انسحاب الشبكة المغربية.. المسكاوي: الحكومة تجهل حصول المغرب على استقلالية السلطة القضائية

خديجة قدوري

أثار مشروع قانون المسطرة الجنائية، عقب المصادقة عليه في مجلس النواب توترا متصاعدا بين الحكومة وفعاليات المجتمع المدني، المهتمة بمكافحة الفساد بسبب ما تضمنته المادتين 3 و7 من مقتضيات اعتبرت مثيرة للجدل باعتبارها تستهدف تقييد دور الجمعيات في رفع قضايا تتعلق بالفساد وهدر المال العام.

وفي هذا الصدد، كشف محمد المسكاوي، في تصريح لـ" تيلكيل عربي" أن الشبكة المغربية لحماية المال العام، قررت في أحد اجتماعاتها الأخيرة الانسحاب من اللجنة الوطنية لمكافحة الفساد، التي سبق لـ"ترانسبرانسي المغرب" الانسحاب منها.

في وقت سابق، أعلنت الجمعية المغربية لمحاربة الرشوة، المعروفة باسم " ترانسبرانسي المغرب" تجميد عضويتها في اللجنة الوطنية لمكافحة الفساد، إثر غياب رئيس الحكومة، عزيز أخنوش عن اجتماعات اللجنة منذ ثلاث سنوات.

وأوضح المسكاوي، رئيس الشبكة المغربية لحماية المال العام، أن أسباب الانسحاب تتعدد، فمنذ بداية الحكومة سنة 2021، لم يقم رئيس الحكومة بعقد أي اجتماع خاص بهذه اللجنة، لأنها تقوم بتقييم الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد، مشيرا إلى أن هذه الاستراتيجية الوطنية ستنتهي في 2026 ولم يتم تفعيلها أو تحيينها من طرف الحكومة التي نحن على مشارف انتهائها.

وجرى اعتماد الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد سنة 2015، بهدف المساهمة في تعميم ثقافة حقوق الإنسان والشفافية ومكافحة الرشوة والفساد. وأشار المسكاوي، إلى أن الحكومة الحالية قامت بتطبيق 30 بالمائة فقط من 130 مشروع تضمنته الاستراتيجية.

وأضاف المسكاوي، قائلا، من بين الأسباب أيضا غياب إرادة حقيقية من طرف الحكومة في مكافحة الفساد، ويتضح ذلك بشكل جلي في الأرقام السنوية التي تصدرها منظمة " ترانسبرانسي المغرب " بحيث أن المغرب في تراجع بشكل كبير. مشيرا إلى أن هذه الحكومة يطبعها تضارب المصالح بشكل صارخ، ويتضح ذلك من خلال الصفقة المعروفة ب"تحلية البحر" وغيرها.

وبين المتحدث ذاته، أن الاستمرار في هذه اللجنة سيكون عالة، علما أنه كنا دائما من أنصار تطبيق المادة 10 من اتفاقية مكافحة الفساد وضرورة إشراك المجتمع المدني، لكن أن نتحول إلى مجرد اسم في مرسوم أو جريدة رسمية، دون تفعيل لذلك المرسوم الوطني لمكافحة الفساد ودون أن تكون هناك نوايا لإصلاح المنظومة القانونية والإجراءات الوقائية ضد مكافحة الفساد لا يمكن أن نستمر.

وفيما يتعلق باختيار هذا التوقيت تحديدا، قال المسكاوي، إن الحكومة الحالية قامت بسحب مشروع القانون الجنائي السابق الذي كان فيه الإطراء الغير مشروع، قلنا إنه ربما ستأتي بمادة جديدة أفضل لكن مع الأسف تفاجأنا بالمادة 3 و7 في القانون الحالي للمسطرة الجنائية، التي قيدت حق الجمعيات في تقديم الشكايات للنيابة العامة والانتصاب كطرف مدني وهما مادتين مخالفتين للدستور.

وأبرز المسكاوي في معرض حديثه، أن الحكومة تجهل أن المغرب قد حصل على استقلالية السلطة القضائية، وبالتالي كيف يمكنها أن تتدخل في كيفية اشتغال النيابة العامة أي السلطة القضائية بصفة عامة.

وواصل حديثه قائلا: كنا نعتقد أن هذين المادتين سيتم تعديلهما من قبل الحكومة أثناء تقديم التعديلات من قبل بعض المكونات البرلمانية، لكنها قامت بصيغة تعديلية احتفظت من خلالها بنفس الموقف، موقف حرمان جمعيات المجتمع المدني العاملة في مجال مكافحة الفساد من تقديم الشكايات، فقررنا الانسحاب من اللجنة الوطنية.

وخلص إلى القول إننا مقبلون على تنظيم كأس العالم، وهذا من شأنه أن يتطلب تدبير الملايين في المنشآت الرياضية والفنية والسياحية، هل نضع المادتين من أجل إغلاق الباب على الجمعيات من أجل ألا تستطيع مراقبة حكامة تدبير المونديال، التي ستكون فيها ملايين الدراهم وبطبيعة الحال لن تدبرها الجماعات الترابية والمنتخبين".