أصدر كِيُّومْ كُودْرَايْ، صحفي فرنسي، تحقيقا في كتاب، يفضحُ فيه استعمالَ موادٍّ مسرطنة في صناعة اللحوم المحولة ''الكاشير''، وكيفية الضغط على السياسيّين، وإطلاقِ الحملات الإعلامية، والتحكم في آراء منظمات الصحة العالميَّةِ، من أجل التصريح بكون ''الكاشير'' لا يشكل خطراً على صحة مستهلكِيهِ.
في 25 أكتوبر 2015، أعلنت وكالة تابعة لمنظمة الأمم المتحدة، والمركز الدولي لبحوث السرطَان، عن كون اللحوم المُحَوَّلة، ومنها المادة المسمَّاة في الدارجة ''الْكَاشِيرْ''، مسرطنة.
ووِفقا لخلاصات المركز المذكور، فإن استهلاك 50 غراماً يوميا، فقط، من اللحوم المحولة، يمكن أن يؤدي إلى الإصابة بسرطان القولون بنسبة 18 في المائة، مبرزاً أن هذا النوع من السرطانِ هو الذي ينتج، بشكل كبيرٍ، عن استهلاك هذه المنتجات.
موقع جريدة ''لُومُونْدْ'' الفرنسية نشر مادةً صحفية حول كتاب أصدره كِيُّومْ كُودْرَايْ، يعالجُ فيها موضوع ''كيف أصبحت اللحوم المحولة سمّاً''، بحيث أبرز الكتاب أن مصنِّعي هذه المنتجات يتجلى هدفهم في كيفية ظهورِ هذه الأخيرة من ناحية الشكل، وليس في جودتهَا، بحيث يضيفون إليها موادّاً تعطيها لونا ورديا أو أحمرا، وتمكن من الإنتاج بشكل سريعٍ، دون الحاجة إلى المرور بمرحلة التمليح، وهو ما يسرعُ جاهزية هذه المواد للخروجِ إلى أسواقِ البيع. كمَا يبين الكتاب أن جزءً مهمّاً من مستهلكي هذه المنتجات، يظنونَ أن هذه المواد المُضافة تعتبر ضرورية للحصول على اللحوم المحولة.
الكتاب، حسب موقع ''لوموند''، يوضح أن المنتفعين من هذه الأساليب، بدرجة أولى، هم المصنعون الكبار، بحيث يَرِدُ في الكتاب ''بفضل مادة النِّتْرِيتِ، ننتج بطريقة متسلسلة وسريعة، ونصل إلى شكل جميل للحوم المحولة يشبه الحلويات، وهذا الشكل تحتفظ به المنتجات لمدةٍ طويلة''.
ويبرز كتاب كيوم كودراي أن تاريخ استعمال هذه المواد، في تصنيع ''الكاشّير''، يعود إلى سنة 1870، مبينا أن معَبِّئي اللحوم الأمريكيين كانوا أولَ من رفعوا من حجم الإنتاجية الخاصة باللحوم المحوَّلَة، وبعدها كانت بداية العولمة الخاصَّة بالتبادلات، وهو الأمر الذي جعل المنتجين الأوروبيّين يصطفون في صفٍّ واحدٍ، من أجل مواجهة تيار المنتجين الأمريكيين.
التَلاعبُ والدعاية
موقع ''لوموند'' أورَدَ، كذلك، أن الهيئة الأوروبية لسلامة الأغذية قالت إن استعمال الأملاح النِّتْرِيتِيَّةِ، هو ضروري لمحاربة مخاطر مرض ''بُوتُولِينُوسْ''، وهو مرضٌ شَلَلِيٌّ قاتلٌ. رأيٌ علق عليه كيوم، في أكثر الأجزاءِ إثارة في كتابه، بكون منتجي لحم الخنزير قرَّروا في بداية التسعينيات من القرن الماضي، التخلي عن هذه الأملاح النترية في تصنيع منتوجاتهم، وكانت النتيجة أن آلاف الأطنان من منتجاتهم لم ينتج عنها المرض المذكور، عكس ما قالته الهيئة الأوروبية لسلامة الأغذية، التي يوجد مقرها في مدينة بَارْمَا الإيطالية.
موقع ''لوموند'' اعتبر أن هذه هي نقطة الضعف التي تسَجَّل في حق هذا الكتاب الذي يتطرق إلى الصحة العامة، بحيث أبرز الموقعُ أن الكاتب كذب المغالطات التي يمررها منتجو اللحوم المحولة، والذين يحرضون منظمات الصحة على إصدار تقاريرَ، تبين أن لا خطورة على صحة مستهلكي منتجاتهم، وهو ما جعل هؤلاء المصنعين يستمرون في استعمال المواد السالفة الذكر، حسب الموقع نقلاً عن الكتاب.
وبين الكتاب، أيضاً، أن هناك ضغوطات على السياسيين، ومن خلال حملاتٍ إعلامية، من أجل إبعاد هذه المواد المستعملة في صناعة اللحوم المحولة، عن لائحة الأُمُورِ التي تسببت في الأوبئة التي شهدهَا التاريخ، وهذا من أجل منافسة تجار اللحوم الصغار الذين لا يستعملون الأملاح النترية، حسب نفس المصدرِ.
وأبرز الكتاب، كذلك، أنه تم، في السبعينيات من القرن الماضي، نشر العديد من المقالات، من قبل الصحافة الأمريكية، تندد باستعمال هذه المُضَافَاتِ المسرطنة، لكن، شيئا فشيئا، اختفى هذا الموضوع عن رُقْعَةِ النقاش، إلى أن ظهر، مؤخراً، مع مَا نشرهُ المركز الدولي لبحوث السرطَان.