قال مصطفى الرميد، وزير الدولة السابق، إنه "من واجب الناس، كل الناس، احترام التوجيه الملكي، خاصة وأن الدولة حريصة على استيفاء كل سنن العيد ومظاهره، ما عدا الذبح، الذي سينوب بشأنه الملك، أمير المؤمنين، عن كافة المواطنين، وعلى الغلاة المتنطعين، الذين يلبس عليهم الشيطان في مثل هذه الأحوال، أن يعوا ذلك".
وأضاف في تدوينة له، "كما أن على عباد (الدوارة)، الذين يذبحون على سبيل العادة لا العبادة، أن يعلموا أن الذبح يوم العيد، خلافا لعموم الناس، هو إلحاق الأذى بالجيران، وليس هناك من أذى للجار يوم العيد أعظم من أن يسمع أبناؤه أصوات الشياه، أو يشموا روائح الشواء في محيطهم ولدى جيرانهم".
وأبرز أنه "ليعلم من يقدم على الذبح في هذه الظروف، أنه مواطن سيئ، وأن تدينه مغشوش، بل إنه مريض يحتاج إلى علاج".
وأكد أن "الملك، أمير المؤمنين (المقلد بالأمانة العظمى، والمطوق بالبيعة الوثقى، على توفير كل ما يلزم لشعبه الوفي للقيام بشروط الدين، فرائضه وسننه، عباداته ومعاملاته)، كما جاء في رسالته الموجهة إلى الشعب بتاريخ 26 فبراير 2025، لم يقدم على دعوة شعبه إلى عدم القيام بشعيرة أضحية العيد لهذه السنة، إلا بعد تفكير ملي، وتردد جلي، واستشارة واسعة".
ولفت الانتباه إلى أنه "يعرف حق المعرفة أن الأمر يتعلق بشعيرة مستحبة، أصبحت مع مرور الزمن عادة متمكنة ومستحكمة، ويعرف أن هذه الدعوة، بقدر ما سيستحسنها الكثيرون، سيقول بشأنها البعض ما سيقولون".
وأشار إلى أنه "لكن واجب رفع الحرج عن الناس، ودفع الضرر عنهم، من منطلق ما تقرره الشريعة الغراء من واجب جلب المصالح وتكثيرها، ودرء المفاسد وتقليلها، هو ما دفعه إلى دعوة شعبه إلى ما دعاه إليه".
وأورد أنه "من المعلوم أن توالي سنوات الجفاف على المغرب أدى إلى نقصان كبير في أعداد قطيع الماشية، مما أدى إلى ارتفاع أثمان اللحوم، ومن المعلوم أيضا أن الحكومة فشلت في السنة الماضية في توفير الأضاحي لتخفيف أزمة غلائها، رغم كل الدعم المالي الكبير الذي استفادت منه القلة القليلة، دون عائد واضح على أثمانها".
وأفاد أنه "معلوم أنه لو لم يقدم الملك على ما أقدم عليه من دعوة إلى عدم الذبح يوم العيد، لتسابق الناس إلى شراء الأكباش، ولتفاحشت أثمانها، ولتضرر الفقراء والمساكين، وتقلبوا في مضاجعهم حسرة وألما، خاصة منهم ذوو الأبناء الصغار، ومن المعلوم أن عدد رؤوس الماشية التي تذبح يوم العيد يتراوح بين خمسة إلى ستة ملايين رأس من الغنم".
ولمح إلى أنه "لنا أن نتصور المستوى الذي كان سيؤول إليه ثمن اللحم بعد عيد الأضحى، وهو الذي كان قد بلغ مائة وخمسين درهما للكيلوغرام الواحد قبل يوم 26 فبراير، تاريخ الرسالة الملكية، إن من واجب الملك أن يقدر المصلحة العامة للناس، بقدر تقدير الناس لمصالحهم الخاصة، لذلك، فإن المصلحة العامة اقتضت حتما أن يقوم الملك بمبادرته المذكورة، دفعا للضرر المحقق الذي كان سيلحق بفئات كبيرة من الشعب، لا سيما ذوي الدخل المحدود".
وأكد أنه "لقد قرر فقهاؤنا أن الحاجة العامة تنزل منزلة الضرورة الخاصة، وكما يقرر الناس في شأن ضروراتهم الخاصة، بعد استفتاء العلماء، فإن من واجب ملك البلاد أن يقرر بشأن الحاجة العامة التي تهم البلاد والعباد، بعد استحضار معطيات التراجع الواضح في أعداد قطيع الماشية، واستيفاء الرأي الشرعي اللازم في مثل هذه الأحوال".