حلم يوسف بورة بأن يدرس الهندسة بفرنسا، لكن قصر ذات اليد، دفعه إلى التخلي عن حلمه والبحث عما يقيم أود أسرته، فاهتدى إلى ارتجال "فراشة" بسوق القريعة الشهير بدرب السلطان بالدار البيضاء، حيث عرض كتبا مدرسية بمناسبة الدخول المدرسي.
يعتبر أنه عندما تدخل إلى سوق القريعة، فإنه سيصعب عليك مغادرته بعد ذلك، فقد أتاه عبر "فراشة" كتب مدرسية، قبل 32 عاما، ومكث به إلى الآن، حيث أضحى يتوفر على محل يعمل به لـ"كتبي".
يتمتع الكتبي يوسف بورة، رئيس الكتبيين البيضاويين، بخبرة كبيرة بعالم الكتب المستعملة، ويعرف جيدا انتظارات المترددين على محله بالقريعة، الذي ما أن تحل به، حتى يشرع في إطلاعك على الكتب التي توافق هواك وميولاتك.
لاينسب لنفسه فكرة تنظيم معرض الكتاب المستعمل، فهو يعتبر أنه كان من وحي قراء يترددون على محله بالدار البيضاء، فعندما تحل بذلك المحل، لا بد أن تخوض في العديد من القضايا المتشعبة المرتبطة بالكتاب.
يشرف في هذه الأيام على الاستعدادات التي ستقود إلى تنظيم معرض الكتاب المستعمل بالدار البيضاء بين السادس عشر من يونيو والسادس عشر من يوليوز. معرض سينظم تحت شعار "الثقافات الشعبية: هوية وتسامح ".
يتوقع أن يعرض في الدورة الـ12 لمعرض الكتاب المستعمل 600 ألف كتاب، من قبل حوالي 60 عارضا من الدار البيضاء والرباط وسطات والجديدة ومراكش.
ويعتبر يوسف بورة أن ساحة بوشنتوف غير بعيد عن ساحة السراغنة، بدرب السلطان بالعاصمة الاقتصادية، لا تسع جميع العارضين الذين قد يرغبون في الحضور في المعرض، ما جعله يطرح، في السابق، فكرة تنظيم معرض ودولي للكتاب المستعمل، بنفس المكان الذي يحتضن المعرض الدولي للكتاب والنشر.
عندما تتحدث إليه عن معرض الكتاب المستعمل، ينزاح بالحديث إلى إلى الكتب، التي يمحضها الممسوسون بالقراءة الكثير من الحب، الذي ينسج أواصر صداقات عمقية بين القراء والكتبيين، الذين يميز فيهم بين المحترفين، الذين يفكرون دائما في البحث عن الكتب والاستجابة لانتظارات القارىء، والهواة الذين يعطون الأولوية للكتب المدرسية على حساب الكتب الأخرى.
يشير إلى أن الكتبيين لا تأثير كبير لهم في سوق الكتاب، مقارنة بما تعرضه المكتبات في مدينة مثل الدار البيضاء، التي لا تحتضن سوى ما بين 50 و70 كتبي، غير أنه يرى أن الكتبي الحقيقي يسعى، بما توفر لديه من خبرة، إلى الاستجابة لانتظارات القراء.
يؤكد أن يشعر بسعادة غامرة عندما يتردد على محله أشخاص نقلهم المصعد الاجتماعي إلى أعلى الهرم، و يخبرونه بأنه كان له الفضل في توفرهم على مكتبة اليوم، ويعتبر أن الفرحة التي يشعر بها قارىء يعثر على كتاب ناذر عنه، لا تقدر بمال.
لا يقنع يوسف بورة بالشهرة التي أضحى يتمتع بها معرض الكتاب المستعمل، الذي يأتيه محبو الكتاب من جميع أنحاء المغرب، بل مازال يحمل الكثير من الأحلام للكتبيين والقراء، على حد سواء.
يحلم بفضاء يجمع شتات الكتبيين، حيث يمكنهم أن يستقروا به، ويصبحوا معروفين به، فذلك فضاء، الذي سيتردد عليه محبو الكتب طيلة العام، سيساهم في إبراز البعد الثقافي وإعادة الروح للمدن المغربية.
تشعر بخيبة الأمل التي تسكنه، عندما يعبر عن استغرابه بسبب عدم توفر المدن المغربية على فضاءات تجمع الكتببين والقراء الكبار والصغار، وهو يتصور أن تلك الفضاءات يمكن أن تضم مساحات للعب ومقاه ومطاعم وقاعات للندوات.
عندما تتردد على محله بالقريعة، تحس بأن الرجل تسكنه خيبة أمل كبيرة، بسب عدم الاحتفاء بالكتب المستعملة، التي تراجعت أو اختفت من أسواق كانت معروفة بالكتبيين، ولا يتردد بورة في الإحالة على سوق الأزبكية بمصر وشارع المتنبي ببغداد والكتبيين بباريس التي أضحت مقصدا للقراء والسياح، على حد سواء.