يوم الخميس الماضي، خلال الاستماع إلى كلمة الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى بايتاس، زدت اقتناعا بأن نظرية الأكوان الموازية يمكن أن تقنع كل البشرية حول العالم، إن هم اطلعوا على تجربة المغرب، وكيف يحاول من يحتلون مناصب الجمع بين "السلطة" والثروة تنزيل أننا نعيش فوق تراب وطن واحد، ينتج لنا جميعا نفس الفرص دون تمييز.
مؤشرات وأرقام المؤسسات الدستورية الموازية للحكومة تخبرنا بأن الأوضاع ليست بخير. وأخنوش، عبر جميع قنواته المتاحة دستوريا وغير ذلك، يحاول إقناعنا بالعكس.
قبل سنوات، أطلق نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي حول العالم مضامين محتويات افتراضية تتهكم على مظاهر الحياة، وتفاصيل عيش المواطنين، داخل رقعة جغرافية مشتركة، الفرق بين المنعمين ومن يشبههم ومن يحاول التشبه بهم ومن هم في الدرك الأسفل من العيش، الفرق الحقيقي بينهم يلخصه اسم الدولة في الاختلاف ما بين نطقها باللغة المحلية والأجنبية، خاصة الإنجليزية.
هذا الإبداع انتقل إلى المغرب، عاش تفاصيله من ينطقون اسم الوطن بالعربية أو الدارجة، وصل إلى الذين ينطقونه بالإنجليزية: "MOROCCO"، لكن استفادت الفئة الثانية من الاختلاف في النطق والواقع على حساب الأولى!
يتحدث رئيس الحكومة، على لسان ناطقه الرسمي بايتاس، عن "طفرة غير مسبوقة في كل شيء وأي شيء".
ما لا يخبرنا به هو وناطقه ومن يدورون في فلكهما، من يستفيد من الطفرة دون الرئيس وما يصل الناطق الرسمي من فتات؟
الجواب:
قبل سنوات، سمعت من رجل ثقة عند الدولة أن الأخيرة تفكر في إقرار ضريبة على طرح الأرقام والتسويق لها والاستفادة منها لأجل الأشخاص ومصالحهم وليس لأجل الوطن.
وهنا، أعود إلى ما جاء على لسان بايتاس، الذي يتحدث عن حجم الاستثمارات الوطنية والخارجية. يروج لكون حكومة عزيز أخنوش "حققت وتحقق ما لم يسبق لأحد تحقيقه".
أرقام ومعطيات وإحصائيات واستعانة بتقارير تنهل من خلاصات من يدورون خارج فلك الدولة، ومن يشتغل من داخلها، كل ما ينتج مصيره حاوية القمامة الافتراضية؛ لأن الواقعية منشغلة بسوء تدبير من يقودون مصير المغاربة محليا ووطنيا.
حين تتحدث الحكومة عن حجم الاستثمار، وأرقام أداء القطاع السياحي، وكم ننتج من سيارة في السنة، وكم نصدر من الخضر والفواكه، أو لنقل، صراحة، هنا، كم نصدر من السيادة على الأمن المائي.
حين تتحدث عن كل هذا، لا تضع مقابله من يستفيد وبكم يستفيد.
في القطاع السياحي، السواد الأعظم من مستخدميه، وحتى أطره، حالهم يلخصه رفض الأبناك منحهم قروض الاستهلاك؛ لأنهم يشتغلون داخل قطاع لم يغادر منذ جائحة "كورونا" المنطقة الرمادية، رغم أن أباطرته يراكمون الملايير.
الفلاحة، انقرض صغارها، وعجلت سنوات الجفاف بتنفع كبارها على حساب الزراعات المعاشية والأمن الغذائي للمغرب والمغاربة، مقابل كنز عملة صعبة لا تدخل خانات تقارير مكتب الصرف.
استثمارات أجنبية تحط بالمغرب لأجل عيون الحد الأدنى من الأجور. تخطب ود إقبار الحق في الإضراب. تتنفع من سهولة الاستغلال والطرد والحرمان من أبسط شروط الحصول على مستخدم في باقي دول القارة.
حقائق كثيرة، الوقوف عندها وعليها يؤكد أننا نعيش ما لم نعشه من قبل.
نعيش زمن صناعة وهم نمو اقتصاد الوطن، وهم التنمية لأجل من يعيشون فوق ترابه.