أيام قليلة تفصل عشاق الساحرة المستديرة بالقارة السمراء، عن الحدث الكروي الأبرز في إفريقيا والذي سيجمع 24 منتخباً من جميع أرجائها تحت لواء النسخة الـ 32 لنهائيات كأس أمم إفريقيا، والتي تستقبلها الأراضي المصرية للمرة الخامسة في تاريخها.
المنتخب الوطني المغربي، يدشن بدوره مشاركة بنسخة 2019، للمرة الثانية توالياً تحت قيادة الفرنسي هيرفي رونار، بعد أن سجل حضوره بنسخة الغابون، وغادرها من دور ربع النهائي، بعد سقوط أمام فراعنة مصر.
"ذكريات الكان"، تستضيف في حلقاتها الخامسة، جواد الزايري، الدولي المغربي السابق، وواحد من اللاعبين المغاربية الذين سيظل اسمهم محفوراً بالذاكرة الكروية، بعد ظهوره لأول مرة رفقة أسود الأطلس سنة 2003، وتحديدا بالمباراة الودية لأسود الأطلس أمام السنغال في فرنسا، ليتحول بعدها إلى نجم ردد ملايين المغاربة إسمه في المحافل الكروية القارية، أبرزها نهائيات كأس أمم إفريقيا سنة 2004 في تونس.
بدايات الزايري كانت من الملاعب الفرنسية، قبل أن تثير موهبته اهتمام بادو الزاكي الذي منحه فرصة العمر في سنة الـ 21 سنة، ليلحق بركب "الجيل الذهبي" ويشار في أول مسابقة من قيمة "الكان".
وسيظل الزايري جزءاُ من جيل "استثنائي" شاب صنع الحدث بالبطولة الكروية، ليعود بنا في الحوار ذاته، إلى تفاصيل طبعت مشاركته بكأس أمم إفريقيا، وأبرز الذكريات التي يحتفظ بها، وأيضاً ليسلط الضوء على توقعاته بخصوص مجموعة الأسود لـ 2019، بعد أن وضعت القرعة رفاق مهدي بنعطية في مواجهة أمام الكوت ديفوار، جنوب إفريقيا، ثم ناميبيا.
كنت من بين اللاعبين الأكثر شعبية في جيل "كان 2004" بتونس، حدثنا كيف مرت أول مشاركة لك بالعرس الكروي القاري؟
بالنسبة للاعب يبلغ آنذاك 21 سنة كانت تجربة جد خاصة، عشت خلالها جميع الأحاسيس التي يمكن للاعب كرة القدم الشعور بها بعد مشوار طويل من المنافسات.
المجموعة آنذاك كانت تضم ثلة من اللاعبين الذين يخوضون مسابقة من طينة "الكان" لأول مرة، وآخرين بتجربة إفريقية مهمة أيضاً، ودخلنا إلى العرس الكروي في تونس بدون أي ضغوطات، فلا أحد كان يراهن علينا، في ظل المنافسة الشرسة لمنتخبات أخرى.
أعتقد بأن نقطة التحول كانت خلال المباراة الأولى بالبطولة القارية، فزنا أمام منتخب نيجيريا، وكسبنا ثقة كبيرة لمواصلة المنافسات بنفس الروح، وخصوصا الديناميكية.
كأس أمم إفريقيا 2004 كان تجربة يجب عيشها بكل تفاصيلها، لحظات القوة وأيضاً الضعف، وكل تلك الطاقة الإيجابية التي سادت بيننا، سجلنا أهدافاً عديدة، والأهم قدمنا كرة مغربية جميلة، حيث لازالت تلك الصورة للمجموعة راسخة في ذهن الجميع إلى يومنا هذا.
-هل لك ذكريات خاصة بكأس أمم إفريقيا؟
ذكريات خاصة لا، لكن المشاركة بالبطولة ككل يبقى حدثاً استثنائيا بالنسبة لي، فالتجربة ككل عشتها بجميع تفاصيلها، وستظل الأفضل.
