أثار تسريب بعض مقتضيات مشروع القانون رقم 22.20 المتعلق باستعمال شبكات التواصل الاجتماعي وشبكات البث المفتوح والشبكات المماثلة جدلا واسعا في صفوف الرأي العام المغربي. فما هي صحة الوثيقة المسربة؟ وهل هي وثيقة متجاوزة؟ ولماذا لم تنشر الوثيقة التي صادقت عليها الحكومة في اجتماع مجلسها ليوم 19 مارس؟
الوثيقة المسربة
المقتضيات التي تم تسريبها نصت على معاقبة دعاة المقاطعة الاقتصادية عبر شبكات التواصل الاجتماعي أو بالتحريض العلني على ذلك بالحبس من ستة أشهر إلى 3 سنوات وغرامة من 5 آلاف إلى 50 ألف درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط، وهي نفس العقوبة التي خصصها لمن يحرض العموم على سحب أموالهم من مؤسسات الائتمان.
كما نصت على عقوبة من نشر خبرا يشكك في جودة وسلامة بعض المنتوجات والبضائع وتقديمها على أنها تشكل تهديدا وخطرا على الصحة العامة والأمن البيئي بالحبس من ستة أشهر إلى 3 سنوات وغرامة من2000 إلى 20000 ألف درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين، إلى غير ذلك من المقتصيات المثيرة للجدل.
بداية القصة
بدأ الحديث عن تقنين استعمال وسائل التواصل الاجتماعي خلال حملة المقاطعة الشعبية التي استهدفت ثلاث شركات هي: افريقيا غاز وشركة سنترال للحليب وشركة ماء سيدي علي.
وفي 10 من ماي 2018 توعدت الحكومة على لسان مصطفى الخلفي الناطق الرسمي باسم الحكومة السابق بمتابعة مروجي الأخبار الزائفة، كما توعدت بمراجعة القانون الحالي، لكن عددا من النشطاء اعتبروا الأمر محاولة للانتقام من دعاة المقاطعة والزج بهم في السجن، مما دفع الحكومة إلى عدم التسرع في طرح المشروع للنقاش.
مشروع سري
في دروة انشغال المغرب بمواجهة وباء كورونا المستجد، أضافت الأمانة العامة للحكومة يوم 18 مارس الماضي إلى جدول أعمال المجلس الحكومي المنعقد يوم 19 مارس مدارسة مشروع قانون يتعلق باستعمال شبكات التواصل الاجتماعي وشبكات البث المفتوح والشبكات المماثلة تزامنا مع ورود أنباء عن اعتقال عدد من المتهمين بترويج أخبار زائفة عن انتشار فيروس كورونا في المغرب.
ولم تفصح الحكومة عن مضامين مشروع القانون ونشره في بوابة الأمانة العامة للحكومة، كما لم يتوصل به وزراء الحكومة إلا يوما قبل مدارسته.
واكتفت الحكومة في بلاغها يوم 19 مارس الماضي بالإشارة إلى المصادقة على مشروع القانون ، مع الأخذ بعين الاعتبار الملاحظات المثارة في شأنه بعد دراستها من طرف اللجنة التقنية ثم اللجنة الوزارية المحدثتين لهذا الغرض.
مشروع خلافي في الأصل
بحسب مصدر حكومي، تحدث مع "تيلكيل عربي" فإن النسخة المسربة تعتبر هي النسخة الأولى التي عرضت على الحكومة، وتم تقديم ملاحظات عليها، وشكلت لجنة تقنية أعادت صياغتها ووضعت نسخة ثانية كانت هي الأخرى موضع ملاحظات.
وبحسب المصدر الحكومي، فإن مشروع القانون لن يعرض على البرلمان إلا بعد ادخال التعديلات والملاحظات اللازمة عليه.
مذكرة الرميد تكشف المستور
وزير الدولة المكلف بحقوق الانسان، المصطفى الرميد، كان قد وجه إلى الأمانة العامة للحكومة مذكرة يبسط فيها رأيه بشأن مشروع القانون المثير للجدل.
مذكرة الرميد، وان كانت تعكس رأيه الشخصي، إلا أنها تؤكد صحة المضامين المسربة، كما تكشف عن مقتضيات أخرى أكثر اثارة لم يتم تسريبها
وبحسب مذكرة الرميد، فالمادة 6 من المشروع نصت على ضرورة الحصول على ترخيص لإنشاء صفحات التواصل الاجتماعي، كما تضمنت 25 تجريم لنشر أو تقاسم أو ترويج محتوى إلكتروني يتضمن عنفا أو اعتداء جسديا على شخص.
واعتبر الرميد أن تجريم نشر أو تقاسم العنف الممارس ضد الأشخاص قد يفهم منه التستر على التجاوزات في حق المواطنين من قبل القائمين على إنفاذ القانون وتأمينهم للإفلات من العقاب، ودعا إلى الاقتصار على الاعتداءات ذات الطبيعة الإرهابية والجرائم الفظيعة.
وبخصوص تجريم الدعوة للمقاطعة لاحظ الرميد أن عقوبتها تفوق عقوبة التحريض على الجنح والجنايات، كما اقترح أن يبقى التجريم مقتصرا على اعاقة الممارسة للنشاط الاقتصادي ، تماشيا مع فلسفة قانون حرية الأسعار والمنافسة، مع تقليص العقوبة.