زواج المثليين جنسياً.. هل قرأ الرميد بشكل سليم قرارا للمحكمة الأوربية؟

مصطفى الرميد وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان
تيل كيل عربي

عاد المصطفى الرميد، وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان، مساء أول أمس (الجمعة)، إلى تأكيد اعتراضه على الحق في زواج المثليين، معززا موقفه هذه المرة بقرار للمحكمة الأوربية لحقوق الإنسان، لكن سرعان ما رد عليه حقوقيون بالقول، إن الوزير لم يحسن قراءة مضمون القرار الذي تحجج به.

جدل جديد دشنه الرميد، وزير الدولة والقيادي في حزب العدالة والتنمية، بعد ما كتب على صفحته الرسمية في "فيسبوك": "السلام عليكم. بتاريخ 09 يونيو 2016، أصدرت المحكمة الأوروبية لحقوق الانسان قرارا بإجماع أعضائها البالغ عددهم 47 عضو، قضى بنفي الحق في الزواج المثلي (اللواط). ونظرا للتعتيم الإعلامي على هذا القرار فإننا نضعه رهن  الإشارة لكل غاية مفيدة".

ويتعلق قرار المحكمة الأوربية بقضية تداولت فيها الأخيرة، منذ 2004، وأصدرت بشأنها حكما في 2016، تخص شكوى من التمييز وانتهاك الحياة الخاصة، اللذين تجرمهما الاتفاقية الأوربية لحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية، قدمها مثليين فرنسيين في مواجهة الدولة الفرنسية، لأنها ألغت زواجهما، وذلك قبل صدور قانون 2013 الذي يسمح بزواج المثليين، وطلبت منهما الاكتفاء بحق "التعايش" (الكونكوبيناج)، أو حق "الاتفاق المدني"، الذي يسمح بهما القانون، لكنهما أصر على صيغة "الزواج"، التي تُمنح بفرنسا امتيازات أفضل.

و سرعان ما جاء الرد على تدوينة الرميد، من عزيز إدامين، الخبير والمدرب الدولي في مجال حقوق الإنسان ورئيس مركز الشباب للحقوق والحريات، الذي اعتبر أن تدوينة الوزير "قائمة على عدة مغالطات".

وفي هذا الشأن أوضح إدامين في حديث مع "تيل كيل عربي"، أنه "بالرجوع إلى التعليق على الحكم الذي نشره الوزير، فإنه قائم على عدة مغالطات، من بينها أن حقوق المثليين في فرنسا مضمونة، والقانون الفرنسي يسمح لشخصين من نفس الجنس بـ(التعايش) مع بعضهما، وهو ما أحالت عليه المحكمة الأوربية في فقرتها 26 من القرار، بالقول إن المادة 515-8 من القانون المدني الفرنسي، تعرف التعايش بأنه (اتحاد بحكم الأمر الواقع، يتميز بحياة مشتركة لطابع الاستقرار والاستمرارية، بين شخصين من جنس مختلف أو من نفس الجنس)".

وأضاف المتحدث ذاته، أن "قرار المحكمة في الفقرة 49 تشير إلى أنه بالرغم من أنه لم يكن لمقدمي الطلبات الحق في الزواج في القانون الفرنسي، إلا أنه بوسعهم مع ذلك إبرام اتفاق للتضامن المدني المنصوص عليه في المادة 515-1 من القانون المدني الذي يمنح الشركاء عددا من الحقوق والالتزامات في الضرائب والممتلكات والمسائل الاجتماعية. تماشيا مع الفقرة 25 التي وردت في قرار المحكمة".

وتقول الفقرة حسب إدامين "ووفقا للمادة 515-1 من القانون المدني، فإن ميثاق التضامن المدني، الذي أنشئ بموجب القانون المؤرخ 15 نونبر 1999، هو عقد يبرمه شخصان طبيعيان من نفس السن، من جنس مختلف أو جنس مشابه، لتنظيم حياتهم معا. وتشمل الاتفاقات عددا من الالتزامات للشركاء، بما في ذلك الحفاظ على حياة مشتركة وتقديم المساعدة المادية والمساعدة المتبادلة".

أما "المغالطة الثانية للوزير" حسب رئيس مركز الشباب للحقوق والحريات، فتكمن في "عدم تمييزه بين الحق في الزواج والحق في الحياة الخاصة، فالنقاش القانوني الوارد في قرار المحكمة يناقش هل يحق لشخصين من نفس الجنس الزواج أم لا؟ ولا يتطرق نهائيا للحياة الخاصة، وهو نقاش حاولت المحكمة أن تجيب عنه في إطار القوانين والمساطر المعمول بها في فرنسا، وليس بناء على نقاش حقوقي. وهو ما عبرت عنه المحكمة بالقول في الفقرة 18 إن مثل هذه القضايا والاشكاليات الاجتماعية تتطلب نقاشا عموميا وسياسا وتدخل المشرع لضمان الحق في الزواج لشخصين من نفس الجنس".

المتحدث ذاته أوضح أن "حكم المحكمة الأوربية تناول موضوع هل قرارات المحاكم سواء الابتدائية أو الاستئنافية في فرنسا التي استندت على المادتين 8 و12 فيهما مخالفة للمادة 14 من الاتفاقية الاوربية (التي تمنع التمييز على أساس الجنس أو اللون ....) أم لا؟ وهو ما أجابت عنه بأن المحاكم الفرنسية لم تخالف المادة 14".

وإذا كان ذلك ينفي عن قرار المحكمة الأوربية، قيامه بمنع الحق في الزواج المثلي كما اعتقد وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان في حكومة سعد الدين العثماني، شدد عزيز إدامين، الخبير الدولي في مجال حقوق الإنسان أن "الوزير عليه أن يعرف بأن النقاش القانوني حول حق المثليين في الزواج تم حسمه بإصدار قانون فرنسي جديد عام 2013 يجيز زواجهم"، وهو ما أشار إليه قرار المحكمة الأوربية نفسه، الذي نشره المصطفى الرميد.

وختم إدامين تعليقه على ما وصفه بـ "الزلة" الجديدة للمصطفى للرميد، بالقول، إنه "بالعودة لانبهار وإعجاب وزير الدولة بقرار المحكمة الأوربية والذي يمنع حسب فهمه وقناعته ما وصفه بـ(اللواط)، فعليه أن يعجب بالقرار في كليته وفي جميع فقراته وليس فقط بالنتيجة"، لأن "القرار أقر وأكد أكثر من مرة بحقوق المثليين، كما أنه دعا إلى فتح نقاش سياسي وعمومي حول القوانين المانعة لهذه الحقوق وليس فتح نقاش حول هذه الحقوق، وهو ما نتمنى أن يتقبله الوزير ويفتح من موقعه الحكومي نقاشا عموميا حول هذه الاشكاليات الاجتماعية".