أحمد مدياني: ملحقة للبرلمان لدى مندوبية السجون

أحمد مدياني
أحمد مدياني

ثلاثون "ممثلا للأمة" سينهون ولايتهم التشريعية داخل السجون أو مروا بها، عوض الجلوس تحت القبة، وآخرون يملؤون قاعة الانتظار حتى تحين ساعة حسم ملفاتهم قضائيا، فيما يترقب البعض الآخر مآل التقارير التي صيغت ضدهم وما هو موضوع فوق طاولات التحقيقات.

مجلة Telquel قدمت في عددها لهذا الأسبوع بالأرقام والمعطيات، تفاصيل عن عدد البرلمانيين الذين أدينوا بالحبس أو السجن في قضايا مختلفة، أبرزها "الفساد ونهب المال العام واستغلال النفوذ والارتشاء والتزوير..."

جاء على رأس لائحة الأحزاب التي تتوفر على "تمثيلية برلمانية داخل السجون"، حزب التجمع الوطني للأحرار الذي يقود الحكومة، وذلك بثمانية برلمانيين يليه حليفه الأصالة والمعاصرة بخمسة برلمانيين، ثم أربعة من الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، ونفس العدد بالنسبة لحزب الاتحاد الدستوري، يليه كل من حزبي الاستقلال والحركة الشعبية بثلاثة برلمانيين، ثم حزب التقدم والاشتراكية ببرلمانيين (توصلت بتوضيح من قيادة PPS يشير إلى أن الأمر يتعلق ببرلماني واحد توبع في قضية رشوة وآخر حصل على البراءة)، وأخيرا الحزب الديمقراطي الاجتماعي ببرلماني واحد.

هذا مع دون اغفال أن العدد مرشح للارتفاع، وسباق تحديد المراكز بين الأحزاب يمكن أن يتغير في أي لحظة، خاصة وأن المنافسة مستمرة على من سيكون أكثر جشعا من الآخر، ومن منهم سيواصل استرداد أضعاف ما صرفه ليصل إلى شارع محمد الخامس بالرباط.

ما يقلق هنا. أن المشهد السياسي المغربي لا يتزعزع مهما كانت الهزات التي تضرب الفاعلين فيه.

تخيل لو سقط - من حزب أو أحزاب تقود الحكومة في دولة تحترم قواعد الديمقراطية والمحاسبة واحترام المواطن - هذا العدد من "ممثلي الشعب" في جرائم مرتبطة أساسا بتدبير الشأن العام. الأكيد أنها سوف تسقط بدورها، لأن شرعية قيادة الجهاز التنفيذي من شرعية المؤسسة التشريعية.

ومع ذلك، فإن عُقدت عندنا جلسات البرلمان بكراسي فراغة، فإن كراسي الحكومة والمسؤولية لن تفرغ أو تشغر.

ما يقلق أكثر، أن حجم جرائم نهب المال العام واستغلال النفوذ لحصد الغنائم، دليل على فساد جزء كبير من العملية الانتخابية. وهو مؤشر يؤكد باستمرار أن صفة البرلماني استثمار يدخل فيه الكائن الانتخابي برأس مال، يحرص بكل قوته وتركيزه على أن يتضاعف بسرعة خلال خمس سنوات، بغرض ضمان سيولة مريحة لاستثمار جديد خلال كل محطة انتخابية أو لنقل بصريح العبارة: محطة انتهازية!

وقبل طرح السؤال حول: هل تُحقق العقوبة الحبسية أو السجنية الغرض منها؟ يجب أن يسائل المواطن نفسه قبل غيره.

هنا استحضرت انتخابات جزئية أجريت مؤخرا بأحد دوائر منطقة الغرب، حيث أسقط اسم برلماني على خلفية تورطه في ملفات فساد ثقيلة. يعرف الصغير قبل الكبير هناك أن الرجل لم يقدم أي شيء للمنطقة وساكنتها، غير استغلال الفقر والحاجة ونهج مكر الاحسان الموسمي تجاه سماسرة الأصوات الانتخابية.

ماذا وقع؟

دفع بأحد أقاربه لتعويضه فكان له ذلك، بعدما غنِم عشرات الآلاف من الأصوات، مقابل بضع مئات صوتوا لمنافس يشهد له في المنطقة بنزاهته وكفاءته وحضوره في المشهد السياسي والجمعوي والحقوقي.

مشهد يؤكد كما غيره أن هذا الشعب بدوره يتحمل جزء كبيرا من المسؤولية.

شعب يلعن الفساد في المواقع فيما يَسند رموزه في الواقع!

وبالعودة لسؤال نجاعة العقاب... وبالنظر إلى حجم تأثيره... ومع الأخذ بعين الاعتبار أن نصاب تشكيل فريق نيابي داخل السجن اكتمل... لنا حق تعويض الجواب بطرح تخوف مشروع، وهو:

"لهلا يوصلنا للنهار لي يطالب فيه محترفوا الفساد بغرفة تمثيلية ملحقة لدى المندوبية العامة لإدارة السجون... يكملون من وراء زنازنها احترافهم للسطو على المال العام!"