بعد تفجر فضيحة الاعتداءات الجنسية وتحرشات هارفي وينشتاين، المنتج السينمائي العالمي بممثلات مشهورات طيلة سنوات، انطلقت حملة دولية في "تويتر" و"فيسبوك" تحث النساء على فضح المتحرشين. مشهورات مغربيات، أدلين بشهادات لـ"تيلكيل"، حول التحرش الجنسي الذي تعرضن له. في الحلقة الثالثة، البوح لسميرة سيطايل، مديرة الأخبار بالقناة التلفزيونية الثانية "دوزيم".
تشكل الملاحظات التي وجهت لي لأن اسمي سميرة وليس سمير، والهادفة إلى جعلك تشعرين بأنك لست سوى امرأة، قصة مهمة في حياتي المهنية، فقد لاحقتني منذ كنت صحفية إلى أن أصبحت رئيسة للتحرير ثم مديرة للأخبار.
ثمة على سبيل المثال، ما حصل لي بمناسبة انعقاد اجتماع "الغات" بمراكش (الاتفاقية العامة للتعريفات والتجارة في عام 1994، التي ستحل محلها المنظمة العالمية للتجارة)، حيث بادر وزير كنت ألتقي به لأول مرة وأرغب في استجوابه لأنه سيوقع في اليوم اللاحق اتفاقية مهمة، إلى الإجابة عن طلب إجراء الحوار بكثير من الألفة: "سميرة، سنلتقي أولا هذا المساء لتناول العشاء، وبعدها ننظر في موضوع اللقاء الصحفي".
إقرأ أيضا: حكايات المغربيات مع التحرش.. شهادات منيب والزعيمي والشنا والمنصوري
وعقب عودتي إلى الفندق، توصلت بمكالمة هاتفية من مساعدته تؤكد لي أن الموعد محدد في الثامنة والنصف مساء. في الغد، اعترض الوزير المعني سبيلي أمام نظرائه لأنني تغيبت عما سماه "موعدا مهنيا"، بينما الأمر لم يكن ذا علاقة بالمهنة أساسا.
"إنها بكل تأكيد في فترة حيضها"، "يا للفظاعة! بقع سوداء أسفل عينينها"،"يا لانعدام الذوق في ملبسها!"... ثمة أمثلة لا تعد ولا تحصى مثل هذه للألفة التي يعتقد البعض أن بإمكانه إرساءها لأنه يتحدث إلى امرأة.
إذا كانت الأمور تتطور اليوم، فهناك نوع من الأبوية لا يزال قائما. مع تعييني مديرة للأخبار في القناة الثانية، صدرت مقالات في الصحافة ملؤها الحقد، تومئ إلى أنني لم أرتق إلى هذا المنصب إلا بسبب تمتعي بوصاية ما، بأنه لدي "أوصياء"، حتى لا أقول شيئا آخر...
وداخل القناة، أراد زملائي الرجال توجيهي وتزويدي بنصائح لما تحملت هذه المسؤولية. المسألة أثرت أيضا على تدبيري للفرق العاملة، ذلك أنها تطلبت مني، في البداية، وقتا طويلا لإرساء علاقة متوازنة مع الصحفيين الرجال. وبشكل ملموس، فالعمل تحت رئاسة امرأة كان يزعج البعض.
إقرأ أيضا:حكايتي مع التحرش.. نور: مخرج اشترط علي الجنس مقابل التمثيل
ليس لدي أدنى حرج في الحديث عن الأمر، لأنني أظنه كابحا للتطور المهني وليس الشخصي، وذلك رغم كوني عانيت من مواقف جد محبطة، وهذا نصيب كل النساء اللواتي يتحملن مناصب المسؤولية.
ومع ذلك، أظل إيجابية، حيث أستعد للاحتفاء بثلاثين سنة من مساري المهني في 2 نونبر؛ مسار مهني بصمته أيضا لقاءات مهمة مع رجال من طينة نور الدين الصايل وندير يعته اللذين ساهما في تقوية طريقتي في الاشتغال في الصحافة بالمغرب".