شهد المغرب خلال سنة 2017 أحداثا ووقائع هزت رأيه العام، منها ما هو اجتماعي وحقوقي، ومنها ما هو طريف. بعض هذه الوقائع لم تكن لتحرك الراكد، لولا ما وثقته كاميرا الفيديو. "تيلكيل عربي" تستحضر بعض الأحداث التي خلقت الجدل وغيّرت ثوانيها المعدودة، مسار أصحابها وصورة المغرب كذلك.
سحل الأستاذ
مع بداية شهر نونبر من هذه السنة، أثار فيديو صوره تلاميذ بثانوية سيدي داود التأهيلية بورزازات ضجة وطنية، وذلك بعدها أظهر تلميذا يعتدي على أستاذه داخل القسم. القضية أخذت مجراها إلى أبعد مدى، حيث أحيل الأستاذ على المجلس التأديبي، بسبب سلوكاته "المشينة وغير اللائقة"، بينما تم الحكم على التلميذ المعتدي بقضاء 17 يوما بالسجن، وشهرين بمركز لحماية الطفولة بمراكش.
ارتدادات الاعتداء لم تتوقف على المحاكمات فحسب، بل تنامت وظهرت فيديوهات وشكايات أخرى، تقدم بها أساتذة معنفون بالمغرب. ظاهرة الشكايات هاته تعد حديثة بالمغرب، حيث سجلت بعض المدن ظهور حالات للاعتداء تفاوتت درجة الخطورة بينها.
استفحال الأوضاع بالمدارس والمؤسسات التربوية، دفع النقابات التعليمية والفاعلين الجمعويين إلى المطالبة بمسيرات وطنية، احتجاجا على ما آلت إليه أوضاع المدرسة بالمغرب.
فتاة الحافلة
في شهر غشت، هز مقطع فيديو لا يتعدى دقيقتين، الوضع التربوي والقيمي بالمغرب برمته. الفيديو يصور ثلاثة شبان يعتدون على فتاة داخل حافلة وسط النهار، حيث جردوها من ثيابها أمام مرآى الركاب والسائق. ويظهر الفيديو تحسس الشبان الذين لا يتعدى عمرهم 17 سنة، مناطق حساسة من جسد الفتاة القاصر. كما حاولوا اغتصابها، لولا مقاومتها وامتناعها بكل ما أوتيت من قوة.
لم يقف الأمر عند تمكن السلطات الأمنية من توفيق المشتبه بهم، البالغ عددهم 5 شبان. بل خلف الفيديو موجة غضب عارمة، وصدمة في الأوساط التربوية والحقوقية بالمغرب وخارجه. حيث جعلت صرخات الفتاة، الكل يتساءل حول الوضع القيمي والأخلاقي داخل المجال العام.
الداعية والإباحية
لم يكن الداعية الإسلامي رضوان بن عبد السلام ليظن أن ميا خليفة، نجمة الأفلام الإباحية، ستساهم في شهرته بهذا القدر. فالداعية ابن مدينة تطوان، كانت له شعبية وجماهيرية محدودة محليا بشمال المغرب. لكن ظهوره في مقطه فيديو يعترف فيه بأنه لا يعرف نانشي عجرم فقط، بل أيضا نجمة الأفلام الإباحية ميا خليفة، هو ما أكسبه صيتا ذائعا.
وتسبب المقطع المكون من 30 ثانية، في انتشار سمعة "شيخ النكتة" كما يسمونه. بلغت لأن تتم استضافته في أهم البرامج الإذاعية، وانكباب الصحافة لمحاورته، فضلا عن دعوته من طرف بعض الجامعات ليحاضر بها. وسبب الانتشار الذي لا يزال لحدود الآن، هو جرأته ونكتته التي كسرت الصورة النمطية للدعاة الذي يحرمون الغناء والممازحة بأمور العامة ولا يقربون مجاله، ناهيك عن معرفة داعية إسلامي لنجمة بورنو عالمية.
اعتقال الزفزافي
لم يكن الزفزافي ذائع الصيت بالشكل الذي أضحى عليه بعد اعتقاله. فقائد الاحتجاجات والمسيرات بالحسيمة، كانت تحركاته وكلماته تلقى انتشارا واسعا في وسائل التواصل الاجتماعي، وفي ميادين الشارع بشمال المغرب. لكن كلمته داخل مسجد، ستشكل منعطفا جديدا في مسيرة الرجل ومتابعيه.
في شهر ماي، ظهر الزفزافي في فيديو متحديا أحد خطباء بالحسيمة، حيث ألقى كلمته داخل المسجد، نافيا صفة "العمالة" عن المحتجين ومدافعا عن مطالبهم. الحادثة ومقطع الفيديو لم يمر على خير، فقد باشرت السلطات الأمنية إجراءاتها للتحقيق في كلمته، معتبرة فعله "انتهاكا وإهانة" لموظف المسجد، يعاقب عليه القانون.
تم اعتقال الزفزافي بعد هذا الحادث، بأمر من النيابة العامة. ولا تزال لحد الآن الروايات تتضارب حول كيفية اعتقاله، وطريقة نقله إلى مدينة الدار البيضاء للتحقيق معه.
ظل الزفزافي لدى الشرطة القضائية عدة أيام، لكن ومع تأخر تقديمه إلى المحاكمة، انتشرت بعض الأنباء في وسائل التواصل الاجتماعي، تفيد أنه تعرض لـ"التعذيب" لحظة اعتقاله وأثناء التحقيق معه. وفي 10 يوليوز من هذه السنة، تم تسريب فيديو يعرض فيه الزفزافي جسده شبه عار، أمام مصور الفيديو الذي يحاول بأن يؤكد سلامة الزفزافي وخلو جسده من آثار التعذيب.
شكل الفيديو صدمة للحقوقيين والفاعلين الجمعويين، وللمحتجين بالحسيمة، حيث اعتبروه "إهانة وإذلالا مقصودا" لشخص الزفزافي. وعلى إثر ذلك، فتحت النيابة العامة تحقيقا "للوقوف على ظروف وملابسات تصويره والغاية من نشره"، ومن قام بتسريبه. ولحد الآن لم تظهر نتائج التحقيق، ولم يتم الكشف عن المسؤول عن ذلك.
"ولد الفشوش"
مع بداية السنة وفي شهر أبريل، ظهر حمزة الدرهم، الذي بات يعرف بـ"ولد الفشوش"، يسوق سيارة فارهة ليلا، وهو في حالة سكر طافح. لم يكن هذا الحدث عابرا لولا أن حمزة الذي لا يتجاوز 26 عاما، صور نفسه وتنقلاته بين النوادي الليلية، وداخل سيارته. وظل على حالة سكره هاته إلى أن اصطدم صباح اليوم الموالي بسيارة أخرى، فصور نفسه أمام رجال الأمن، ومعاين حوادث السير، ساخرا منهم وغير مبال بهول الإجراءات.
تبين بعد ذلك أن الشاب وريث الملياردير الراحل محمد الدرهم، ويعاني من مشاكل عائلية في تلك الفترة بسبب الإرث، وذلك حسب ما صرحت به عائلته. وتم توقيف الشاب وأدين بـ24 شهرا حبسا نافذا؛ بتهم السياقة تحت تأثير مواد مخدرة، وعدم احترام السرعة الملائمة أثناء السير، فضلا عن سحب رخصة سياقته لمدة سنتين. وإلى جانب "ولد الفشوش"، توبع أربعة أشخاص آخرين في نفس الملف.