المجلس الوطني لحقوق الإنسان يوزع قرابة 9 ملايير على ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان فمن هم المستفيدون؟

الشرقي الحرش

احتضن مقر المجلس الوطني لحقوق الإنسان اليوم الثلاثاء جلسة لتسليم مقررات تحكيمية جديدة أعدتها لجنة متابعة تنفيذ توصيات هيأة الانصاف والمصالحة لفائدة مجموعات من الضحايا أو ذوي حقوق الضحايا المتوفين منهم، في إطار الشق المرتبط بالتعويض عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان ما بين 1956 و1999، والتي كانت موضوع دراسة من طرف هيأة الانصاف والمصالحة.

وكشف عضو لجنة متابعة توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة مبارك بودرقة في تصريح لـ"تيل كيل عربي" أن الأمر يتعلق بـ624 ملفا، كانت هيأة الانصاف والمصالحة قد أوصت بجبر ضررهم، رغم أن اختصاصها لا يشملهم، إذ أن اختصاصها كان منحصرا في دراسة ملفات الاختفاء القسري والاعتقال التعسفي.

وأشار بودرقة أن الدولة رصدت 87 مليون درهم لتعويض هؤلاء.

وبحسب بودرقة، فإن المستفيدين ينقسمون إلى ثلاث مجموعات: مجموعة تضم الضحايا المدنيين الذين اختطفوا من طرف عناصر البوليساريو، ومحتجزي "تاكونيت" وتلاميذ أهرمومو.

وأوضح بودرقة أن المبلغ الاجمالي الذي منحه المغرب لضحايا انتهاكات حقوق الإنسان تجاوز 200 مليار سنتيم تنفيذا لتوصيات هيأة الانصاف والمصالحة.

واعتبر بودرقة أن التعويض يظل رمزيا، ولا يمكن أن يعوض ما تعرض له المعتقلون من انتهاكات.

محتجزو تاكونيت

يتعلق الأمر بقضية تعود وقائعها إلى سنة 1971، حيث أنه بمناسبة استضافة مدينة الدار البيضاء لمؤتمر القمة الإسلامي، قامت السلطات الأمنية باعتقال مجموعة من المشردين والمتسولين من الشارع العام، وكذا من بعض المحلات التي كانت تأويهم ليلا، وأحيلوا على مراكز الشرطة القريبة، ليتم نقلهم فيما بعد في ظروف غير إنسانية إلى مركز تاكونيت، حيث بقوا رهن الاحتجاز مدة تقارب 3 سنوات.

ويشير تقرير هيأة الانصاف والمصالحة إلى أنه على الرغم من ثبوت مسؤولية أجهزة الدولة فيما تعرض له الأشخاص المعنيون من اعتقال تعسفي بسبب احتجازهم في ظروف تفتقد للشرعية، إلا أن الهيأة اعتبرت ذلك غير مندرج ضمن اختصاصها، باعتبار أن الاحتجاز بالنسبة لمعظم الحالات، لم يتم بسبب أنشطة سياسية أو نقابية أو جمعوية، لكن ذلك لم يمنعها من رفع توصية بجبر الضرر الذي أًصابهم.

تلاميذ أهرمومو

يتعلق الأمر ب367 تلميذا من تلاميذ مدرسة أهرمومو، تعرضوا للاعتقال إثر الأحداث التي عرفتها المحاولة الانقلابية في 10 يوليوز 1971، قبل أن تبرئهم المحكمة العسكرية بالقنيطرة، إلا أنهم لم يتم إطلاق سراحهم على الفور.

ورغم أن هيأة الانصاف والمصالحة اعتبرت أن الملف لا يدخل ضمن صلاحياتها، نظرا لأن اعتقالهم لم يكن بسبب ممارستهم لعمل نقابي أو سياسي، إلا أنها أوصت لهم بجبر الضرر.

مختطفو البوليساريو

يتعلق الأمر هنا بمجموعة من المدنيين الذين تم اختطافهم من الأقاليم الجنوبية من طرف عناصر البوليساريو، حيث قضوا سنوات من عمرهم في سجون مخيمات تندوف.

واعتبرت هيأة الانصاف والمصالحة، أنه على الرغم من انعدام مسؤولية الدولة فيما تعرض له المحتجزون، إلا أنه بالنظر لما تعرضوا له من تعذيب وانتهاكات يستدعي منحهم تعويضا من أجل جبر الضرر.

