تستقبل سنوياً 100 طالب باحث من داخل المغرب وخارجه، ومتدربين، وفاعلين عموميين وخواص ومستثمرين في مختلف المجالات، والهدف إيجاد حلول لتأمين مستقبل الأمن الطاقي للمغرب.
"Green Energy Park" ابن جرير، منصة تتوفر على أحدث التقنيات في مجال البحث العلمي، وتوفر بيئة مناسبة لإنجاز مختلف التجارب وتصميم المشاريع والابتكار في النجاعة الطاقية والطاقات المتجددة والتكنولوجيا الخضراء.
الفضاء يمثل أيضاً، حسب ما صرح به لـ"تيل كيل عربي"، رشيد المرباط، مدير عروض المشاريع والتمويل والابتكار بمعهد البحث في الطاقة الشمسية والطاقات المتجددة، حلقة وصل بين الطلبة الباحثين والمتدربين والمستثمرين، الهدف الاطلاع على آخر الابتكارات ونتائج التجارب التي تنجز، و تبادل الخبرات، لبلوغ نسبة ابتكار مغربية تلامس الـ90 في المائة.
ومن بين أهداف "Green Energy Park" على المدى المتوسط تحقيق الاستقلال المادي عن طريق البحث والتطوير والخدمات التقنية والعلمية والمصادقة على المعدات والتكوين المتخصص والتطبيق العلمي بالإضافة إلى تزويد المدينة الخضراء في ابن جرير بالكهرباء النظيفة.
أربع وحدات للبحث والتجارب
على الطريق الوطنية بين ابن جرير وبني ملال وبعد تجاوز الكلية المتعددة الاختصاصات ببضعة أمتار، تنتصب منصة البحث "Green Energy Park" عند أول منعطف على اليمين. منصة شيدت على مساحة تبلغ 8 هكتارات، مقسمة لأربع وحدات.
المنصة انطلق الاشتغلال بها بعد تدشينها من طرف الملك محمد السادس يوم 12 يناير من العام 2017، وهي من تطوير معهد البحث في الطاقة الشمسية والطاقات الجديدة، بدعم من وزارة الطاقة والمعادن والتنمية المستدامة والمجمع الشريف للفوسفاط.
تضم الوحدة الأولى وهي عبارة عن بناية من طابقين، المختبرات العلمية حيث ينجز الباحثون تجاربهم ويتابعون سير مشاريع تخرجهم أو المشاريع التي يتم الاشتغال عليها بناء على عروض تتقدم بها، إما المؤسسات العمومية أو الشركات الخاصة. فضاء مفتوح في الداخل يضم العديد من الآليات المبتكرة حديثاً والتي تستخدم في البحث وتنفيذ التجارب في مجالات الطاقة ونجاعة استهلالكها.
داخل هذه البناية، وضعت إحدى آخر المعدات التقنية تطوراً في مجال إنتاج الطاقة الشمسية، ويبلغ سعرها 2.5 مليون دولار.
في الجهة المقابلة، العشرات من الألواح الشمسية المستخدمة في إنتاج الطاقة الكهروضوئية والتي تعتمد على الإشعاع الشمسي لإنتاج الطاقة.
الوحدة الثالثة، تضم بدورها أولواحاً شمسية، لكن تقنية إنتاج الطاقة من خلالها، تعتمد على الحرارة، أي إنتاج الكهرباء عبر نقل الحرارة من جسم إلى آخر.
أما الوحدة الأخيرة، فيتمثل دورها في تدبير ما يتم إنتاجه من الوحدة الثانية والثالثة، و إنجاز تجارب وأبحاث تهم النجاعة الطاقية، فضلاً عن توفرها على تقنيات لإدارة إنتاج الطاقة داخل "Green Energy Park" أهمها ترشيد استهلاك الماء. ومن بين المشاريع التي يشتغل عليها داخل هذه الوحدة، مشروع يتعلق بتجفيف الفوسفاط باستعمال الطاقة الشمسية.
وزير الطاقة والمعادن والتنمية المستدامة عزيز الرباح، قال خلال تقديم عرض حول الأدوار العلمية التي يقوم بها "Green Energy Park" في مجال الطاقة بالمغرب، أمس الجمعة، إن "هذه المنصة وعبر ما توفره من إمكانيات عملية، وفضاء لتبادل الخبرات بين مختلف المتدخلين ومن بينهم الطلبة الباحثين من داخل المغرب وخارجه، سوف تسرع عملية إنتقال المغرب من مستهلك فقط للطاقة إلى منتج لها، وذلك من خلال استغلال أنجع ومستدام لما توفره بيئة المغرب، سواء تعلق الأمر بمناخه وموقعه الجغرافي أو بالمعادن التي توجد في باطن الأرض".
قبلة للباحثين والصناعيين
يصف رشيد المرباط المنصة بأنها قبلة للباحثين من أجل الاشتغال جنباً إلى جنب لابتكار حلول جديدة ومنتوجات جديدة وتحويلات جديدة في مجال الطاقات المتجددة والنجاعة الطاقية والتكنولوجيا الخضراء.
ويضيف المتحدث أن أهداف "Green Energy Park" ليست إنتاج المقالات العلمية فقط أو المنشورات أو الدراسات، بل ابتكار منتجات جديدة في الطاقة تجيب على حاجيات السوق المغربية، وهذا الهدف يتطلب متابعة جميع الابتكارات في السوق الدولية عن كثب، لأن البحث العلمي يتطور بسرعة.
