CNDH يرصد تحديات حقوق الإنسان وحرية التعبير بالوسط الرقمي

أحمد مدياني

رصدت مساهمة للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، في سياق مشاركته في ندوة حول "حقوق الإنسان والتحدي الرقمي"، ما يواجهه المغاربة من تحديات خاصة في ما يتمتع به الأفراد من مساحة لحرية التعبير في الانترنت.

وتنظم الندوة اليوم الثلاثاء 16 مارس، بمقر منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة ، وبمشاركة وزارة الدولة المكلفة بحقوق الإنسان والعلاقات مع البرلمان ورئاسة النيابة العامة، ومجموعة من المؤسسات والفعاليات المعنية بالموضوع.

وجاء في مساهمة المجلس الوطني لحقوق الإنسان التي توصل "تيلكيل عربي" بنسخة منها، أن "المجلس الدولي لحقوق الانسان في دورته الثامنة والثلاثون أكد على أن الحقوق التي يتمتع بها الأفراد خارج الانترنت، يجب أن تحظى بالحماية على الانترنت بما فيها حرية التعبير. كما أعرب في نفس الوقت عن القلق إزاء انتشار الأخبار الزائفة والدعاية على الانترنت واللذين يؤديان إلى التضليل وانتهاك حقوق الانسان والحياة الخاصة والتحريض على العنف والكراهية والتمييز والعداء، ويضيف أن التضليل يمس، سواء كان متعمدا أو غير متعمد دون سوء نية، قيما كونية مثل الديمقراطية ذات الصلة بالانتخابات والشأن العام والتأثير على اختيارات الناخبين أو المشاركة السياسية أو ممارسة حق من حقوق الانسان".

وقال المجلس في مساهمته إن "الولوج إلى الانترنيت أصبح حقا من حقوق الإنسان والولوج إلى المنصات الرقمية واستعمالها".

وأضاف: "من خلال متابعتنا للفضاء الرقمي، نتأكد في كل مناسبة من صحة استنتاجنا بتبلور نموذج ناشئ للحريات العامة الذي يحدد أشكال جديدة للتعابير العمومية، تستهل بالتداول الافتراضي لتتطور لفعل عمومي يساءل السياسات العمومية أو يدعو لحماية حق من الحقوق".

واعتبر المجلس الوطني لحقوق الإنسان أن "هذا النموذج الناشئ للحريات العامة يعتمد بالأساس على الفضاء الرقمي باعتباره أرضية للتداول والتوافق والتعبئة، بشكل أضحت معه هذه الشبكات حاضنة فعلية لحرية الرأي والتعبير والتجمع والتظاهر ومطالبة السلطات العمومية بخصوص توفير الخدمات العمومية، ومن الصعب إخضاعها لمقتضيات قانونية سواء للحد من انتشارها أو تقييدها. كما أن نطاق هذه التعابير يتسع باستمرار ولم يعد محصورا على النخب، بل تعدى ذلك ليشمل العديد من المكونات المجتمعية، فضلا عن تزايد تأثير ما بات يعرف ب "الإعلام الجديد".

كما طرح "مسألة تكييف حرية التعبير مع الثورة التكنولوجية الرقمية وتأطيرها على منصات التواصل الاجتماعي والإنترنت أسئلة متعددة، خصوصا وأن الإنترنت يخلق تحديات متشابكة من قبيل تعميم الاخبار الزائفة وتفاقم وثيرة آثارها المتشعبة والمعقدة اجتماعيّا وأمنيا وسياسيا واقتصاديا، وهو ما يزيد من صعوبة إقرار نوع من التوازن في تدبير مختلف أشكال التعبير العمومي بما يضمن التمتع بالحقوق وممارسة الحريات العامة المكفولة بمقتضى الدستور والاتفاقيات الدولية، ويقي، في ذات الوقت من كل تجاوز ، قد يهدد المكتسبات أو يمس بالحقوق أو الحريات".

وسجلت مساهمة المجلس في الندوة، "التحدي المرتبط بالتضليل، ولعل خير مثال حديث على خطورة هذا التحدي، الوباء الإعلامي (infodemic) في سياق جائحة فيروس كورونا، الذي شكل في كثير من الدول تهديدا حقيقيا على حقوق الإنسان بل وصل الأمر إلى المس بجوهر أول حقوق الإنسان، ألا وهو الحق في الحياة من خلال تسجيل وفيات، ليس بسبب وباء كوفيد 19، بل بسبب وباء الفيروس التضليلي الذي رافقه".

وينضاف إلى التضليل، حسب المساهمة ذاتها، "الحملات manipulation التي تستهدف التأثير على سلوكات الأفراد في اختياراتهم وتغييرها، بدون وعي، وهو ما يثير الحاجة في مجتماعاتنا إلى ضرورة تطوير الفكر النقدي لدى الشباب والأجيال الناشئة وتعميم التربية الإعلامية واكتساب قدرات تفكيك الخطابات في أشكالها الجديدة".

وشدد المجلس على "من بين أبرز معالم التحدي الرقمي في علاقاته بحقوق الإنسان، أيضا، تناسل خطاب التحريض على الكراهية الذي بقدر ما يحصل على علامات الإعجاب "likes" قد يتطور إلى مرتبة التحريض على العنف وأحيانا العنف الشديد، خاصة في ظل الضعف المسجل على مستوى آليات الرصد الآلي لمثل هذه الخطابات وحدود وتحديات الذكاء الاصطناعي، من جهة، والنواقص في الاعمال بشكل دقيق لمبادئ المشروعية والضرورة والتناسبية كمقاربة لاتخاذ الإجراءات اللازمة للوقاية ومواجهة حجب مثل هذه الخطابات التي تمس في الجوهر حقوق الأقليات وحقوق النساء والفتيات وحقوق بعض الفئات الهشة في المجتمعات".

وتطرق المجلس الوطني لحقوق الإنسان في مساهمته إلى ثلاث تحديات وهي:

1 توسيع الفضاء الرقمي لولوج الجميع للانترنت هي عملية تتجاوز المجال السيادي،

2 تحدي صعوبة تقييده وخضوعه لنفس للمقتضيات القانونية الحالية،

3 حماية الراي العام والجمهور من التضليل ومواجهة سرعة انتشار الاخبار الزائفة وعدم استغلال الفضاء لمآرب أخرى تمس قيم حقوق الانسان.

وذكر المجلس الوطني لحقوق الإنسان بأنه "المقرر الخاص المعني بحرية التعبير والرأي، قد حث سنة 2018، الدول لمواجهة أخطار الاخبار الزائفة والتضليل والتطرف عبر الانترنيت على إعادة اعتبار القيود المبنية على المحتوى وان تعتمد مساطر تقنين ذكية تساعد الجمهور على الاختيار والكيفية التي يشارك بها بالمنتديات على الشبكة".