بعد أن صارت أزمة الماء تهديدا جديا للمغرب، وبدأت تتسبب في توترات اجتماعية، قررت الحكومة فتح ملف قياس المخزون الحقيقي من المياه بالمغرب. بعض المصادر في المجتمع المدني المهتمة بقطاع الماء، تقول إن آخر مرة تم فيها عمل مماثل يعود تاريخها إلى 1971، في وقت لا ترد شرفات أفيلال، كاتبة الدولة المكلفة بالماء على اتصالات بشأن استيقاء توضيحات حول الموضوع، بينما تتفق مختلف الدراسات على أن أزمة مياه حقيقية ستدق أبواب المغرب بحلول 2040.
بحلول 2019، يمكن أن يتوفر المغاربة على صورة أكثر دقة حول وضعية ثروتهم من الماء، إذ قررت الحكومة، عبر كتابة الدولة المكلفة بالماء، إطلاق صفقة من أجل إنجاز موسوعة خرائطية حول وضعية الماء بالمغرب، تحت اسم "الأطلس الهيدرولوجي للمغرب"، على غرار "الأطلس الهيدرولوجي السويسري"، الذي أنجزته سويسرا قبل 20 سنة، أي قاعدة معطيات ذات بعد إستراتيجي، مفصلة ومحينة، لفائدة الدولة ومختلف الفاعلين العموميين والخواص المتدخلين في قطاع المياه.
وسيرى "الأطلس الهيدرولوجي" للمغرب، النور في 2019، إذ سيتطلب إنجازه 12 شهرا من العمل، عبارة عن أعمال استقصائية حول الاحتياطي المغربي من الموارد المائية، وخريطة توزيعها على المستوين الوطني والجهوي، ونسبتها الكمية والكيفية، وطريقة تدبيرها واستعمالها، وسيكون ذلك عبر شريك خاص متخصص، من بين آخرين سيشاركون في طلب عروض الصفقة التي تطلقها كتابة الدولة المكلفة بالماء.
ويعتبر مسؤولو قطاع الماء بالمغرب، حسب معطيات أوردتها "لوماتان"، أن الموسوعة المرتقبة، ستكون بمثابة "نظام إعلامي مرجعي حول الماء بالمغرب، ومنطلق مختلف الدراسات اللاحقة حول الرصد والتخطيط والتدبير المتعلق بالماء"، كما سيتكون من "خرائط حول توزيع التساقطات المطرية ووتيرتها، وحول الأحواض المائة، والبحيرات، والشبكة الهيدرولوحية للمغرب، وتدفقاتها، وخرائط شبكة الرصد، من سدود ومحطات لمعالجة المياه، ووحدات مراقبة نوعية المياه وجودتها، وخرائط المناطق المهددة بالفيضانات.
وتفيد المعلومات نفسها، أن "الأطلس الهيدرولوجي" للمغرب، سيتهم أيضا، بتصنيف المياه حسب مختلف القطاعات، وأنواع استعمالها خلال السنوات العشر الأخيرة، بما في ذلك مياه السقي، ومطابقتها وطنيا وجهويا مع قدرات ومخزونات الأحواض المائية، بما يتيح الوصول إلى صياغة مرجع "هيدرولوجي"، يتيح كل المعلومات الأساسية والضرورية من أجل تدبير واستعمال أمثل للمياه بالمغرب.
المعلومات التي لم يتمكن "تيلكيل – عربي" من استيقاء تعليقات شرفات افيلال، كاتبة الدولة المكلفة بالماء، عليها، رغم اتصالات متكررة، تفيد أن "الأطلس الهيدرولوجي" للمغرب، ستنضاف إليه دراسة أخرى، تتعلق بقياس أثر التغيرات المناخية على الموارد المائية للمغرب في أفق سنة 2100.
ويأتي فتح الحكومة للورش المذكور، في وقت تبرز مختلف الدراسات الوطنية والدولية، أن أزمة مياه تتربص بالمغرب على المدى المتوسط، وآخرها، في أكتوبر الماضي، دراسة لـ"وورلد ريسورسز إنستتيوت"، تنبه إلى أن المغرب سيصل إلى وضعية إجهاد مائي مرتفع بحلول 2040، بسبب تجاوز الطلب على الماء حجم الموارد المتوفرة، وهو ما أكدته دراسة حديثة لمركز الأبحاث التابع للمكتب الشريف للفوسفاط، بإشارتها إلى أن الطلب على الماء متزايد مقارنة بالمتوفر منه، ويمكن أن تقع أزمة في 2050.
وفيما قال المركز ذاته إنه "من المهم اتخاذ تدابير عملية لضمان تكيف المغرب مع تزايد الأزمة، وأن يضع الأسس لمقاومة التغيرات المناخية"، خصوصا وأن نصيب المياه للفرد المغربي "مرشح للانخفاض من 450 مترا مكعبا حاليا إلى 1500 لتر، أي أقل من المعدل الذي تحدده الأمم المتحدة"، وهي المعطيات التي أكدتها الأمم المتحدة، في وقت سابق، بأن قالت إن نصيب المغربي من المياه انتقل من 2500 متر مكعب في السنة خلال 1960 إلى 500 متر مكعب حاليا.
وبالعودة إلى دراسة "وورلد ريسورسز إنستتيوت"، حول توقعات أزمة المياه في العالم خلال 2040، ففي الخريطة المرفقة، يتبين أن المغرب، من بين الدول المهددة بإجهاد مائي حاد في 2040 (اللون الأحمر).