خديجة العلمي، طالبة في الدكتورة من المدرسة العليا لأساتذة التعليم التقني بالرباط، داخل فضاء المختبر العلمي لـ "Green Energy Park" تحدثت لـ"تيل كيل عربي" عن مشروعها الذي تشتغل عليه، وهو تطبيق تجارب على المعدان التي يتم اكتشافها في المغرب، وكيف يمكن استغلالها خلال تجميعها في المخازن لإنتاج الطاقة وتخزينها مع إمكانية استعمالها خلال فترة الليل، خاصة في المناطق التي تعتمد على الطاقة الشمسية نهارا لتوليد الكهرباء.
وتضيف الطالبة أنها تعمل على تطوير هذه التقنية بما يسمح باستعادة الطاقة التي تخزن من المعادن، وذلك بعد تصنيفها، وتشتغل خديجة العلمي في مشروعها على ثلاثة أنواع من الأحجاز المعدنية، وهي: النابعة عن الانصهار والنابعة عن درجة الحرارة والضغط والناتجة عن الاحتكاك مع الماء.
وتوضح خديجة العلمي أنها تعتمد في تجاربها على ميكروسكوب إلكتروني خاص داخل مختبر "Green Energy Park"، يمكن من تحليل العينات ويعطي إشارات مخبرية على إمكانية استغلال الطاقة المخزنة في الأحجار المعدنية لإعادة استغلالها.
وعن نتائج مشروعها، تقول المتحدث ذاتها إنها ستنشر مقالين علميين حول المشروع قريباً، كما تم وضع نموذج للمشروع أعطى النتائج المنتظرة.
نماذج من المشاريع المبتكرة
يقدم رشيد المرباط تعريفاً لمجموعة من المشاريع المبتكرة التي تم أو يتم الاشتغال عليها داخل "Green Energy Park". ويضيف المتحدث ذاته، أن معهد البحث في الطاقة الشمسية والطاقات الجديدة قام بتمويل مجموعة من المشاريع لفائدة طلبة من مختلف جامعات المغرب.
ومن بين هذه المشاريع إنتاج سخانات مائية تتلاءم مع الظروف المناخية والبيئية للمغرب، يتم تصنيعها محلياً، مع توفير التكوين لمن يعمل في تركيبها وإصلاحها.
مشروع آخر تشرف عليه جامعة الدار البيضاء بشراكة مع وكالة الطاقة النووية، ويتعلق بإنشاء حاويات مجهزة بألواح إنتاج الطاقة الشمسية، هذه الحاويات تتوفر على تقنيات تحلية المياه أو معالجتها، دون الحاجة لربطها مع الشبكات المركزية للكهرباء.
ويشرح رشيد المرباط أن هذا المشروع يمكن وضعه في أي مكان وما أن يشتغل لمدة 48 ساعة، حتى يبدأ في توفير كميات مهمة من الماء الصالح للشرب أو المياه المستعملة في الري. هذا المشروع، أطلقت دراسة بشأنه مع الصناعيين لمعرفة إمكانيات تسويقه داخل المغرب وخارجه.
مشروع ثالث يعتمد بدوره على الحاويات، لكن هذه المرة لتوفير الطاقة الكهربائية بكميات كافية لفائدة المستثمرين في قطاع المعادن مثلاُ، بمناطق غير مرتبطة بالشبكة الوطنية لتوزيع الكهرباء، هذه الحاويات تتوفر على تقنيات لتوليد الطاقة وتخزينها، وكلفتها أقل من الربط بالشبكة الوطنية. ويتوقع مدير عروض المشاريع والتمويل والابتكار بمعهد البحث في الطاقة الشمسية والطاقات المتجددة، بأن يكون الطلب على هذا الابتكار مرتفعا في عدد من الدول الإفريقية.
مشروع رابع يوجد حلولاً لاشتغال اللوحات الشمسية في مناخ مثل المغرب، خاصة وأنها تستهلك الكثير من الماء لإزالة الأتربة المتراكمة فوقها في مناطق عديدة، ما يجعل مردوديتها تختلف حسب تقلبات أحاول الطقس وإن خلال فصل الصيف، ووفر هذا المشروع الذي ابتكره الطلبة داخل مختبرات "Green Energy Park" روبوات مهمتها تنظيف اللوحات الشمسية باستعمال كميات قليلة من الماء مع استغلال الريح.
ومن المشاريع المستقبلية التي يتم الاشتغال عليها داخل "Green Energy Park"، تعميم استعمال وسائل النقل الكهربائية، وذلك بإنشاء مواقف للسيارات تتوفر على مراكز لإنتاج وتخزين الطاقة الشمسية مع توجهيها لشحن المركبات.
في هذا السياق، يقوم "Green Energy Park" بإنجاز دراسة تبوغرافية ، سوف توفر قاعدة بيانات تسمح لكل منزل في المغرب بمعرفة عدد الألواح الشمسية التي يمكن وضعها على السطح لإنتاج الطاقة الشمسية أو الحرارية وأيضا توفير الإحداثيات بدقة لأماكن وضعها.
وآخر المشاريع التي يكشف عنها رشيد المرباط هو تحويل الدرجات النارية التي يستعملها المراكشيون بكثرة إلى درجات كهربائية. ويقول المتحدث: "حسب دراسة أنجزناها فإن 60 في المائة من ساكنة مراكش يعتمدون على الدرجات النارية في تنقلاتهم، وهي المصدر الأول للتلوث في المدينة، لذلك نشتغل اليوم على تطوير بطاريات محمولة سوف نوظفها في تغيير نمط اشتغال الدرجات النارية التي تجول في مراكش، أي أننا لن نطلب من ملاكها اقتناء درجات جديدة، بل إعادة تركيب الخاصة بهم ووضع تقنية لتعمل بالطاقة الكهربائية".