آلاف الرقائق الإلكترونية لمحاربة قوارب الصيد العشوائي

آلاف المراكب غير المرخصة تفلت من المراقبة (أرشيف)
امحمد خيي

منذ تفجر حراك الريف بسبب مقتل السماك محسن فكري على خلفية زجره على أسماكه غير القانونية، والذي عرى أيضا ضعف مراقبة أنشطة الصيد البحري، تنشغل وزارة الصيد البحري بتجاوز الاختلالات والحد من عمليات الصيد غير القانوني والعشوائي، فكان آخر قرار، شرع في تطبيقه منذ أمس (الخميس)، تركيب رقاقات إلكترونية على قوارب الصيد التقليدي المرخصة، لتمييزها عن غير القانونية، ما أشاد به المهنيون دون أن يخفوا شكوكهم في جودة نتائجه المرجوة.

ويتعلق الأمر، حسب موظف كبير في قطاع الصيد البحري بوزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، برقاقات إلكترونية لتحديد الهوية بموجات الراديو (RFID)، انطلق تركيبها في ما بين 14 ألف و16 ألف مركب للصيد التقليدي (الفلايك)، تنشط على طول السواحل المغربية، وبهدف الحد من نشاط آلاف المراكب غير القانونية، يقدر الحسن الطالبي، رئيس جمعية أرباب قوارب الصيد التقليدي، "عددها الإجمالي بـ5000 على الأقل".

وأوضح مصدر "تيلكيل عربي" في كتابة الدولة المكلفة بالصيد البحري، أن الرقاقات الإلكترونية، من شأنها أن تمكن أثناء تفريغ قوارب الصيد لكمياتها من المصطادات السمكية، سيما الأخطبوط بالسواحل الجنوبية، المراقبين من معرفة هل القارب قانوني أم لا، إذ يعرف القطاع منذ سنوات تلاعبا يتمثل في بناء بعض الجهات قوارب بعيدا عن أعين مصالح المراقبة، وتمكينها من هويات مزورة، ممثلة في أرقام وأسماء قوارب أخرى مرخصة وقانونية.

وأضاف المصدر ذاته، أن عمليات تركيب الرقاقات الإلكترونية لتحديد الهوية بموجات الراديو التركيب، أعطيت انطلاقتها، أمس (الخميس)، من ميناء الصيد بمدينة المضيق، وشملت خلال اليوم 564 قارب للصيد التقليدي، تنشط بمختلف نقط الصيد التابعة للإقليم، من قبل موظفي إحدى الشركات التي استفادت من صفقة توفير الرقاقات الإلكترونية، وإشراف من بعض مسؤولي وموظفي كتابة الدولة المكلفة بالصيد البحري.

وفيما أكد النقابي عبد الحليم الصديقي، الكاتب العام للجامعة الوطني لموظفي الصيد البحري، التابعة للاتحاد المغربي للشغل، في اتصال أجراه معه "تيلكيل – عربي"، المعطيات المذكورة، قال الحسن الطالبي، ممثل قطاع الصيد التقليدي في غرفة الصيد البحري الأطلسية الجنوبية، إن المهنيين، يرحبون بالخطوة، لكن لديهم بعض التخوفات بشأن نجاحها، علاوة على معضلة العدد القليل من موظفي الصيد البحري المكلفين بالمراقبة والزجر.

وقال المتحدث لـ"تيلكيل – عربي"، إن "الأمر يتعلق برقاقات تتخذ شكل غطاء القلم، تقرر تركيبها من قبل الوزارة، بعدما تبين لها انتعاش صناعة وبناء قوارب الصيد التقليدي في أوراش سرية للنجارة، ثم تستغل في الصيد البحري غير القانوني بعد تضمينها هوية قوارب قانونية ومرخصة، وحينما تأتي المصطادات لا يتمكن المراقبون من معرفة على القارب الذي اصطادها مرخص أم لا، والآن يعول على الرقاقة لضبط القوارب السرية، وبالتالي زجر أربابها وحجزها وتدميرها".

وأضاف المتحدث ذاته، أن "هادشي دابا، نحن المهنيون، كانقولو مزيان، ولكن في الوقت نفسه، نعتقد أنه لا يصلح، لأن الرقاقة ستركب على الجدار الخشبي للقوارب، ما يجعل نزعها سهلا خلال فترات الليل، وبالتالي تخوفنا أن يفشل المشروع بسرعة وينتهي بخسارة مالية للدولة، في حين، شخصيا اقترحت على المسؤولين تركيب الرقاقات في مكان آخر، يصعب نزعها منه، ممثلا في ما نسميه الإسمنت (السيما)، لأن لا أحد يستطيع كسرها ونزع الرقاقة".

وفيما يرى الطالبي، وهو أيضا رئيس جمعية أرباب قوارب الصيد التقليدي بالداخلة، أن "خطوة الوزارة باعتماد رقاقات تحديد الهوية اعتراف منها باستفحال ظاهرة القوارب غير المرخصة"، أضاف أن المعضلة الأكبر في القطاع، والتي يجب أن تحظى بالأولوية، هي قلة أطر كتابة الدولة المكلفة بالصيد البحري، التي لها صلاحية المراقبة والزجر، علاوة على أن يتمتعون فقط بصفة عون قضائي محلف، وغير مرخص لهم بحمل السلاح، كما الشأن بالنسبة إلى مختلف أجهزة محاربة الأنشطة غير القانونية.

وبينما لفت المتحدث الانتباه إلى "مراقبي كتابة الدولة المكلفة بالصيد البحري، كثيرون منهم صاروا يترددون في تنفيذ القانون منذ حادث السماك محسن فكري بالحسيمة، إذ اعتقل الموظفون الذين طبقوا القانون ضد بضاعته من الأسماك المهربة، ولم تدافع عنهم الوزارة"، يتوج قرار تركيب الرقاقات، قيام حكومة سعد الدين العثماني، منتصف أكتوبر الماضي، باعتماد مرسوم جديد من شأنه أن يسمح بمضاعفة عدد موظفي وزارة الصيد البحري المكلفين بالمراقبة، من 236 عون إلى 700.

إقرأ أيضا: أخنوش يضاعف مراقبي خروقات الصيد في ذكرى مصرع فكري 

ويتعلق الأمر بـ"المرسوم الذي يغير ويتمم المرسوم المتعلق بتحديد فئات موظفي وزارة الفلاحة والصيد البحري، المؤهلين لبحث ومعاينة المخالفات التي لها صلة بملاحة سفن الصيد البحري وممارسة الصيد البحري"، ومن مستجداته السماح لفئة المهندسين التابعين لقطاع الصيد البحري بالوزارة، وباقي موظفيها المرتبين في السلم 10 للأجور، بممارسة مهام معاينة مخالفات الصيد البحري، ما سيسمح بمضاعفة العدد للمراقبين سابقا ثلاث مرات، أي من 236 إلى 700 على الأقل.