تواجه شريحة واسعة من المغاربة المقيمين قانونيًا في إسبانيا غرامات قد تصل إلى 500 يورو عند عودتهم من المغرب، إذا كانوا يحملون رخصة القيادة المغربية الأصلية داخل سياراتهم دون أن يكونوا قد حوّلوها إلى رخصة إسبانية. هذا الإجراء، الذي يعود إلى عام 2004، ما زال معمولًا به من قِبل الإدارة العامة للمرور الإسبانية (DGT) بهدف مكافحة الاحتيال المتعلق برخص القيادة.
وفي عام 2004، قررت السلطات الإسبانية وقف الاعتراف التلقائي برخص القيادة المغربية، بعد اكتشاف عمليات شراء رخص مزوّرة أو غير خاضعة للرقابة في المغرب. في تلك الفترة، كان من الشائع أن يسافر مغاربة يحملون الجنسية الإسبانية إلى بلدهم الأم للحصول على رخصة بطريقة سهلة، ثم يعودون لإتمام عملية التحويل الرسمية في إسبانيا دون الخضوع لأي اختبار.
كما استغل بعض الإسبان هذه الثغرة للحصول على رخص قيادة مغربية دون الحاجة لاجتياز الاختبارات الأوروبية الصارمة.
منذ ذلك الحين، أصبحت القاعدة تنص على أنه فقط الرخص التي تم الحصول عليها قبل الإقامة في إسبانيا يمكن تحويلها. أما من يقيم في البلاد بصورة قانونية فعليه اجتياز الاختبارات النظرية والعملية الإسبانية.
غير أن هذا الشرط يمثل عقبة كبيرة أمام كثير من المهاجرين، خاصة أولئك الذين يعانون من ضعف في اللغة الإسبانية أو محدودية التعليم. ومنهم "كريم"، الذي يقول إنه تراكمت عليه غرامات تتجاوز 8,000 يورو: "من غير العدل أن يُعاقب الناس لمجرد أنهم يقودون برخصة صالحة في بلدهم. من دون هذه الرخصة، لا نستطيع العمل في الزراعة أو النقل".
من اللافت أن السياح المغاربة يستطيعون القيادة في إسبانيا باستخدام رخصهم الأصلية، في حين يُطلب من المقيمين قانونيًا تحويلها. كثيرون يعجزون عن ذلك بسبب جهلهم بالقانون، أو حاجز اللغة، أو رفضهم للخضوع مجددًا للامتحانات.
"نوال"، عاملة زراعية في ألميريا، عبّرت عن غضبها قائلة: "أكسب 50 يورو في اليوم وأخسرها كلها في غرامة قدرها 500. إنه أمر مهين".
وتزايد الاستياء ما أدى إلى تنظيم مظاهرات في 31 يناير 2025، حيث احتشد مئات المغاربة أمام مقر إدارة المرور في مدريد، وكذلك أمام السفارة المغربية، مطالبين بإيجاد حل عادل للمشكلة.
رئيسة جمعية العمال المهاجرين المغاربة، صباح يعقوبي، شددت على أن الامتحان النظري يمثل عقبة كبيرة، خاصة لمن لا يقرؤون الإسبانية، مطالبة بالاكتفاء بالاختبار العملي أو إتاحة التبادل المباشر للرخص.
وعلى المستوى السياسي، جرت محادثات بين حكومتي البلدين بشأن إمكانية السماح لسائقي الشاحنات المغاربة بالعمل في إسبانيا باستخدام رخصهم الأصلية، في محاولة للتغلب على نقص السائقين المهنيين.
لكن إدارة المرور الإسبانية رفضت الفكرة بسبب المخاوف المتعلقة بسلامة الطرق، مستشهدة بأن نسبة الحوادث في المغرب أعلى بثلاثة أضعاف من إسبانيا، إضافة إلى قلة الإلمام بأنظمة مثل التاكوغراف الرقمي. كما حذرت نقابة مدارس تعليم القيادة من مخاطر السماح بتحويل الرخص دون التأكد من كفاءة السائقين.
وفي مايو 2025، أطلقت الحكومة الإسبانية منصة رقمية لتسريع عمليات تحويل الرخص مع نحو عشرين دولة، بينها المغرب. لكن رغم ذلك، ما زالت تتطلب التأكد من صحة الوثائق وفي بعض الحالات اجتياز اختبارات طبية أو عملية.
وبينما تصر الحكومة على أن سلامة الطرق "خط أحمر لا يُمس"، يرى المتضررون أن الحلول المقدمة غير كافية. وتقول يعقوبي: "نريد فقط أن يُسمح لنا بالعمل بكرامة".