وكانت الحكومة قد بدأت منذ مدة في تسوية وضعية محتجزي البوليساريو، حيث كشف تقرير أعدته وزارة الدولة المكلفة بحقوق الإنسان أن 260 من المحتجزين السابقين تلقوا تعويضا قدره 115 مليون درهم.

شهادات من زمن الاحتجاز

أجمعت شهادات عدد من المحتجزين المغاربة في مخيمات تندوف على تعرضهم للتعذيب وسوء المعاملة على يد عناصر البوليساريو.

محمد وهيا، مواطن صحراوي من مواليد مدينة سيدي ايفني، كشف لـ"تيل كيل عربي" أنه أمضى 13 سنة من الاعتقال في سجون البوليساريو.

ورغم اختطافه من قبل عناصر البوليساريو، إلا أن محمد وهيا، الذي ينحدر من قبيلة الركيبات يؤكد أن كان معتقلا لدى الجزائر، إذ أن البوليساريو بالنسبة له لا وجود لها.

وأوضح وهيا، أنه كان محتجزا إلى جانب عدد من العسكريين المغاربة، رغم أنه مدني، وذلك بعد اتهامه بالتجسس لصالح المغرب.

وبخصوص التعويض الذي حصل عليه من طرف الدولة، بعد المقرر التحكيمي للمجلس الوطني لحقوق الانسان، قال وهيا إنه حصل على 30 مليون سنتيم، لكنه كان يتمنى أن يخصص له تعويضا شهريا، ولو بسيطا، مضيفا أنه "لا يعرف الآن ماذا سيفعل بهذا المبلغ".

من جهتها، حكت بنقبال نجاة لـ"تيلكيل عربي" مأساة اختطاف والدها من الصحراء المغربية، حيث كان يشتغل مع مقاولة لتعبيد الطرق، قبل أن يتم اختطافه من طرف عناصر البوليساريو، حيث قضى 22 عاما في سجون تندوف.

وأوضحت المتحدثة، أن والدها الذي ينحدر من مدينة الجديدة أصيب بأمراض نفسية جراء ما لحقه من تعذيب وسوء المعاملة في تندوف.

بنقبال، كشفت لـ"تيلكيل عربي" أن والدها ترك 8 أولاد، من بينهم ذكرين.

وبخصوص التعويض الذي تلقوه، كشفت المتحدثة أن الاناث حصلن على تعويض قدره 6 ملايين سنتيم لكل واحدة منهن، فيما حصل الذكرين على 12 مليون سنتيم لكل واحد، كما أوصى المجلس الوطني لحقوق الإنسان بتمتيعهم بالتغطية الصحية.

من جهته، يتذكر محمد آيت بلا، وهو مواطن ينحدر من منطقة شيشاوة لحظة اعتقاله سنة 1993 من طرف ميلشيات البوليساريو، وتعريضه للتعذيب.

وقال آيت بلا، أنه لم يطلق سراحه إلا في سنة 2003، حيث خير بين العودة للمغرب والبقاء في مخيمات تندوف، لكنه اختار العودة لحضن أهله، قبل أن يبدأ رحلة جديدة في سبيل الحصول على تعويض يعيد له جزء من كرامته.

حالات عالقة

في الوقت الذي يواصل المجلس الوطني لحقوق الإنسان تنفيذ توصيات هيأة الانصاف والمصالحة، ومنح تعويضات لضحايا انتهاكات حقوقية الإنسان، لازالت بعض الملفات المتعلقة بالاختفاء القسري عالقة.

وبحسب مبارك بودرقة، عضو هيأة الانصاف والمصالحة فإن الأمر يتعلق بست حالات هي:  حالة المهدي بنبركة، والحسين المانوزي وعبد الحق الرويسي ومحمد إسلامي وعبد الرحمان درويش وعمر الوسولي .

ويؤكد بودرقة أن هيأة الانصاف والمصالحة لم تستطع الوصول إلى استجلاء حقيقة هذه الحالات، مضيفا أن المؤكد أنهم قتلوا، لكننا لا نعرف مكان دفنهم، ولم نتمكن بعد من معرفة الحقيقة.