- هل أنت نادم على اختياراتك والتجارب التي خضتها سواء في فرنسا، السعودية، أو اليونان؟
لم يسبق لي أن ندمت على إحدى اختياراتي بمشواري الكروي، صحيح أن هنالك نقطاً مضيئة خلال السنوات التي مارست فيها كرة القدم كلاعب، وأيضاً أخرى قاتمة، لكن عملتي في الحياة في أخد جميع الأمور من جانبها الإيجابي، بدلاً من الوقوف في كل عثرة.
مثلاً عندما احترفت بالدوري اليوناني، ورغم كل ما يقال عن مستواه، تمكنت من خوض أول مباراة بدوري أبطال أوروبا، هذه التجربة وعلى سبيل المثال لم أكن لأعيشها إن كنت في فرنسا.
أهم شيء خرجت به من عالم الساحرة المستديرة، هو تلك العلاقات الإنسانية، وأيضا كان لي الحظ لتطوير مستواي، فكل دوري أحط به الرحال، أتعلم شيئاً جديداً، وأنا راض على مسيرتي رغم العثرات.
- هل لازلت على تواصل مع لاعبين شاركوك ذكريات المنافسات القارية، وحتى المدرب الزاكي الذي وثق في جيل 2004 خلال "الكان"؟
بالتأكيد، أحرص على التواصل الدائم مع عدد كبير منهم، كيوسف حجي، عبد السلام وادو وآخرين، واللقاء الأخير الذي كان بيننا عقد صيفا، لقد لعبنا مباراة ودية لصالح إحدى الجمعيات، واسترجعنا الذكريات سويا.
أما الناخب الوطني بادو الزاكي، فبكل صراحة مر وقت طويل دون أن يكون بيننا أي تواصل، إلا أنني أتابع كل جديده من بعيد، وتحديدا عبر الصحافة سواء خلال خرجاته الإعلامية أو التجارب التي قادها.
- سنة 2019، ستعرف مشاركة الأسود بنهائيات كأس الأمم التي ستقام في مصر هاته المرة، كيف ترى حظوظ المغرب؟
بالنظر إلى بالمجموعة التي وضعت القرعة الأسود بها، فهي معقولة وفي الآن ذاته قوية، ولدي كامل الثقة بأن المغرب سيمضي قدما في هاته المنافسة، بالنظر لعوامل عديدة، أبرزها توفره على عناصر وطنية بطاقة ومستوى كبير، إضافة لمدرب لديه خبرة قارية مهمة.
أنصح الأسود بعدم إعطاء الخصوم أكثر من حجمهم، ومجاراة كل مباراة لوحدها، وهو ما سيسمح لهم بداية من تجاوز الدور الأول، وبعدها تدبير كل لقاء حسب خصوصيته، فالمغرب اليوم بحاجة إلى تقديم "كان" قوي وجيد، فالأسود غابوا لفترة ليست بالقصيرة عن التألق القاري، وحان الوقت ليقولوا كلمتهم..نحن في انتظارهم، وكلنا ثقة بالصورة التي سيسوقون خلال كأس أمم إفريقيا.
أشدد أنه من بين ناميبيا والكوت ديفوار، ثم جنوب إفريقيا، من الصعب التنبؤ من سيكون أوفر حظا، أملي كبير في النخبة الوطنية وأتمنى لهم الكثير من التوفيق والنجاح في المسابقة الأضخم بإفريقيا، ممكن جداً أن يعبر منتخب الكوت ديفوار حسب رأيي، وتحليلي الشخصي، رفقة رفاق مهدي بنعطية للدور الثاني.
- هل تخطط يوماً ما للعودة إلى للمغرب، وخوض تجربة تدريبية في بلدك؟
بالفترة الحالية، دخول عالم التدريب ليس ضمن أولوياتي ومخططاتي، لكن تبقى الفكرة مطروحة أمامي، خلال المستقبل القريب، وقد تبدأ باجتياز الدورات التكوينية وأيضا الحصول على الدبلومات المؤهلة لذلك.
دائماً أفكر بإعطاء ولو القليل من الأشياء التي راكمت للكرة المغربية وأيضا لجامعة الكرة التي تٌشرف على اللعبة بالمغرب، لكن مشروع التدريب حالياً مؤجل.