شهد المغرب قبل 10 سنوات من الآن بداية تصنيع ما يسمى بـ ''الأدوية الجنيسة''، وهي أدوية معادِلة حيويّاً للأدوية الأصلية، وتتميز بكون أثمنتها أرخص من هذه الأخيرة. ويعد "SSB"، وهو مضاد لفيروس الكبد C، أبرز دواء من هذا النوع تم صنعه في المغرب، بحيث أن ثمنه يقدر بـ 3000 درهم، مقابل 30 ألفا للدواء الأصلي، لكن الصيادلة في المغرب يعتبرون تصنيع هذه الأدوية "تشوبه خروقات على المستوى القانوني، ويوصف بكونه غير مُرَشَّدٍ"، وفي المقابل تنفي وزارة الصحة كل هذه الأمور.
يوسف فلاح، وهو خبير في السياسة الدوائية وجودة المنتوجات الصيدلانية، عَرَضَ، لـ ''تيل كيل عربي''، مشاكل الأدوية الجنيسة المغربية؛ بحيث بيَّن أن الدواء الجنيس قبل إخراجه إلى السوق، يحتاج إلى إخضاعه إلى تجارب تكشف تطابق مكوناته ومفعوله مع مكونات ومفعول الدواء الأصلي من عدمه، وهذا يتطلب توفر الدولة المُصنِّعة للدواء الجنيس على ما يسمى بـ ''دستور الأدوية''، Pharma copée بالفرنسية، حسب فلاح، الذي كشف أن المغرب لا يتوفر على هذا الدستور، أو حتَّى على دستور أدوية مرجعي وضعته دولة أخرى ويَسْتَنِدُ إليه في التصنيع، مما يجعل، حسبه، علامات استفهام تطرح حول جودة الأدوية الجنيسة المغربية.
''تيل كيل عربي'' اطلع على مدونة الأدوية والصيدلة، التي نشرت في الجريدة الرسمية بتاريخ 7 دجنبر 2006، ووجد أن المادة الخامسة منها تنص على أنه ''يتعين على الصيادلة الاستناد أثناء مزاولة مهامهم، إلى آخر طبعة من دستور أو دساتير الأدوية، التي تجعلها الإدارة قابلة للتطبيق، بناء على اقتراح من اللجنة الوطنية لدستور الأدوية''، وتضيف ''يتعين أن تستجيب لمواصفات دستور الأدوية الجاري به العمل، كل مادة مقدمة تحت اسم علمي أو متعارف عليه، وارد ضمن الأسماء المنصوص عليها في الدستور المذكور''.
في المقابل، عمر بوعزة، مدير مديرية الأدوية والصيدلة في وزارة الصحة، قال إن الدواء في المغرب يصنع، منذ سنوات، بطريقة علمية، ووفق مقتضيات القانون 17.04، مبرزا أن ''دستور الأدوية'' الذي يتحدث عنه الصيادلة يخص، فقط، المستلزمات الطبية، ولا علاقة له بالأدوية نهائيا، بحيث يريد الصيادلة، من خلال هذا الدستور، حسبه، أن يكونوا الجهة الوحيدة المخول لها بيع هذه المستلزمات الطبية المعقمة بمختلف أشكالها، موضحا أن هناك مرسوما سيصدر قريبا لتحديد نوع الدستور المذكور.
اقرأ أيضاً: قائمة بـ 90 دواء "خطيرا" على الصحة يباع عدد منها في المغرب
وأضاف بوعزة، في تصريح لـ ''تيل كيل عربي''، أن هناك ما يسمى بـ ''رخصة العرض في السوق''، وهي التي تشمل المعايير التي تعتمد عليها الوزارة في صنع الأدوية.
وتَرُوجُ في الصيدليات المغربية مجموعة من الأدوية الجنيسة، التي تتشكل من المادة الفعَّالة نفسها، حسب فلاح، عضو كونفدرالية نقابات صيادلة المغرب، ومسؤول الإعلام والتواصل فيها، وهو ما يعني، وفق تصريحه، رغبة المختبرات في إغراق السوق المحلية بالأدوية. هذا الأمر يدفع، وفق المتحدث، مرضىً يحتاجون إلى شراء أدوية جنيسة، إلى التنقل من الجبال والقرى إلى المدن الكبرى، للحصول على هذه الأدوية؛ ويرجع سبب ذلك إلى دعوة الأطباء لهؤلاء المرضى إلى شراء أدوية جنيسة يصفونها لهم بالاسم، ولكنهم لا يجدونها في الصيدليات القريبة منهم، بينما يمكن للأطباء، حسب فلاح، أن يصفوا لهم اسم المادة الفعالة التي يتكون منها الدواء الجنيس الذي يحتاجون إليه، والتي سيجدونها، بالضرورة، في واحدةٍ من الصيدليات القريبة منهم، لأن هناك أدوية جنيسة متعددة تحتوي على المادة الفعالة ذاتها، وتؤدي الدور العلاجي نفسه.
بوعزة أفاد، في هذا الجانب، أن مسألة وجود مجموعة أدوية مغربية جنيسة، لديها أسماء مختلفة وتركيباتها متشابهة أمر خاطئ، كاشفا أن 39 في المائة من الأدوية الموجودة في الصيدليات المغربية هي أدوية جنيسة، بينما تصل النسبة في المستشفيات العمومية المغربية إلى 80 في المائة.
فلاح، الذي قال إنه يطرح مجموعة من الأسئلة حول جودة الأدوية المغربية الجنيسة، نظرا لعدم توفر دستور أدوية يُعْتَمَدُ عليه في تصنيعها في المغرب، اعتبر أن الدواء الجنيس المسمى SSB، وهو مضاد لفيروس الكبد C، الذي صُنِعَ في المغرب في عهد وزير الصحة السابق الحسين الوردي، أبرز الأدوية المغربية الجنيسة، مبينا أنها كانت مبادرة اعتُمِدَت فيها سياسة تصنيع دوائية ناجحة، بحيث يقدر ثمن الدواء الأصلي بـ 30 ألف درهم، بينما يباع جنيسه المغربي بـ 3 آلاف درهم.