اعتبر المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، اليوم الخميس، أن "الواقعة الصادمة للهجرة الجماعية لآلاف الشباب والقاصرين من مدينة الفنيدق إلى معبر سبتة المحتلة، تفاعلا منهم مع نداءات مجهولة المصدر والخلفية، تشكل مساءلة حقيقية لكل الفعاليات والمؤسسات والوسائط المجتمعية وجميع دوائر القرار، حول نجاعة السياسات العمومية المنتهجة ببلادنا، ودرجة إدماج وانخراط وتملّك جميع شرائح المجتمع، ولاسيما فئة الشباب، للمسار التنموي الوطني".
وتابع المكتب السياسي، في بلاغ توصل "تيلكيل عربي" بنسخة منه، أن "الأهم الذي ينبغي التركيز عليه أكثر هو تلك الرغبة العارمة التي باتت تسكن عددا كبيرا من شبابنا في مغادرة بلادهم، ولو نحو آفاق غامضة، فقط انطلاقا من رفض واقعهم المتسم بكثير من المعاناة وانسداد الآفاق".
وعلى هذا الأساس، أكد الحزب أن "المغرب مازال في حاجة إلى مزيد من الاجتهاد لأجل توفير شروط العيش الكريم للجميع، وتحرير طاقات كافة بناته وأبنائه في كل ربوع الوطن، وإلى استعادة الثقة، وإلى مصداقية المؤسسات، وإلى مصالحة الشباب مع الشأن العام، وإلى توسيع فضاء الحريات والديموقراطية، وإلى تصحيح المسار الاقتصادي وتقوية القدرات الإنتاجية، وإلى خلق فرص الشغل اللائق، وإلى توفير شروط تعليم جيد ونظام صحي ناجع، وإلى إقرار العدالة الاجتماعية والإنصاف المجالي، وإلى التوزيع المتكافئ للثروات؛ وهي التوجهات التي تلتقي، في العديد من جوانبها، مع توجّهات النموذج التنموي الجديد، الذي دعا إليه الملك، بالنظر إلى استنفاذ النموذج التنموي المعتمد من طرف بلادنا لمدة عقود طويلة لذاته، والذي توافقت عليه مكونات الأمة، وتخلت عنه الحكومة الحالية".
وتابع المصدر نفسه أنه "على الرغم من المكتسبات العديدة التي تحققت في شتى المجالات، إلا أن نقائص عميقة ومتعددة ظلت ولا تزال قائمة؛ ومن بينها تفاقم الفوارق المجالية الصارخة، وبقاء ملايين المواطنات والمواطنين على هامش عجلة التنمية، وأساسا منهم الشباب الذين تتعمق معاناتهم، ويوجد الملايين منهم في وضعية: "لا شغل، لا تكوين، لا تعليم".
وشدد البلاغ على أن "هذه الأوضاع تقتضي المراجعة العميقة لعدد من التوجهات التي تسير عليها الحكومة الحالية، المطالبة بالانتباه إلى نبض المجتمع، عوض الاستمرار في الغياب السياسي والصمت التواصلي المدوّي، وعوض التّبجّح بإنجازات اقتصادية واجتماعية يُكذبها الواقع المتسم بغلاء الأسعار، وإفلاس المقاولات، والارتفاع غير المسبوق لمعدلات البطالة، والتعثر في معالجة عدد من الملفات الاجتماعية، وعوض التعبير عن الارتياح المفرط والرضى عن الذات، في تجاهل تام لمعضلة التراجع المخيف لنسب المشاركة السياسية".
كما جدد التقدم والاشتراكية نداءه من أجل "تفعيل جيل جديد من الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، لضمان إدماج كافة المواطنات والمواطنين في مسار البناء التنموي الوطني، والاستفادة المتكافئة والعادلة من ثمراته، وضخّ نفَس ديموقراطي وحقوقيّ جديد في فضائنا السياسي الوطني، وفتح آفاق الأمل واسترجاع الثقة، وتوفير شروط الكرامة، وتقوية روابط الشعور بالانتماء إلى الوطن، وتعزيز عوامل التعلق به، وتملّك مشروعه المجتمعي".