من قلب المستشفى الإقليمي "مولاي عبد الله" بالصويرة، حيث تخضع للعلاج المصابات في فاجعة سيدي بولعلام، ينقل "تيل كيل عربي" شهادات بعض المصابات وأسر عدد من اللواتي توفين وهن يمنين النفس بالحصول على قنينة زيت أو كيس دقيق.
وداد: انتظرنا من الثانية قبل الفجر لنلقى الموت والأعطاب
"وصلنا إلى مكان توزيع المواد الغذائية في جماعة سيدي بولعلام في الثانية صباحا من يوم الأحد، وانتظرنا هناك إلى حدود الساعة التاسعة صباحا لتلقي المساعدات الغذائية، لكننا لم نتلق شيئا غير الأضرار الصحية". تقول وداد، شابة تبلغ من العمر 24 عاما، نجت من الموت في فاجعة سيدي بولعلام، بعد أن أغمي عليها. وداد، التي ترقد حاليا في قسم جراحة النساء، في المستشفى الإقليمي المذكور، أصيبت على مستوى صدرها وفخذها.
المنظمون استمروا في التصوير رغم استغاثة الضحايا
"أتيت من منطقة سيدي العروسي، ووصلت إلى مكان توزيع المواد الغذائية في الخامسة من صباح يوم الأحد، ولم أكن أعلم أن الأمر سينتهي بإصابتي على مستوى الظهر والرأس"، تصريح أدلت به فاطمة، البالغة من العمر 36 عاما، بصعوبة شديدة، نظرا لكونها لا تقدر على التحدث بسبب الأوجاع التي تكابدها حاليا في المستشفى الإقليمي للصويرة.
فاطمة قالت إن المشرفين على توزيع المواد الغذائية لم يكن يشغل بالهم سوى تصوير فيديوهات تبرز أن الجمعية توزع موادا غذائية على الفقراء والمساكين، موضحة "بعض الأشخاص كانوا يطلبون من المنظمين التدخل لإنقاذ الضحايا، لكن هؤلاء لم يبالوا واستمروا في التصوير".
وأبرزت فاطمة أنها استفادت من هذه المبادرة منذ بدءها قبل أربع سنوات من الآن، مبينة أن كميتها تراجع مقارنة مع النسخة الأولى، التي منح فيها، حسب فاطمة، 25 كيلوغراما من الدقيق، و10 كيلوغرامات من الأرز، و 5 علب من السكر المطحون "السانيدة"، و5 علب من الشاي، و5 لترات من الزيت.
كما أوضحت فاطمة أن مسألة قدوم النساء لتلقي المواد الغذائية المذكورة تمت بطريقة عشوائية، بحيث قدمت كل من سمعت بالخبر، مما جعل عدد النساء يكون فوق المتوقع قدومهن.
أول وآخر مرة تحضر توزيع المساعدات الغذائية
"توفيت أمي، وتركت أخي الصغير البالغ من العمر 15 عاما، وحيدا في البيت"، يقول شاب ثلاثيني، يتحدث بحسرة عن وفاة والدته، البالغة من العمر 60 عاما، في فاجعة سيدي بولعلام.
الشاب، الذي لم يقوى على مقاومة البكاء، وصل إلى مدينة الصويرة في وقت متأخر من يوم أمس الأحد، إذ قدم إليها من مدينة الدار البيضاء، حيث يشتغل بائعا متجولا.
والدته كانت حاضرة، لأول وآخر مرة ـ في عملية توزيع المواد الغذائية، التي بدأتها جمعية أغيسي لحفظ القرآن والأعمال الاجتماعية قبل أربع سنوات من الآن.
الشاب أكد لـ"تيلكيل عربي"، أنه لن يتنازل عن حق والدته، بحيث سيرفع دعوى قضائية وسيطلب جبر الضرر، وقال عن أخيه الصغير والدموع تنزل من عينيه، "من سيهتم بحاله، بعد أن أصبح يتيما؟!"
السعدية: المتجمهرون مشوا على رأس والدتي
أما السعدية، التي التقيناها أمام مستودع الأموات في المستشفى المذكور، فقد توفيت والدتها البالغة من العمر 60 سنة، نتيجة إسقاطها أرضا، ومشي المتدافعون فوقها، مما أدى إلى إصابتها على مستوى الرأس، مما تسبب لها في الوفاة.
السعدية قالت، وهي تقاوم البكاء، إن عبد الكبير الحديدي، إمام مسجد السبيل في حي كاليفورنيا بالدار البيضاء، والمسؤول عن عملية توزيع المواد الغذائية، "يصور هؤلاء النسوة وهن يتلقين المواد الغذائية التي يقدمها لهن، ويعرض الفيديوهات المصورة على دول أجنبية يحصل منها على دعم مالي، مقابل هذه التظاهرة التي بدأ تنظيمها في جماعة سيدي بولعلام، قبل أربع سنوات من الآن".
ما قالته السعدية، التي أوضحت أن عملية توزيع المواد الغذائية، كانت ستكون على مدى ثلاثة أيام؛ وهي يوم أمس (الأحد)، واليوم (الإثنين)، وبعد غد (الثلاثاء)، أكدته فاطمة، خالة السعدية، بحيث قالت إن الحديدي قال للناس إن ما يقوم به، قاصدة توزيع المواد الغذائية، تشاركه فيه مجموعة من الدول.