السياسي في بلدانهم.