بعد سرده لمجموعة من أنشطة التي قامت بها كلية كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية – السويسي، وشقيقتها كلية الحقوق أكدال، شدد أحمد بوز، منسق فريق البحث في الأداء السياسي والدستوري، ورئيس شعبة القانون العام، "إنها مجرد أمثلة من عشرات إن لم أقل مئات المشاهد، التي يعصب علي تعدادها، والتي تؤكد أن الجامعة المغربية لا تزال فضاء منتجا للفكر، ومساهما في إعادة تشكيل الوعي الجماعي، وساحة للحوار المؤسساتي والمعرفي المسؤول، وأنها لا تزال قادرة على أن تكون ساحة للإبداع، والحوار، والنقد، والمبادرة".
وأضاف في كلمة افتتاح ندوة "الدولة الاجتماعية: المرجعيات، السياسات والرهانات"، المنعقدة بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية السويسي، اليوم الثلاثاء، "في إنها مجرد أمثلة تعكس الوجه الحقيقي للجامعة المغربية، الجامعة التي نؤمن بها وندافع عنها، لا تلك الصورة النمطية التي يراد أحيانا اختزالها في بعض مظاهر الفساد أو الرداءة وانعدام الضمير".
وتابع: "نحن هنا، من خلال هذه الندوة، لنؤكد أن الجامعة لا تزال قادرة على الانخراط الواعي والمسؤول في قضايا المجتمع، وعلى أن تكون طرفا أصيلا في صياغة البدائل، وفي مساءلة السياسات، وفي تثبيت القيم، بالرغم من بعض الصعوبات التي تواجهها".
وأوضح أنه "من أجل ذلك، استدعينا ثلة من المسؤولين في مواقع متعددة، ومن الباحثين والخبرات في مجالات متنوعة، لكي نتناقش بهدوء ومسؤولية حول مفهوم "الدولة الاجتماعية"، باعتباره أحد أبرز الرهانات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في مغرب اليوم، وأظنها ستظل كذلك خلال الغد القريب".
وذكر أنه "لقد التقت إرادتنا، كمؤسسة أكاديمية، وكبنية بحث، مع إرادة المرصد الوطني للتنمية البشرية، في شخص رئيسه عثمان كاير، الذي ينتمي هو الآخر إلى هيئة التدريس في الجامعة المغربية، لنؤسس جميعا لشراكة استراتيجية بين مؤسسة وطنية ومؤسسة جامعية، هدفها الأساسي تعزيز جسور التعاون بين البحث العلمي وصياغة القرار العمومي، وربط الجامعة بمحيطها المؤسساتي والمجتمعي، بما يخدم مسارات التنمية والعدالة الاجتماعية في بلادنا".
وأورد أن "الجامعة، في هذا السياق، ليست مجرد مكان لتلقين الدروس أو إجراء الامتحانات، بل هي ـ أو ينبغي أن تكون ـ منصة لتفكيك المفاهيم، لتقييم السياسات، لتوليد الأفكار، ولتكوين مواطنين قادرين على النقد، وعلى المبادرة، وعلى اقتراح البدائل".
وأبرز أن "الدولة الاجتماعية، كما نطرحها اليوم للنقاش، ليست مجرد شعار سياسي أو وعد انتخابي، بل هي أفق مجتمعي، ومشروع حضاري متكامل، يتطلب رؤى واضحة، ومؤسسات قوية، ونخبا متشبعة بثقافة الحق، والمساءلة، والتكافل، والعدالة الاجتماعية، وهو ما لا يمكن أن يتحقق دون إشراك الجامعة كفضاء لإنتاج المعرفة، وتأطير النقاش، وتخريج الكفاءات المؤهلة لبناء مغرب متضامن، عادل، ومتوازن".
وأشار إلى أنه "نحتاج إلى التفكير في الدولة الاجتماعية، لا فقط كاختيار تقني أو كسياسة قطاعية، بل كرهان على بناء الثقة، وإعادة توزيع الأدوار بين الدولة والمجتمع، وتجديد العقد الاجتماعي في ضوء التحديات الجديدة: من التفاوتات الاجتماعية، إلى التغيرات المناخية، إلى الثورة الرقمية، إلى الضغوط المالية التي تواجهها الدول في عالم ما بعد الجائحة وعالم ما بعد الحرب".