صمت مطبق. تجاهل رسمي غير مفهوم تجاه هزة اجتماعية وإنسانية. صور وفيديوهات وشهادات تنتشر مثل النار في الهشيم بمواقع التواصل الاجتماعي، تتلقفها وسائل الإعلام الأجنبية، تعيد تدوير إنتاج المحتوى بشأنها كما يشاء خطها التحريري، وتتحول عند الذين احترفوا "معارضة يوتيوب" إلى منجم يسهل ترويج بضاعة معادنه.
ألا يستحق المغاربة أن يخاطبهم المسؤولون الذين يتقاضون الأجور من أموال الضرائب وخيرات الوطن لأجل هذا الغرض؟ يحتاج الوطن، اليوم، إلى الطمأنة، على الأقل، وقول الحقيقة، مهما كانت موجعة.
هل سننتظر حتى تصدر تقارير أجنبية؟ ثم نحتاج إلى صرف جهد مضاعف، ورصد ميزانية مضاعفة، من أجل شرح الوضع فقط، أو تصحيح البعض مما راج.
الخطير في القصة ككل أن المغاربة والمهتمين من الأجانب بما حدث ويحدث بمدينة الفنيدق وحواجز سبتة المحتلة تركوا لمنصات "تيك توك" و"يوتيوب" و"فيسبوك"؛ حيث تضيع الحقيقة وسط تزييف أكيد أنه موجود وموجه.
تحولت حسابات وصفحات وبروفيلات إلى صناع الرأي الأول والأخير، تحكمت في وعي جمعي تتراكم ردود فعله، بشكل خطير، ووفق نسق تصاعدي.
صباح اليوم الثلاثاء، استفاق رواد مواقع التواصل الاجتماعي على وقع صورتين يروج لأنهما تخصان "مجموعة من الشباب من الذين تم توقيفهم، خلال الأحداث الأخيرة". استغلال الصورتين يتم، بشكل متسارع واحترافي. في المقابل، ولا حرف صدر بشأنهما من مصادر رسمية توضح حقيقتهما.
كما قلنا في السابق، المواطن، اليوم، هو زبون مكره لدى ما يروج في الافتراضي. يحدد له، بقوة تسونامي المعلومات والمعطيات، ما يجب أن يتخذه من مواقف، وكيف يجب أن يصرف ردود فعله بعد الاقتناع، أو لنقل، الإقناع.
لماذا تتعطل قنوات تواصلنا الرسمية عند الأزمات؟ أليس عندنا من يحللون نتائج تأخر التفاعل؟ هل فعلا هناك من يتوهمون أن ما يحدث يختفي بمجرد انتهاء وقوعه؟
لا شيء يختفي؛ لأن قانون التاريخ هكذا منذ الأزل. كل شيء بمقدار يؤثر في الحاضر ويصنع المستقبل.
وما يخيف أكثر، أمام هذا الصمت المطبق، أن وسائل وأدوات وطرق ومحتوى التواصل لم تعد الكلاسيكية منها تحقق الهدف منها؛ لأن أجيال اليوم تنتظر نوعا من التواصل يمكن وصفه بلغة الإنسان الافتراضي الرقمي "تواصل برو-ماكس".