يركز،وائل حلاق، الأكاديمي الفلسطيني الأمريكي المعروف، في كتابه على أن الحداثة في صيغتها الغربية تعيش أزمة على مستوى القيم، ويؤكد على أن « الدولة الإسلامية »، مفهوم لا سند له في التاريخ الإسلامي.
ويشير الأكاديمي،المتخصص في الدراسات الاسلامية، في الكتاب الذي ترجمه إلى العربية،الدكتور عمرو عثمان، قضايا الدولة والاسلام والسياسة ومأزق الحداثة الاخلاقي، إلى ضرورة إعادة النظر في ترسانة القيم في الدولة الحديثة، مع التشديد على قيم الشريعة، التي يفترض، في إطار نوع من الإبداع الخلاق، أن تفضي إلى ترسيخ مفاهيم مثل « الحكامة الإسلامية » و » الخلق الإسلامي » و » الخلق القرآني »..
فقد تطرق للدولة الحديثة وفكك خصائصها الجوهرية، وتصدى لإجراء مقارنة بين البنى الدستورية للاسلام كممارسة مع البنى الدستورية الغربية. وسعى إلى توضيح الاختلافات النوعية بين المفهوم الاخلاقي للدولة الحديثة والحكم الاسلامي مع التركيز على البعدين السياسي والقانوني، واهتم بالذات السياسية والتقنيات الأخلاقية لدى الذات معتبرا ان الدولة القومية الحديثة والحكم الاسلامي يميلان الى انتاج مجالين مختلفين من تكوين الذات .
ويفترض أن الأشكال الحديثة للعولمة تجعل من ايجاد صورة من الحكم الأسلامي امرا غيرقابل للتحقق ناهيك عن إمكانية استمراره، وضد ما اعتبرها أزمات أخلاقية تواجه الحداثة داعيا الى اخضاعها للنقد الاخلاقي حتى يتم اعادة هيكلتها لضمان بقائها.
إن كتاب "الدولة المستحيلة" هو خلاصة أعمال وائل حلاق خلال عقدين، وقد نتفق مع طروحاته الفكرية، كما قد نختلف معها بيد أنها محاولة تهدف الى التفكير فيها .
لقد هدف وائل حلاق الى خلق جدل فكري من خلال التصريح باستحالة قيام دولة اسلامية محافظة على مرجعيتها الفكرية الاسلامية وعلى خصوصياتها الاخلاقية والتاريخية، في ظل مناخ دولي محدد سلفا لقواعد اللعبة على جميع المستويات وخصوصا البعد الجيواستراتيجي.
ويرى الدكتور وائل حلاق ان الدولة الاسلامية مستحيلة، وتنطوي على تناقض حاد اذا ما حاولنا الحكم عليها بمعايير الدولة الحديثة ،حيث ان المقارنة بين تاريخ الاسلام ما قبل الحديث والتاريخ الغربي الحديث ،قانونا وسياسة واخلاقا ومؤسسات ،تكشف ان الحداثة تعاني مأزقا اخلاقيا يجعل من قيام مشروع دولة اسلامية مستندة على الأسس الاخلاقية ضربا من الخيال.
يقوم كتاب الدولة المستحيلة بالاساس، على عقد مقارنة بين النظام السياسي الاسلامي والنظام السياسي في ظل الدولة الحديثة، فالنظام السياسي الذي يمتح من الشريعة ويجعلها مرجعا فكريا لم يعد له وجود مؤسساتي، كما أن أغلب الدول الاسلامية لم تعد تعيش وفقا للشريعة فقد حدثت القطيعة التاريخية بين ماهو كائن وبين ما يجب ان يكون وهو مالا يمكن تحقيقه باي شكل من الاشكال في النظم الاسلامية ،بخلاف الانظمة الحديثة .
من جهة اخرى تعيش أغلب المجتمعات الاسلامية ان لم نقل جلها حاليا في عالم الدولة الوطنية بفلسفاتها الغربية القائمة اصلا على فكرة الفصل بين الخاص والعام، بين الديني والدنيوي ، والقائمة اساسا على قوانين وضعية تسود وتحكم .
كما يؤكد وائل حلاق على وجود حالة تناف تام بين الاسلام وبين الدولة الحديثة فهو يقول ان الدولة الحديثة لا تستطيع ان تكون اسلامية الا بقدر ما يستطيع الاسلام امتلاك دولة حديثة اللهم الا اذا اعيد اختراع الدولة الحديثة بالكامل .
هناك ايضا طرح فكري يتحدث من خلاله وائل حلاق عما أسماه هو بمأزق الحداثة الاخلاقي،ومفاده ان الحداثة توجد في مأزق،و هذا المأزق هو ذو طبيعة اخلاقية بالاساس .